الوحدة الحقيقية

الجوس بالكلمات
الوحدة الحقيقية
محمد كامل
قبل أيام كنت مدعواً لمائدة إفطار رمضانية صنعها احد الأصدقاء والزملاء القدامى ولما كنت في شوق لمقابلته والتعرف على أحواله خاصة وإننا لم نلتق منذ سنوات ذهبت بمعية الصديق آدم مراد وكانت لنا جلسة عجيبة مع الصديق المشترك عبد الوهاب محمد فضل المولى الرجل الثالث أو الرابع في منظومة العمل بجنوب السودان على أيام المرحوم أبوقصيصة والشهيد المشير الزبير محمد صالح ، لقد كانت أياماً جميلة تلك التي عاشها رجال الوحدة الحقيقيون قبل أكثر من عقد ونصف من الزمان يوم لم تكن نيفاشا في الأذهان أو على البال وإنما كان الرجال في الجنوب والشمال يعملون من اجل السودان الواحد الكبير الذي يتمتع أهله بتنوعه دون أن يحدث لهم فرق في اللون أو اللهجة أو حتى طعم الأكل في أقاليمه المختلفة ، وكان عبد الوهاب احد أولئك الجنود المجهولين الذين كان يحلو للمرحوم أبو قصيصة ان يناديه بـ( الوليد ) مع انه يعلم حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق ذلك الوليد ولما سأل الشهيد الزبير عن ماهية ذلك ( الوليد ) أرسله أبو قصيصة لمقابلته والاستماع إليه وسرعان ما رفع الشهيد سماعة الهاتف ليقول لأبي قصيصة ان الوليد نجيض ويمكننا الاعتماد عليه في برنامج الجنوب .
نعم ذهب اولئك الرجال الأفذاذ إلى رحمة الله وتبقى رجال آخرون ينتظرون ويحملون شتى المشاعر تجاه ما يجري اليوم في جنوب السودان وشماله على حد سواء ويستغربون اشد الاستغراب وهم يرون ما شيدوه عبر سنوات الكفاح والعمل المستمر والمال المصروف بالمليارات يوشك أن تذروه الرياح بفعل سياسات التخبط التي تصدر من أناس لا معرفة لهم بالجنوب ولا بأهله ولا يعرفون السر في علاقة الشمال بالجنوب التاريخية وآليات تغذيتها وما تمتد به من مسببات ، لقد حكى عبد الوهاب فضل المولى وهو من أهالي كدباس كيف أن الشيخ بيش الزعيم الجنوبي المعروف ومستشار الرئيس الحالي جاءه بمدينة الأبيض في حقبة التسعينيات بمعية ابن له يدعي محمد وطلب منه إيصاله إلى مدينة بور مسقط رأس الشيخ بيش ليزور أهله هناك ويتواصل معهم ويقضي وسطهم إجازة شهرين ، ويواصل عبد الوهاب الحديث أن محمد سافر بالفعل إلى بور ولكنه لم يستطع الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام وما لبث أن عاد إلى عبد الوهاب راجعاً طالباً الرجوع إلى الخرطوم وبسؤاله تبين أن محمد ابن الجنوب الذي عاش في الشمال لم يستطع العيش وسط أهله في الجنوب .
إنها حكاية الآلاف من أبناء الجنوب الذين نشأوا وترعرعوا في مدن الشمال ومثلها تبدو قصص التجار الشماليين الذين قضوا عقوداً من الزمان في مدن الجنوب وأسسوا اسراً وحياة لها طعمها ولونها ومذاقها الخاص ومن المهم ان يدرك السياسيون في الشمال والجنوب أن الوشائج الطبيعية التي تربط بين السودانيين من مختلف الأقاليم والاثنيات هي الوحدة الحقيقية التي تربط زوايا هذا الوطن المترامي الأطراف وانه لا مجال للمزايدة حول هذا الأمر وما يحدث من هرج ومرج حول الوحدة والانفصال إنما هو سمسرة سياسيين اوغاد يريدون التكسب عبر بيع قضايا الوطن والهاء الناس عن القضية الأساسية ، لقد كان الشهيد الزبير محمد صالح في مؤسسة الرئاسة وابو قصيصة في مؤسسة السلام والتنمية ومبارك قسم الله والأمين محمد عثمان في منظمة الدعوة الإسلامية وغيرهم وغيرهم يعملون لمثل هذا اليوم يوم تصبح قضية وحدة السودان سلعة بأيدي نخاسة الشريكين غير الوطنيين ، وكانوا يشيدون جداراً متيناً من العلاقات بين أبناء السودان ولكن للأسف الشديد جاء هؤلاء الأكلة فعكفوا على نخر الجدار حتى بدا اليوم وكأنه يوشك على السقوط .
الصحافة
وحدة منظمة الدعوة الاسلامية التى يقدم فيها الكساء والطعام لمن يشهر اسلامه مرفوضة مرفوضة حتى وان عادت الحياة لصحبك اللذين ذكرتهم بلمقال سيكون الرد كما هو