مقالات وآراء سياسية

المصالحة مع الإسلاميين !!

يوسف السندي

طرح من قبل البعض موضوع الوفاق والمصالحة مع الإسلاميين الذين شاركوا في انقلاب الإنقاذ في ١٩٨٩ وهؤلاء طيف واسع الان يضم أنصار المؤتمر الوطني والشعبي والإصلاح الآن وغيرها من الكيانات والأحزاب التي تناسلت من الحركة الإسلامية التي نفذت انقلاب الانقاذ، الوفاق والمصالحة ذكرت على لسان عدد من قيادي الفترة الانتقالية مثل مناوي وجبريل ابراهيم وعقار والشفيع سعيد وغيرهم، وأصبح الواقع السياسي يناقش فرضية المصالحة بقليل من الحدة التي كانت في أيام الثورة.

النميري والشيوعيون نفذوا انقلاب مايو ١٩٦٩ والذي انتهى فيه نميري بتنظيم الاتحاد الاشتراكي، وبسقوط نميري في ثورة أبريل ١٩٨٥ اختفى الاتحاد الاشتراكي ولم تعد هناك حاجة إلى إجراء مصالحات مع جسم غير موجود او ضئيل الحجم، ولكن جسم الإسلاميين المتبقي بعد سقوط الانقاذ بثورة ديسمبر هو جسم موجود ولا يمكن تجاهله والتعامل معه كأنه غير موجود، وفي ذلك فإن مناقشة أمر المصالحة الآن، بعد أن هدأت النفوس وتحولت الثورة الى دولة شيء محمود ويصف الثورة نفسها والثوار بالعقلانية والتجرد والبعد عن الانتقام.

اهم الشروط التي تقف أمام المصالحة مع الإسلاميين هي اعترافهم بخطا الانقلاب وعدم الرجوع إليه مرة اخرى، ففي حال استمرار إيمانهم بصحة الانقلاب وما ترتب عليه من واقع أفضى في نهاية الأمر إلى ثورة ديسمبر يكون من العسير الحديث عن مصالحة مع انقلابيين، فالديمقراطية التي ينشدها الجميع وتستهدفها ثورة ديسمبر لا يستطيع تطبيقها الا الديمقراطيون المؤمنون بالعمل السلمي الديمقراطي والكافرين تماما بالانقلابات.

لا تعني المصالحة إسقاط التهم والأحكام على الجناة من الإسلاميين، وإنما تعني الاعتراف بالخطأ من قبلهم وتقديم نقد ذاتي لتجربتهم وقبول الاعتراف والنقد الذاتي من الجميع والمضي قدما في بناء وحدة وطنية بين أبناء الوطن الواحد، فالديمقراطية المنشودة لن تقوم لها قائمة في ظل انقسام وطني وحروب مستعرة بين الكيانات، مهم ان يتوافق الجميع قبل الوصول إلى محطة الانتخابات، مهم ان يشارك كل أبناء الوطن بلا استثناء في المؤتمر القومي الدستوري وفي مناقشة قانون الانتخابات، والشعب سيكون هو الفيصل بين الجميع عبر الصندوق في اختيار حكامه.

كذلك نحتاج إلى مصالحة أخرى في قضية فض الاعتصام، هذه القضية تؤثر كثيرا جدا على الفترة الانتقالية وقد تعرقل التحول الديمقراطي المرتقب وتعيد البلاد لنقطة الصفر، لذلك مهم ان ينشط تيار سياسي أو مجتمعي من أجل وضع أسس عدالة انتقالية تستمع فيها أسر الشهداء إلى إفادات الراغبين في الاعتراف والتحلل من ذنب هذه الجريمة وطلب العفو، رتق النسيج الثوري والسياسي بمثل هذه الممارسات سوف يزرع الثقة المفقودة بين المدنيين والعسكريين، وستحقق مثل هذه الأفعال نتائج أفضل وأعظم من نتائج لجان التحقيق والأحكام الجنائية، ولنا في جنوب أفريقيا عبرة.

‫2 تعليقات

  1. والله يأخ السندي – الله يحفظك- ما تقوله عين الحكمة وعين العقل.. هناك أناس موتورين متعصبيين مصابين بلوثات عقائدية في ادمغتهم يقودون السودان نحو الهاوية في اهم قضيتنين وهما التوافق الوطني والذي أصبح انعدامه السبب الأول والاخير لهذا الانحدار المعيشي الذي نعيشه اليوم.. واذا اصر هؤلاء اليساريون الموتورين على هذا النهج سيجدوا انفسهم قريبا جدا مطاردين من قبل الشعب مثلما فعل مع الكيزان.. أقول قريييييبا جدا ربما تنقلب الامور لأن ما يحدث من جوع وفقر وعري قد تجاوز الحد.
    الشئ الاخر الذي يكشف لك أن اليساريين اشد غباء مليون مرة من الكيزان تهيجهم وتشددهم في موضوع فض الاعتصام! فبدلا من البحث عن طرق حكيمة لمعالجة الموضوع مع اسر الشهداء تجدهم يصرخون ليلا نهارا بضرورة الاعلان عن من قام بفض الاعتصام؟ طيب من قام بفض الاعتصام ما محتاج لتحقيق ودا شي حصل أمام الالاف من الناس وهو مسجل صوت وصورة!!!
    فإذا كان الهدف الصدامات المسلحة وخلط الاوراق فإن اليساريين سيكونوا اكبر الخاسرين سواء كنا قد خسرنا الوطن كله أو جاءت الخسارة بطبيعة فئوية!
    ما هذا الجهل الفاضح، وحين تغلبهم الحجة يقولوا لك ببلادة يحسدون عليها انت كوز!! دون ان يفتح الله عليهم بسطر واحد لمناقشة الفكرة!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..