
ما يميز وزراء حكومة حمدوك انهم جميعا يحملون درجات عليا من الشهادات مع خبرات عملية ممتازة .
بالطبع قد يلاحظ الجميع ان معظم هؤلاء الوزراء هم في الأصل سوف يأتون من خارج السودان ، و ان كثير منهم درس و تخصص و عمل خارج السودان ، و هذا قد يثير السؤال الاتي : هل يمكنهم و هم كانوا خارج السودان طيلة الفترة الماضية ان ينجحوا فيه ؟
بالنسبة للشق الأول من السؤال هم كانوا خارج السودان لأن نظام البشير لم يسمح لهم بالبقاء داخل السودان ، و لم يسمح لهم بالتأهيل و التطور و العمل ، نظام البشير اغلق بالضبة و المفتاح أبواب العمل للكفاءات السودانية و أبواب التأهيل و التدريب لأبناء الوطن ، و لم يمنحها الا لمنسوبيه من الكيزان ، لذلك كان طبيعيا حين جاء الدور على الكفاءة ان يكون معظم الوزراء بما فيهم رئيس مجلس الوزراء من الكفاءات السودانية بالخارج .
بخصوص الشق الثاني من السؤال حول أثر وجودهم في الخارج على عملهم بالداخل ، أعتقد ان معظم الأسر السودانية الآن لها على الأقل فرد أو اثنين في الاغتراب ، فهل انقطع ابناءهم المغتربين عنهم و عن مشاكلهم و عن ظروفهم ، أم ظلوا دوما حضورا في كل صغيرة و كبيرة تهم الاسرة و تهم الوطن ؟!!
في عصر التكنولوجيا لم يعد الاغتراب انقطاعا عن الوطن ، و في عهد تحول العالم إلى قرية صغيرة لم تعد الكفاءة و التخصص محكومة بالعيش في بلد محدد، إذ يمكن للطبيب السوداني العمل في اي مستشفى في الكون ، كما يمكن للمهندس السوداني ان يعمل في اي شركة في العالم ، و كذلك الحال في كل تخصص علمي ، و عليه فان الوزير المتخصص يمكنه أن يعمل بسهولة في اي وضع سوى كان فيه جسديا ام لم يكن من قبل .
ما يميز معظم وزراء حمدوك انهم كانوا يخدمون في المنظمات العالمية و هي منظمات شغلها الاساس هو مساعدة الدول حول العالم في التخلص من المشاكل ، و كثير منهم عمل في دول مختلفة و عايش تجارب مختلفة سياسية و إجتماعية و اقتصادية و كانوا جزءا من الأفكار و المشاريع التي طورت هذه الدول ، و بالتالي هذا وفر فيهم رصيدا ضخما من التجربة و الحس العملي و الإنتاجي، مما سيجعلهم جاهزين و مسلحين بالتجربة و الخبرة اللازمة علميا و عمليا لوضع حلول صحيحة لمشاكلنا المزمنة و قيادة بلادنا نحو القمة .
كل المطلوب ان يفسح لهذه الكفاءات و ان لا تلوث بأمراض السياسة المزمنة ،و ان يترك لهم المجال ليبدعوا خلال هذه الثلاث سنوات ، و ستجدون في نهايتها ان بلادنا قد أصبحت بلاد تسر الناظرين .
يوسف السندي