لكي تشرق شمس سوريا

لكي تشرق شمس سوريا

صلاح يوسف
[email][email protected][/email]

منذ سنوات ونحن نتجرع عصارة الأخبار التي تنقلها القنوات الفضائية عن عالمنا الثالث الذي يدور في فلك واحد لا يغادر محور الصراعات والمآسي والحروب فلا يكاد ينتهي أو يهدأ أوار الخلاف أو القتال في منطقة حتى تشتعل نيرانه في منطقة أخرى حيث تتفرغ لها القنوات وتلقي عليها ثقلها بحرفية ماهرة0 ونتيجة للتكرار وقرع طبول الحماسة والتغطية الفورية والتحليلات المتقاطعة يتصدر الخبر في منطقة معينة نشرات الأخبار التي كدنا أن نحفظ مفرداتها لدرجة أنك جراء المراوحة في مكان واحد لا تعرف التفريق بين ما قيل بالأمس وما يقال اليوم0 وعندما بدأت الثورات العربية في تونس وليبيا ومصر واليمن والبحرين، كان الطهاة في سوريا يقلبون، بدايات موجة الغضب والمطالبة بالإصلاح قبل أن يصبح تغيير النظام مطلباً، على نار هادئة حتى ظن البعض أن بإمكان القائمين بالأمر التحكم فيها بوضع توابل ومحسنات تجعل أطباق المائدة مستساغة للهضم، غير أن التصاعد المخيف وخلو الساحة من القضايا الساخنة أدى إلى التركيز هذه الأيام على الصراع في سوريا فصار الأمر معقداً ومحزناً في ذات الوقت.

ليس هناك أدنى شك في أن معالجة ما يدور في سوريا أربك حسابات كبار عائلة مجلس الأمن الذين يتحركون وفق مصالح غاية في الحساسية مربط الفرس فيها وقوف إيران إلى جانب النظام السوري والخوف على إسرائيل إذا ما تم إثارة إيران بأسلوب ينتهج التدخل القمعي لسوريا مثل الذي نفذ في ليبيا مع أن الواقع المأساوي لا يحتمل التراخي أو التجاذب أو السكوت0 فمثلاً نجد إن روسيا والصين حين وقفتا حجرة عثرة أمام قرارات رادعة للنظام السوري تنظران للأمر بعين واحدة وكليلة عن العيب، فالتف مجلس الأمن وآثر انتهاج الحلول التفاوضية وإرسال المبعوثين الذين بحت أصواتهم وجفت أقلامهم من كتابة المخارج بلا طائل0 ولعل آلية المعالجة التي دفع بها مجلس الأمن ويقتصر عملها على الرقابة ورفع التقارير ليست ذات جدوى مع تسارع الأحداث وما نتابع من قمع دموي قفز بعدد الشهداء والضحايا إلى أرقام خيالية ودمار وصل مرحلة استخدام المروحيات لضرب مناطق سكنية لإسكات تظاهرات سلاحها الحناجر0 ويبدو لأن الجمل لا يرى اعوجاج رقبته ولا يسمع لمن يقول له بأن رقبته معوجة، فقد ظل النظام السوري يكابر ويعتبر أن ما يحدث لا يعدو أن يكون سوى أصوات شريحة منقادة وقليلة قياساً بعدد الذين لا زالوا يقفون خلف النظام.

صحيح أن هناك من يقفون خلف شبل الأسد سواء كان ذلك عن قناعة أم خوفاُ من العواقب ولكن التجارب في مختلف البلدان التي غشتها نسائم الربيع أثبتت أنه بمجرد زوال النظام ينحسر مد الذين كانوا يقفون خلفه حتى لا نكاد نسمع لهم صوتا0ً فإذا طرح الثوار فكرة التعايش مع صغار سدنة النظام ومؤيديه من الخارج – باعتبار أن الماسكين بزمام الأمر فعلياً عصبة معروفة – وأمنوا على حقهم في التعبير الحر في إطار بديل ديمقراطي عادل سيساعد ذلك على تقلص أعداد المؤيدين لنظام الأسد وبالتالي يتم نخر عظام النظام من داخله بإيقاع بطيء0 أما إذا كان هدف الثوار بعد الانتصار هو التنكيل والانتقام من كل الذين لم يقفوا معهم، فقد يزيد ذلك من تمسكهم حماية للنفس قبل حماية أركان النظام الشيء الذي سيجعل سوريا كمرجل يغلي لسنوات طويلة0 وإزاء هذه التعقيدات ليكن ديدن الجميع ? مجلس الأمن من جهة والثوار من جهة أخرى – العمل على حقن دماء الأبرياء وترتيب البيت السوري بما يحفظ توازن ومكانة ودور سوريا في المنطقة.

تعليق واحد

  1. اذا قارنت يا استاذ بين نظام البشير وسوريا الوضع مختلف تماما النظام السورى احسن بالف مرة من الانقاذ النظام السورى اشبه بنظام استالين فى روسيا الشيوعية القديمة (الاتحاد الاتحاد السوفيتى سابقا) انا لا ادافع عن شمولية ودكتاتورية الانظمة المتسخة ولكن بشار الاسد احسن من البشير بالف مرة فى كل شىء علاج مجانى تعليم مجانى ودعم من الدولة للرعاية الاجتماعية للاسر والدولة العربية الوحيدة التى مديونيتها تساوى صفر والمواطن عايش كويس وساكن كويس لكن مافيش ديمقراطية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..