ليس بالموسيقي وحدها يتثقف الإنسان

ليس بالموسيقي وحدها يتثقف الإنسان
صلاح يوسف
[email protected]
نردد كثيراً المقولة الشائعة (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) وعندما يرد ذكر الخبز، ليس المقصود هنا ذلك الخبز المادي الذي تنتجه المخابز الأوتوماتيكية وإنما نريد للخبز أن يكون رمزاً لكل مكونات قوت الإنسان لملء الجوف الفارغ وإسكات نداء البطن إضافة إلى ذلك الخبز المعنوي الذي يبحث عنه الإنسان في رحلته الحياتية، لأن احتياجات الإنسان لكي يحيا بحرية وعزة وكرامة وعدالة كثيرة وفضفاضة0 وحتى نكون واقعيين، فلو تحقق أي جزء منها أو الكل بمعايير جزئية قد يكون كافياً ويجعل الحياة مستساغة إلى درجة لأن توفر كل شيء سيجعل الحياة السهلة المنال باهتة بلا طعم0
دعونا هذه المرة إزاء المد الموسيقي أن نقول (ليس بالموسيقى وحدها يتثقف الإنسان)0 ويجئ هذا القول لأننا نلحظ تركيزاً على الأعمال الموسيقية والغنائية في الساحة الثقافية العامرة بمخزون وافر من الأعمال المسرحية والآداب والفنون الجميلة دون حراك0 صحيح أننا نبذل هذا الاهتمام تحت شعار مهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى وقد بدأ الإعداد والتسويق له قبل فترة في أنشطة موسيقية غنائية قامت بها وزارة الثقافة ولم تبخل عليها بشيء0 غير أن المتابع يدرك أن (قيدومة) المهرجان كانت أثرى وأنجح من المهرجان ذاته من حيث التجويد وانتقاء المبدعين0 وكل ما أتمناه أن لا تكون ميزانية الثقافة أهدرت في هذا القطاع مع إغفال القطاعات الأخرى التي ظلت تجلس في مقاعد المتفرجين0 فقد سمعنا عن مهرجانات للمسرح والثقافة توقف الوعد بها عند بوابة الانتظار فلا هي قامت ولا هي تمخضت عن دعم لموسم مسرحي يحرك المياه الساكنة التي أقدم البعض على تحريكها بمجهوده الذاتي لضمان استمرارية هذا الضرب من الفن الذي يعد أبو الفنون0
لا يعقل أن تتلخص كلمة دولي في مشاركات لبعض الدول التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة وبعناصر أشك في أن يكون تمثيلها تم وفق اختيارات انتخبتها تلك الدول إذ شاركت بعض الدول بشخصين وبأعمال لا نستطيع الحكم عليها عما إذا كانت هي خلاصة ما توصلت إليه تلك الدول من إبداعات أم أن الأفراد الذين جاءوا قاموا بتمثيل بلدانهم بنماذج اجتهادية مما يجعلني أحسب أن أغلب الذين شاركوا بأسماء بلادهم متطوعون أو أفراد جاءت بهم جهات تعني بالثقافة والفنون مثل معهد جوته الألماني وهو محل تقدير0 وعلى هذا القياس ينهض التساؤل حول هل حقق المهرجان أغراضه في عكس الصورة الفعلية لخلاصة العطاء الموسيقي الذي وصلته تلك الدول أم أن الأمر مجرد مشاركات لا تطمح في أكثر من أجر الاجتهاد0
ونحن حينما يعزم البعض منا على المشاركة في المهرجانات العالمية بأعمال مسرحية أو غنائية أو شعرية، تقوم الدنيا ولا تقعد قبل أن يقع الاختيار على الأشخاص أو العمل الذي يحق له تمثيل البلاد حتى لا ينقلب الأمر إلى تمثيل بسمعة البلاد بل كثيراً ما نغيب عن المشاركات بسبب التمويل أو عدم القناعة بمستوى العمل، بينما في بعض الحالات يتحمل المبدعون أعباء المشاركة التطوعية أو بالمباركة مع قليل من الدعم تفاديا لغيابنا عن الظهور0 هل يا ترى مرت وفود الدول المشاركة بما يقع ضمن هذه الضوابط أم أن أفرادها قفزوا ولبسوا عباءة المشاركة التطوعية؟0