لبوس الاسلام

مر الغرب بذات ما يمر به المجتمع الإسلامي من ارهاب وصراعات طائفية ومذهبية ، ولذا أعتقد بأن أسباب صبر الغرب على الثقافة الإسلامية داخله يأتي بسبب اعتقاده بأن هذه الرجعية في العقلية المسلمة حالة مؤقتة وصيرورة تاريخية حتمية . ما أراه أن هذا الاعتقاد خاطئ ؛ ﻷن المدخلات في الحالتين مختلفة وبالتالي المخرجات ؛ ومن أهم هذه المدخلات هو انعدام وجود مؤسسة دينية واحدة يمكن مواجهتها بحيث ينهار الدين نفسه بانهيارها كما كان الحال في المجتمعات المسيحية السابقة ، فالإسلام مطروح بمسلمات هي الوحيدة التي يمكن بهدمها هدمه كالقرآن والسنة ويأتي أخيرا التراث الفقهي كنقطة ضعف يشتغل عليها أدعياء التجديد أو التطوير. وفوق ذاك فإن الإسلام بمجموعه الكلي مشكل ابستمولوجي للحراك الفكري بل والاجتماعي كذلك ويؤثر بقوة على العقل الفردي رغما عنه. عمل ولا زال يعمل البعض على تفكيك التراث والقرآن والسنة ﻷعادة طرح إسلام علماني ولكن هذه الجهود إما أنها فردية أو إنها غير عميقة ، كما أنها تواجه بحرب شعواء من الفقهاء الكلاسيكيين بمذاهبهم المختلفة .. وهي جهود على قلتها لا تستطيع أن تتنزل إلى مستوى القاعدة بل هي جهود لا تكاد حتى أن تطرح انتشارها على مستوى الانتلجنسيا ، كما أنها تتحرك -داخل نرجسيتها- حركة عشوائية غير منظمة وغير ممنهجة ، بل مجرد اجتراحات مفاجئة وموزعة بغير هدى على دواليب الفكر الحديث. وهذه الحركة الفردانية في أغلبها لايمكن أن تشكل -وهي بهذا الأفق- مدرسة قائمة بذاتها تستطيع أن تستقطب حلفاء لها وأنصار ومن ثم زراعتها داخل سلطة سياسية تخرج بها إلى نور التطبيق والممارسة . ومن ثم لا يزال العقل الإسلامي منقسم إلى فسطاطين وبينهما هذه المتفرقات الحداثوية إن جاز التعبير.
كتب محمد أركون ولكنه كتب بلغة متعالية وبمقارنة قسرية عن العالمين الإسلامي والمسيحي ، وكتب نصر حامد أبو زيد ولكن بلغة متلعثمة وبغير منهج وكتب غيرهما ولا تزال الكتابات تتحرك بغير نقاط ارتكاز ولا أثر لها سوى الشهرة الشخصية. لكننا لم نر مشروعا -حتى الآن- متكاملا في فروع العلوم الإسلامية المختلفة ، وبانقطاع الفترة السيكولاستيكية القديمة التي كانت تشكل مذاهب المعتزلة انقطعت حركة التجديد الديني ، وأعتقد بأن سكولاستيكية حديثة هي نقطة الإنطلاق التي لابد من الاستناد إليها بمشروع جماعي كلي من قبل المفكرين والفقهاء المعاصرين . إن عملية الربط بين مكونات العلوم الحديثة والمصدر الإساسي في الإسلام -وهو القرآن- هي العملية التي يمكن أن تنشئ مدرسة لها حياتها ووجودها داخل مسرح الحرب المفتوح أمام القوى الراسخة بكل ما يدعمها من زخم تراثي . فالقضية الجوهرية هي قضية منهجة ، والمنهجة بحد ذاتها تحمل قوتها في عظمها ولا تحتاج إلا إلى إلقاء النرد على الطاولة لتتحرك بمفردها ودون حاجة حتى إلى مفكرين عظماء ، كما أنها تقلل من الإحتكاك والمواجهة غير المتكافئة مع النظريات الكلاسيكية بل وتقلب ميزان القوى رأسا على عقب دون أن يكون بالإمكان الطعن في نتائجها ومخرجاتها العلمية المدروسة. فالقضية ليست قضية صخب بل هي رسالة لإخراج الإسلام نفسه من ظلمات عقول أصحابه إلى نوره هو كمحض دين مفارق للعقل ومشتغل فيه.
أمل الكردفاني
10أبريل2015

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. معقول مجهود اركون ونصر حامد داك كله يبقى لغة متلعثمة! انت زول موهوم ساكت. الشغل دة محيط كل زول بيضيف فيه حسب امكانياته قطرة قطرة. لكن قصة تختصر مفكر زى نصر حامد فى كلمتين دى مافي زول فى الدنيا سبقك فيها

  2. من مقال لهادي بن رمضان http://thevoiceofreason.de/ar/article/15245
    … لن تجد بين العقائد شرا بمثل ما يحمله الفكر الديني من بذور للشر .. و لن توجد عقيدة تحمل بذورا للشر بالقسوة والبلادة والكثرة التي يحملها الدين … إذا فالدين هو أصل أضخم الشرور … كيف ينتقل الدين من الشر النظري – الإيمان – إلى الشر الفعلي – الإرهاب …
    يقوم الدين (الأديان الإبراهيمية الكبرى) على مجموعة من العقائد ترتكز على وجود الله في مقام أول .. ثم الرسالة والنبي في مقام ثان .. ثم تعاليم تهتم بكل جوانب الحياة الأرضية منها والغيبية والهدف من الرسالة كما يفسر المتدينون هو إنقاذ البشر من الضلال الذي وقعوا ويقعون وسيقعون فيه وتحقيق الغاية من الإستخلاف في الأرض وهي العبادة وإقامة الحكم الإلهي … يقسم المتدينون العالم إلى قسمين : قسم متدين مؤمن , وقسم جاحد كافر . أما القسم الأول فقد خصته الرسالة الإلهية بالمديح والثناء و الوعود بمكافأة الخلود في الفردوس المليء بالهدايا من خمر وملبس وقصور وطعام و حور عين للجنس كما في الإسلام والذي تختلف فيه الحياة الأخرى الخالدة عما تقدمه المسيحية … أما القسم الثاني فهو قسم الكفار والمشركين والمرتدين والجاحدين المنكرين لوجود الله والرافضين للرسالة والأنبياء .. وهؤلاء تعدهم الرسالة بشقاء وعناء إما في الحياة الدنيا أو بالعقاب في الاخرة حيث ينتظرهم الجحيم فرن هائل الحجم لامحدود الموارد صنعه الله الرحيم وجند له حراسا ومعذبين من الملائكة للإشراف على أعداد لا تحصى من البشر يدخلون هذه النار مكبلين في القيود والسلاسل للتعرض للحرق والتعذيب الأبدي بلا نهاية تبدل جلودهم وهياكلهم جلودا وهياكل أخرى كلما اكتوت بلهيب الحريق …
    هذه العقيدة المشتركة بين الأديان الإبراهيمية في تقسيم البشر هي من ركائز الفكر الديني … وبإنتفائها أي إنتفاء هذا التقسيم وبالتالي فكرتي الثواب والعقاب فلن يكون حينها لوجود الدين أي مهمة أو معنى أو حوافز …
    هذه العقيدة التي ترى بأن غير المؤمنين مهما كانوا أشخاصا صالحين وعباقرة خدموا الجنس البشري … تراهم كفرة ضالين منكرين “للنور الإلهي” مخلدين في الجحيم معرضين للعقاب الأبدي .. هذه العقيدة المفرطة القسوة والبذاءة التي لا يرى معتنقوها أي حرج في الإلقاء بـ مليارات من مليارات البشر أو أكثر في النار لمجرد أنهم لم يجدوا دليلا كافيا للإيمان .. أو رفضوا الإيمان لتعارضه مع مصالحهم وإحتياجاتهم النفسية والطبيعية .. هذه العقيدة هي سبب إطلاقنا صفة الشر المطلق على كل ما هو ديني وهي السبب في تصنيف الدين كأكثر العقائد إجراما ودموية وعنفا … فالدين إذا هو كبرى الشرور والإيمان به لوحده هو إعتناق للشر ومن ثم تسويغه كخير ورحمة وعدل ! ولهذا فالأصل في الدين هو الشر ومجرد فعل الإيمان هو شر نظري .. قد يبقى كشر نظري لا يتجاوز حيز الإيمان والأفكار .. وقد يتجاوز ذلك إلى الشر التطبيقي وهو الإرهاب الديني أخطر أنواع الإرهاب والأشد فتكا والأصعب مقاومة وإجتثاثا … وما الحروب الصليبية بين الكاثوليك والبروتستانت أو الحروب الطائفية بين السنة والشيعة أو الهجمات الإنتحارية داخل الأسواق والأحياء السكنية والمستهدفة للمدنيين بشكل مباشر أطفالا وشيوخا ونساءا بلا نهاية إلا مثالا عن قبح العقيدة التي يقوم عليها الدين والتي تقسم الناس إلى مؤمنين أخيار مستحقين للثناء والبقاء ومشركين وكفرة أشرار مستحقين للعذاب والزوال .. مهما فعل الصنف الأول من الشرور التي لا تتعارض مع أسس العقيدة ومهما فعل الصنف الثاني من الخير والسلام …
    فإذا كان الدين شرا مطلقا فكيف يتحول من النظرية إلى الإرهاب ؟ وما الدوافع إلى ذلك ؟ وما المبررات التي يقدمها المتدينون ؟ وهل الدين هو العقيدة الإرهابية الأولى بلا منازع أم تتفوق عليه بعض المذاهب العلمانية المادية في ذلك كما يزعم المتدينون كذبا و تضليلا ؟

  3. عملية الربط بين المصدر الاساسى للدين الاسلامى والعلوم الحديثه تمت وانتشرت نتائجه وتزداد انتشارا بصوره لا يتصورها عقل مستفيدة من وسائل الاتصال الحديثه.. والاعتراف بالنتائج الحقيقيه لهذا الربط يمثل المرحله القادمه من تاريخ هذه المنطقه وسوف يكون لموجات التطرف هذه الاثر الابلغ فى استعجال الاعتراف العلنى بهذه النتائج .. اركون وابوزيد وفوده وربما محمود محمد طه وغيرهم كثر كانوا يتحركون فى اطراف حدود الممكن تحياتى

  4. مثل هذه الكتابات تخاطب جذور الازمه بصوره مباشره . ولا اعتقد ان هنالك ازمه فى المنطقه بخلاف تلك التى المحت اليها . شكرا كثيرا لك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..