انسنة المرأة

مدخل:
ونحن في ايام الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة وعلى بعد ايام من عيد الأم تستحق مننا المرأة السودانية وقفة لانصافها فكريا بعد ان غيبها الفكر الغربي والعربي داخل انوثتها فقط، وقبل بداية المقال نترحم على كل شهداء الحرية واخرهم الشهيدة سمية وكل الارواح التي لا ندرك اصحابها في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق، تلك الارواح التي فارقت اصحابها وهم يحلمون بوطن يسع الجميع.

السؤال عن المراة:
يتفرع السؤال عن المراة من السؤال عن الذات الانسانية الكلية بالنسبة لمجتمع ما، فهو ياتي بعد سؤال من هو الانسان او الذات ومن هو الاخر، ثم داخل الذات من هو الرجل ومن هي المراة، وقد اجابت فقط الثقافة الغربية والعربية على هذه الاسئلة ومن ضمنها سؤال من هي المراة؟

الفكر الغربي والانوثة:
كانت اجابة من هو الانسان او الذات الكلية عند الفكر الغربي على انه الفرد الابيض الغربي ولم تشر اليه مباشرتا داخل الفكر الفلسفي ولكنها اشارت الى قيمه ومفاهيمه باعتبارها القيم الدالة على الانسانية، واستوعبت الرؤية الكلية للفكر الغربي الاختلاف بين المرأة والرجل كاختلاف عضوي بين الانوثة والذكورة، اما التركيب الانساني من حيث النفسي والعقلي فهو واحد، وبالتالي ظهر مفهوم المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة كفكرة عمل المجتمع الغربي عبر تاريخية الطويل على تاكيدها من خلال قيم وسلوك وعادات محددة، وتفننت المراة الغربية في ظهار ذلك الاختلاف المتمثل في الانوثة كتاكيد على اختلافها وحريتها الشخصية المتمثلة في المساواة الكاملة مع الرجل، وزاد على ذلك وجود انثي مجتمع التحولات الاجتماعية كرمز للمراة مع ما يصدره مجتمع التحولات من قيم وعادات وسلوك للكل المجتمعي، وبما ان الانوثة هي اختلاف انحصرت هموم المراة الذاتية داخل انوثتها وتريد ان يراها كل المجتمع كانثي اولا ثم انسانة بعد ذلك.

تحولت المراة نتيجة لاعتبارها انثي فقط الى سلعة تجارية من شعرها الى اظافرها واستغل البعض بحيث لا يرى من المراة الا انوثتها فقط، واستسلمت المراة لذلك التعريف واصبحت تتنافس مع غيرها في تاكيد من هي الانثي الاقرب الى المثال، باعتبار ان تلك الانثي تمثل المراة الكاملة.

قوقعة المراة في الفكر العربي:
استخدم الفكر العربي الاجابة العرقية لسؤال من هو الانسان، فكانت اجابته بانه الانسان العربي، اما الرجل والمراة فقد انشاء الفكر العربي تراتبية بينهما وجعل الرجل في المقدمة والمراة خلفه، وانشا تلك التراتبية بناء على ثنائية الذكورة والانوثة فقط، ولان قصور المراة عن اللحاق بالرجل يكمن في انوثتها فقد كان عليها حجب تلك الانوثة وباعتبار ان كل المراة انثي وهو الاختلاف الوحيد بين الرجل والمراة لذلك كان عليها حجب ذاتها كاملة، وتكفل المجتمع بالباقي وانشا قيم ومحددات تتماشي مع تلك الفكرة.

قد يقول قائل ان حجب المراة او حجابها هو امر ديني وليست فكرة، ونقول له سناتي الى ذلك في حينه عندما نرى كيف حول الفكر العربي الارشاد الالهي الى اوامر تتماشي مع الفكرة الاساسية للذات الكلية والتقسيم داخل المجتمع.
فرض موضوع المراة ذاته على الفكر العربي باعتباره الاثر الظاهر للتحولات الاجتماعية مع استمرار تعريف الذات الكلية باعتبارها الانسان العربي والاخر على حالهما، فتفنن من يسمون انفسهم بعلماء الدين بالذهاب بالمراة شرقا وغربا حسب وعي ذلك العالم ورؤيته الكلية.

وانقسمت النساء بين مستسلم لتلك الفكرة باعتبارها فكرة دينية الهية وبين مقاوم لها دون مساعدة من النخب لتتجاوز تلك المراة هذه المعضلة ولذلك راينا المراة الواحدة تتراوح بين هذا وذلك فهي مرة مع تلك الفكرة ومرة اخرى مناهضة لها ومرة ثالثة هي بين بين.

المراة والمجتمع السوداني:
تميز المجتمع السوداني عن باقي المجتمعات باحتوائه على كل مراحل التحولات الاجتماعية من اسرية وعشائرية وقبلية الى مجتمع تحولات ثقافي، وكذلك تميز بعدم وجود فكرة كلية للذات المجتمعية رغم المحاولات النخبوية في تبيئة الفكر الغربي او العربي الا انها فشلت، ولذلك لا نجد ان المراة مساواية تماما للرجل حسب الوعي السوداني وكذلك ليست هي اقل قيمة من الرجل، ففي كل المجتمعات لا وجود لاشتراطات محددة لزي المراة او عملها اذا كان في المجتمعات الرعوية او الزراعية وعلاقتها بالرجل الا حسب مرحلة تحولات المجتمع الذاتي اذا كان عشائري او قبلي او مجتمع تحولات ثقافي، وهو ما ساعد مجتمع المدن الذي نشا بعد ذلك ان ينظر الى المراة باعتبارها انسان مختلف دون ان يحدد هوية ذلك الاختلاف واين يكمن، ولم تتوقف تلك النظرة رغم محاولات النخب السودانية الموقف الغربي او الموقف العربي، وهو ما جعلنا نرى المراة في كل مجالات الحياة دون ان يقول احد انها مساوية للرجل، وكذلك نجدها في المنزل دون ان يذكر احد انها اقل من الرجل، وحتى القوانين السودانية كانت دائما عرضة لذلك الوعي المجتمعي الذي اصبح سائدا، ولم يمر كل ذلك من دون تضحيات حقيقية قدمتها المراة اولا ثم بعد ذلك المجتمع وتحديدا بعد 89 عدما اراد الترابي صياغة رؤية كلية للمجتمع السوداني قائمة على الفلسفة العربية التي تنظر الى المراة باعتبارها اقل من شانا من الرجل، ولكن لاختلاف التحولات من مجتمع اسرى وعشائري وقبلي ومجتمع تحولات تاهت مشاريع الترابي الطوباوية وتم توظيفها من قبل مجتمع التحولات لصالحه فقط

المراة وفلسفة التحولات الاجتماعية:
ترى فلسفة التحولات الاجتماعية المراة كانسانة اولا وكانثي ثانيا كما ترى الرجل كانسان اولا وكذكر ثانيا، فاذا لم تكن المراة انسانة لا تستطيع ان تكون انثي، فالوعي الانساني هو الذي يوظف ويحرك الانسان وليس العكس كما راينا عند الفلسفة الغربية التي فصلت بين الانسانية والحاجات الطبيعية وجعلت كل واحد منها ادواته التي يمكن ان يتصادم بها مع الاخر، فاذا ترى فلسفة التحولات الاجتماعية ان الرجل والمراة ليسوا متساويين او احدهما اقل من الاخر ولكنهم مختلفين، وذلك الاختلاف لا يرجع الى مفهوم الذكر والانثي ولكن الى الوعي الجيني الذاتي بين الرجل والمراة، فكل منهم يحمل وعي مختلف للحياة وطريقة العيش بها، ففي حين يبحث الرجل من خلال وعيه الجيني الى الغايات والوعي بالكليات تبحث المراة عن اثر الكلية في الحياة الانسانية، فلا تختلف انثي عن الاخرى في التفاصيل الجسدية ولكن تختلف انسانة عن الاخرى من حيث وعيها الجيني ومرحلة تحولاتها الانسانية والدور الذي يجب ان تقوم به داخل المجتمع الجزئي والمجتمع الكلي، فتتكامل المجتمعات بتكامل ادوار ابنائها وتتقاطع بتقاطع ادوارهم.

فعلى المراة ادراك دورها في الحياة الانسانية فدورها كانثي هو دور ضمن الدور الانساني الكلي كما الذكورة كذلك هي، فيجب ان ترفع انسانيتها فوق الانوثة ويجب ان تدرك ان الحاجات الانوثية هي حاجات يتحكم بها وعي حقيقي وليست غرائز حيوانية كما يدعي الفكر الغربي، وان الانوثة هي ملك حصرى لا احد يستطيع ان ينزعه منها ولكن ادراك الانوثة كجزء من حياتها وليس كل حياتها هو ما يحتاج الى الوعي والى البحث، ويجب ان لا تبحث الانثي عن من ينظر لها كانثي وذلك لان اغلب المجتمع ينظر لها من خلال هذا المنظور ويريدها ان تبقي كذلك ولكن يجب ان تبحث عن من ينظر لها كانسانة حتى تدرك قيمة انسانيتها.
واخيرا يجب ان تدرك المراة ان الجمال فكرة ابتدعتها مجتمعات التحولات من خلال القيم التي تمررها الى بقية المجتمع، ولان كل امراة تحمل في داخلها انثي فيجب ان تدرك انها جميلة بصورة ما وان تترك مقاييس مجتمع التحولات لان كل مجتمع له اثره الجيني على افراده مما يؤدي الى ان يختلف فرد عن الاخر اختلاف تكامل كما يجب وليس اختلاف تضاد كما نعيشه في اللحظة الراهنة.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..