أخبار السودان

تحرير الجنيه: هل وصلت حكومة الانقلاب لآخر العلاج

الخرطوم :الراكوبة
في خطوة لكبح جماح عاصفة الدولار العالية قرر بنك السودان المركزي تحرير سعر صرف الجنيه السوداني لتقوم المصارف وشركات الصرافة بتحديد وإعلان أسعار بيع وشراء العملات الحرة دون تدخل من البنك المركزي في عملية تحديد الأسعار،ويعد القرار أحد اشتراطات اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض ومنح بجانب إجراء بعض الإصلاحات التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ العام الماضي من رفع الدعم عن المشتقات البترولية.
وتشير الإحصائيات إلى أن هناك  (8) تجارب عالمية سابقة في عملية تحرير سعر العملة أو تطبيق نظام الصرف المرن، فقط دولتان تمكنتا من أن تتجاوزا أزمتيهما بعد فترة قصيرة من الاتجاه إلى تحرير عملتيهما مقابل الدولار .
وربما يعتمد نجاح تجربة تحرير سعر الصرف بحسب اقتصاديين على القدرة التنافسية للدولة من حيث الإنتاج والتصدير للبلاد ويجزم الاستاذ بجامعة الخرطوم بروفيسور ابراهيم اونور ان القرار لن يستمر طويلا لجهة انه سيزيد سعر الدولار وبقية العملات الحرة الى مستويات مرتفعة غير مسبوقة وعندها سيضع البنك المركزى سياسة جديدة تقيد التعامل فى العملات الصعبة.
وقال لـ(الراكوبة) إن الذين تبنو هذه السياسة فى السابق كبرنامج إصلاح إقتصادى ليس لديهم فهم بخصوص الموضوع فى إطاره النظرى وإنما تبنوه إنصياعأ لإرادة صندوق النقد الدولى الذى يعلم سلفا بعدم جدوى الموضوع فى بيئة إقتصادية وسياسية كبيئة السودان ولكن ربما الحوجة للتمويل كانت سيدة الموقف بغض النظر عن تداعياتها الكارثية على المجتمع والإقتصاد القومى،
واضاف اونور انه فى ظل الضعف الرقابى وآليات المتابعة للبنك المركزى هناك فرصة كبيرة حاليا ان تستفيد البنوك من سياسة التعويم لتحقيق أرباح طائلة من عمليات البيع والشراء للعملات الحرة وذلك من خلال رفع اسعار العملات الحرة بزعم انها اسعار قوى العرض والطلب اليومية،مؤكدا ان ما يسمى بتجار سوق العملات فى السابق هم البنوك انفسهم حيث يستخدمون افراد من تجار العملات الأجنبية للبيع والشراء نيابة عنهم.و الآن بعد قرار بنك السودان الأخير الذي أعطاهم حق حصري فى البيع والشراء للعملات،وتوقع ان تكون استراتجيتهم اولا لتجنب المنافسة فيما بينهم سوف تؤسس البنوك فيما بينها مايعرف باحتكار القلة (oligopolistic power) للتنسيق فيما بينهم فى تحديد سعر البيع والشراء اليومى والذى بموجبه ستزيد سعر البيع بصورة مستمرة حتى تحقق أرباح مضمونة. ولكن عند ارتفاع سعر الدولار لمستوى قياسى بعد فترة سيتدخل بنك السودان لإيقاف سياسة التحرير والرجوع لسياسة التحكم من جديد الأمر الذى سيزيد الوضع اكثر سوء نتيجة لظهور السوق الاسود مرة أخرى ولكن بعد تدهور قيمة الجنيه لمستوى متدنى وفقدانها قوتها الشرائية.
مشيرا الى انه بدلا عن سياسة التعويم التى ستفشل حتما كان الأفضل استمرار البنك المركزى فى سياسة التحرير المرن المدار من خلال استهداف تثبيت الفجوة بين السعر الحر الرسمى وسعر السوق الأسود وفى نفس الوقت بناء احتياطى نقد أجنبى للبنك المركزى بتخصيص جزء من ايرادات الذهب عن طريق الشراء اليومى للذهب بالسعر العالمى وطرح أدوات نقدية لامتصاص زيادة الكتلة النقدية نتيجة لشراء الذهب اليومى.
ويخالفه الراي رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان واصفا القرار بالسليم وتأخر كثيرا، جازما بانه كفيل بعودة تحويلات المغتربين والمهاجرين والمصدرين للمصارف السودانية ويعطي فرصة لوزارة التجارة وبنك السودان ووزارة المالية لزيادة الصادرات وضمان تدفق عائدها للنظام وايضا يعطي وزارة التجارة وبنك السودان القوة المطلوبة لتمويل الواردات والتحكم الكامل في حجمها وأنواعها وفقا لحسابات دقيقة تتعلق بتوازن الاقتصاد السوداني
وحذر في حديثه ل(الراكوبة) في حالة تطبيقه بدون دعم فني من الأجهزة الحكومية ذات الصلة القادرة علي تحجيم السوق الموازية يمكن أن يحدث تنافس بين السوق الموازية وبين المصارف وعندها لن يتوقف انهيار سعر الصرف للجنيه السوداني
مشددا على أهمية استيعاب كل تجار السوق الموازية في صرافات شرعية تعمل بشكل رسمي وتتعاون مع المصارف السودانية لتحديد السعر العادل للجنيه السوداني الذي يمكن أن يكون مقبولا للمغتربين والمهاجرين والمصدرين وبذلك فقط تنتهي قصة سيطرة السوق الموازية علي تجارة السودان الخارجي.
ويرى عضو اللجنة الاقتصادية بقوي الحرية والتغيير محمد نور كرم الله ان سياسة توحيد سعر الصرف هامة لاستقرار التعامل التجاري والخدمى على كل المستويات الداخلية والخارجية ،بيد انه عاد وأكد أن استقرار سعر الصرف له ميكانيزمات لابد من اصلاحها اولا حتى يستقر سعر الصرف واهمها توجيه منهجية الصرف نحو مشاريع التنمية المستدامة لزيادة الصادرات ذات القيمة المضافة بكل القطاعات الزراعية ، الصناعية والثروة الحيوانية. . . الخ وتخفيض الصرف الجارى باعادة هيكلة اجهزة الدولة بما فى ذلك اعظاد القوات النظامية. ورهن ضبط سعر الصرف بالسيطرة الكاملة للبنك المركزى على الكتلة النقدية التي ابان بان اكثر من ٩٠ % خارج سيطرته فهى موجودة لدى تجار السوق الموازى الذين يضاربون بها في اسعار الدولار مما ولد الفجوة التى تزداد مع الايام حتى وصلت اليوم فى تقديرات موردى السلع ومدخلات الإنتاج ما بين ٦٠٠ – ٦١٠ جنيها لكل دولار واكثر عند البعض من التجار تحوطا لسعره عند وصول البضاعة.
ولفت الى ان تدخل البنك المركزى وطرح سياسة المزادات اللم يكتب لها الاستقرار رغما عن نجاحها فى ضبط سعر الصرف لفترة محدودة نظرا لشح موارد العملات الصعبة فى الوقت الراهن لاحجام المانحين والمغتربين السودانين عن التحويل عبر المصارف التجارية والتى فقدت سمعتها بسبب تضارب السياسات النقدية والتمويلية والحسابات الجارية،مشددا على وضع منهجية مستقرة نحو تقوية الجنيه السودانى أمام العملات الأجنبية وليس اضعافه وذلك ببناء احتياطي نقدى أجنبى وعينى من الذهب كاحتياطى مقابل تغطية عجز الميزان التجارى والعجز الكلى وايقاف الاستدانة وطباعة العملة فوق المسموح به.

تعليق واحد

  1. المغتربون فقدوا الثقة فى الحكومة ووزيرها السابق الذى زةد جمارك السيارات بنسبة ٦٠٠% وبعد كارثة الانقلاب لن يحول اى مغترب اى دولار لتثبيت حكم العسكر ومجرمى الكيزانوفلوى الحركات المسلحة المجرمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..