مقالات سياسية

العيد ليس العيد ونحن لم نعد نحن

نهى محمد الأمين أحمد

جاء عيد الأضحى بوجه مختلف، وجه حزين، يجسد الألم والهم الذي يسيطر على كل السودان،
جاء عيد الأضحى ليجد البيوت مقفرة، الأبواب المكسورة والمتهشمة تحكي عن أياد بائسة، خبيثة وشقية قد عاثت فسادا، سلبا ونهبا واحتلالا،،
جاء العيد وصلاة العيد لا تشبه صلاة كل عيد، أفواج الرجال، والجلاليب الجديدة والعمامات الزاهية البياض والرجال يقصدون مسجد قريتنا العتيق زرافات ووحدانا، والنساء بالتياب الزاهية فأجمل ما يميز عيد قريتنا حرص النساء كمثل الرجال على حضور صلاة العيد إتباعا للسنة النبوية، كذلك غاب الأطفال الذين يملئون الشوارع بهجة، بألعابهم وفرحتهم بالعيد، غابت الطقوس الجميلة والمراسم الرائعة اللطيفة للعيد في قريتنا،

أتانا العيد ليجدنا نحن لم نعد نحن، قلوبنا حزينة، نفوسنا كسيرة، أرهقنا الترقب لعود لحياتنا الطبيعية، طال الانتظار وتملكنا اليأس، منينا النفس بعيد في بيوتنا العامرة،

يبدو أننا تمنينا المستحيل الذي لم يحدث، فقد جاء العيد وقد تفرقت بنا السبل، فر الجميع من وابل الرصاص، وشظايا المقذوفات والدانات، وفي قلب كل منا حسرة، وفي حلق كل منا غصة، وفي عين كل منا دمعة، يجمعنا الألم واجترار الذكريات على أعياد خلت، صلينا فيها العيد في مسجدنا وانطلق الجميع إلى المعايدة وذبح الضحايا والتجهيز لإفطار العيد المميز،

افتقدت بيتي، بكل ركن من أركانه، عملي الدؤوب حتى ساعة متأخرة من الليل، حتى يتم تنظيف البيت بأجمعه (نظافة العيد الكبير)، كسوة الجدران بالستائر، والأسرة بالملايات والمفارش الجميلة، تعبئة الشيالات بخبائز العيد، افتقدت الاحتفاء بالعيد، الشربوت الذي يصر زوجي على (شده) في النار بنفسه والنقاش الذي يدور بيننا ورفضي لإضافة الخميرة وإصراره أن القليل منها جائز، أفتقدت حضوره من صلاة العيد وتهنئتنا بالعيد وتبادل (العفو لله والرسول) والأمنيات الطيبة، وبعد ذلك شية الجمر التي يشويها هو والأولاد على الفحم مباشرة ودخان الشواء ورائحته الشهية، والتي حل مكانها رائحة البارود ودخان الحرائق بالدانات والصواريخ،،

أفتقدت عيدنا الحبيب الملئ بالتفاصيل السعيدة، زيارات الأهل والأقارب، وتجمعات الأصدقاء،

أعلم أن العيد يفتقدنا، يفتقد فرحتنا وتهليلنا لقدومه، يفتقد طقوسنا وأشياءنا، يفتقد أناس طالما فتحوا الأحضان ليستقبلوه، جاء العيد ووجد المكان غير المكان، وأصدقاؤه غائبون، بحث عنهم ووجهم قد تشتتوا في بقاع الأرض،،

كل عام وأنتم جميعا بخير، ندعو الله أن يصلح الحال ويبدلنا يسرا من بعد العسر وأن ينعاد علينا العيد والديار عامرة بأهلها وقد انصلح الحال، وعمت بيوتنا الأفراح وعاد عيدنا السعيد كما كان،،،

[email protected]

تعليق واحد

  1. سمعت في مقابلة تلفزيونية مع مراسل التلفزيون القومي امرأة من دارفور تحكي نفس كلامك وقالت بصوت حزين ونبرة باكية ستصلكم الحرب يوما في الخرطوم وستغتصب بناتكم وتسلب اموالكم وستتشردوا مثلنا وستعيشوا في المعسكرات الجنجويد لا رحمة في قلوبهم ولا دين يردعهم ولا وازع من ضمير في قلوبهم انهم لا يخافون الله فصدقت النبوءة وهاهم يفعلون ما يحلو لهم استباحوا العاصمة طولا وعرضا نهب سلب اغتصاب نسأل الله ان يرينا قوتة فيهم كما أرونا قوتهم فينا ان اخذة اليم شديد الله غالب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..