هل فشل تخطيط تدمير السودان ومصر أم لايزال قائماً ؟؟

هل فشل مخطط تدمير السودان ومصر أم لايزال قائماً؟؟

? بعد سكون تام وإستقرار متقدم بين دولتي وادي النيل السودان ومصر ، وبعد تجاوزهما للعديد من المطبات والتعقيدات السياسية التي حدثت بين البلدين ولعدة سنوات مابعد حركة الإنقاذ وإستلام الجبهة الإسلامية في السودان لمقاليد الحكم في 30 يونيو ، وبعد أن عاش البلدان في هدوء وتوادد تام ، للدرجة التي أهدت فيها الحكومة السودانية أكثر من عشرين سيارة ماركة هونداي قامت بتصنيعها بمصانع جياد السودانية للمنتخب المصري لكرة القدم عقب حصوله علي كأس الامم الإفريقية قبل عدة سنوات ، وبعد أن أنتجت شركات مصرية سودانية أنشودة شيخ البرعي الخالدة ( مصر المأمنة ) بأداء فرقة عقد الجلاد الموسيقية السودانية والمطرب المصري ( علي الحجار ) وآخرون من نجوم الفن المصري ، بعد ذلك كله .. دخل صراع الأيدلوجيات السياسية إلي قلب الحدث حين ثار الشعب المصري في 30 يونيو 2013م في ميدان التحرير بالقاهرة رافضاً لحكم الأخوان الذين فازوا برئاسة الجمهورية ( د. محمد مرسي ) وبفارق قليل من مرشح المجموعة الأخري ( المشير طيار أحمد شفيق )
? بعد ذلك كله إستلم الجيش المصري زمام الأمور في مصر ليؤسس لحكم إنتقالي يحرسه الجيش والشعب معاً ولمدة عام واحد علي غرار تجربة المشير سوار الدهب بالسودان في السادس من ايريل 1985م عقب زوال حكم الرئيس الاسبق جعفر النميري ، حيث تم ترشيح المشير عبدالفتاح السياسي لرئاسة الجمهورية بمصر وفاز بها بمثلما ظل المؤتمر الوطني السوداني يرشح المشير عمر البشير لمقعد الرئاسة وليفوز بها أيضا لعدة دورات متتالية . ومن هنا نخلص إلي القول الا غرابة في الأمر بالبلدين .
? والملاحظ هنا أن البلدين مصر والسودان يشبهان وإلي حد كبير بعضهما البعض في إدارة مخرجات المتغيرات السياسية ، وهذا ناتج من الثقافة السياسية المشتركة بالبلدين ، مما يؤكد علي التطابق العميق في كيفية إدارة الامور عند الشدائد .
? وحين خاضت مصر الحروب في جبهة القتال بقناة السويس في زمان مضي بغرض تحرير سيناء المصرية من الإحتلال الإسرائيلي ، سارع السودان بإشراك كتائب من الجيش السوداني في تلك المعارك ، وحين حدثت نكسة الخامس من حزيران 1967م وإنهزمت مصر ، بادر السودان بإستضافة مؤتمر القمة العربي بالخرطوم في 29 أغسطس 1967م أي بعد الهزيمة بشهرين فقط ، وقد أتت اللاءات الثلاثة تتبختر ( لاصلح ولا تفاوض ولا سلام مع إسرائيل) إلا بعد إنسحابها من الأرض التي إحتلتها في يونيو1967م وهي صحراء سيناء والضفة الغربية لنهر الأردن ومرتفعات الجولان في سورية، حيث كان ذلك من أكبر الإنجازات العربية ، فحدث التضامن وإنتهت سنوات القطيعة الكئيبة بين السعودية ومصر ، فإنهمر المال العربي لأعادة بناء الجيوش العربية المقاتلة ( مصر وسورية والأردن ) .
? والآن … وبعد إنتشار الحركات الإرهابية المسلحة تسليحا كبيرا والمتدربة تدريبا قويا ، والمتكئة علي شعار رفع الإسلام كغطاء ديني يجلب المساندة من المقاتلين المسلمين تحت راية الجهاد في سبيل الله ، بات في حكم المؤكد الآن أن يكتب النهاية لتلك الحركات والتي قيل أنها أصلا قد تم التفكير في إنشائها امريكيا وبخطط مدروسة ولأغراض محددة لزعزعة الدول العربية ذات الثقل الإقتصادي وأيضا ذات الثقل العسكري القوي جداً لخلق مايسمي بالفوضي الخلاقة . . وأسباب محاربة ظاهرة الحركات المسلحة هو أن نشاطها الإرهابي قد تخطي مناطق الشرق الأوسط ليعبر البحار إلي دول اوربا الغربية ويحدث فيها زلازل من التفجيرات الإنتحارية ، حيث لم تكن الدول التي تبنت قيام تلك الحركات ، تتوقع أن يفلت اللجام من يديها ليصل إلإرهاب إلي عقر دارها.
? والشاهد الآن في المسرح السياسي أن كل من إيران ودولة قطر حسب ما تتداوله الفضائيات والوكالات والصحف العربية والعالمية أنهما تسببان قلقاً مستمراً لزعزعة الإستقرار في دول التعاون الخليجي وفي دولة مصر وليبيا عبر تمويل العديد من الجماعات بالمال زائدا الحملات الإعلامية المتواصلة بوتيرة عالية ، وقد وصل الأمر الآن لحصار دولة قطر خليجياً برغم علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة وإسرائيل ، حيث أنه من المتوقع أن تدير الولايات المتحدة ظهرها لذلك الرباط القديم ، مما جعل دولة قطر تسعي سعيا حثيثا لطلب الوساطة من الكويت ، برغم أن التعهدات السابقة التي إلتزمت بها قطر للكويت في العام 1914م إبان الأزمة السابقة للتخلي عن برامجها لرعاية إستضافة وتمويل الحركات الإرهابية ، لم تلتزم بها دولة قطر حسب ماورد في الإعلام الخليجي.
? ولكن … مايهمنا نحن في دولتي السودان ومصر هو الإبتعاد عن التصرف الصبياني التحريضي الغريب الذي قامت به دولة قطر لإحداث شرخ كبير تمدد طويلا في العلاقات السودانية المصرية مؤخراً وقد سبق لنا الإشارة إلي تطورها في مقدمة هذا المقال.. فهل ياتري بلع الإعلام المصري والسوداني الطعم وإنفجر الموقف بين الدولتين ؟؟ كمقدمات باتت قوية لإشعال فتيل حرب بين الدولتين تقضي علي الأخضر واليابس وبالتالي تتحقق الخطط الدولية لتفتيت أهم دولتين بالشرق الأوسط وتصبح الريادة فيه لإسرائيل حسب الحلم القديم الذي ظلت تعمل من أجله وهو السيطرة الجغرافية علي منطقة الشرق الأوسط من الفرات إلي النيل ؟
? إذن … ومن واقع مايجري حالياً من محاولات لضرب النسيج الإجتماعي في مصر والمتمثل في تجانس المسلمين والمسيحين الأقباط بالدولة وإتباع الجماعات الإرهابية في عمليات التفجيرات المتواصلة ، فإن هذا يعتبر مقدمات لا تخطئها العين لتفتيت دولتي السودان ومصر بنشر التهم المتبادلة حتي يصل تيرمومتر التوتر إلي درجة الغليان ، وهذا ما يسعد حركات الإسلام السياسي في البلدين وهما تسيران بنظرة عمياء لا تنتبه إلي معدلات الفوضي الخلاقة التي ستسود المنطقة .
? والآن … فإن دول التعاون الخليجي بقيادة السعودية قد تمكنت من إنزال ضغوط عالية علي دولة قطر معنويا ، مايقود إلي إبعادها من منظومة دول المجلس ، حيث تتبع قطر سياسات لا تنسجم مع وسطها الخليجي ، وربما كانت تتكيء علي إيران والولايات المتحدة وإسرائيل لمساندتها في موافقها ، ولكن يبدو أن تلك الدول في طريقها إلي إدارة ظهرها لدولة قطر وعدم التضحية بالمكون السياسي والديني والإقتصادي التاريخي والضخم والتي تتمتع به كل من مصر ودول التعاون الخليجي وليبيا ، مما يستدعي أصحاب القرار الذي يديرون السياسة السودانية بالعمل علي تجنيب السودان ما يهدد أمنها وإستقرارها ، والأبتعاد عن المحاور التي تؤدي إلي كوارث مستقبلية هم مدركون لها جيداً .
? وعليه …. فعلي الدولة السودانية أن تلعب سياسة ( صاااااح ) وتجنب بلادنا المهالك ليعود السودان كما هو نموذجا للحفاظ علي التضامن العربي كسابق عهده ، وحينذاك فإن مثلث حلايب سيعود وفي طبق من ذهب .
? أما أبواق الدعاية للحرب عبر وسائط التواصل الإجتماعي في كل من السودان ومصر فعليها أن تحلل الأمور بعقلانية تقود إلي عدم التورط الفوضي بسبب حرب ربما تنشأ ، فالنار تنبع من مستصغر الشرر ، والحماسة العمياء والشتائم القادمة من إعلام مصر والمردود عليها من إعلام السودان غير الرسمي ، لن تقود إلي تحقيق مكسب لأنها فقط تجلب التنفيس السياسي وتصبح من باب الهواية ، وقديما قيل الصلح خير . وصلح الحديبية يعتبر نموذجاً بازخاً للعقلانية. ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،،،

صلاح الباشا