تغيرات مذهلة في التركيبة السكانية!!

تغيرات مذهلة في التركيبة السكانية!!

شهدت البلاد في فترة العشرين سنة الأخيرة أكبر تحول ديمغرافي على الإطلاق منذ الاستقلال في العام 1956م، فمن غير انفصال جزء عزيز من بلادنا، وذهب دولة ذات سيادة وقيادة وبتحولاتها الديمغرافية داخلها باسم”جنوب السودان”، حدثت تحولات كبيرة لسكان سودان ما بعد 2011م “الانفصال”، عبر إعادة توطين السكان، وتعديلات في مهنم تبعاً لمواطن سكنهم الجديد، وبكل تأكيد التغيير يتمدد إلى سلوكهم، ونمط المعيشة والعلاقات الاجتماعية وذلك على الوجوه التالية:
أولاً: بتمدد السكن الشعبي والاقتصادي عبر صندوق الإسكان القومي، وصناديق الإسكان الولائية، وإنشائها مدن سكنية بكامل خدماتها تجاوز عدد الوحدات السكنية فيها المائة ألف وحدة، ومثلها أو يزيد من المخططات السكنية والاستثمارية التي تعتمد على التوسع الرأسي، بالخرطوم، وحواضر الولايات، والمدن الكبيرة، وهي تحولات طوعية إرادية، مرغوب فيها ومستهدفة في ذاتها، لتوفير السكن اللائق لكل مواطن.
ثانياً: بإعادة توطين السكان الذين كانوا في مواقع المشاريع التنموية الكبيرة كمشروعات البترول، والسدود، والذين تم تعويضهم وإعادة توطينهم في مدن حديثة كالتي تقوم بتشييدها وحدة السدود وبميزات أفضل، وهو توطين طوعي لكنه غير إرادي من الموطنين، وقد شيدت ادارة السدود أكثر من (50) ألف وحدة سكنية شيدت للمتأثرين من إنشاء سد مروي بولايتي الشمالية ونهر النيل، وتعلية خزان الرصيرص بولاية النيل الازرق، وإنشاء سدي أعالى عطبرة وستيت بولايتي القضارف وكسلا، مع تشييد مقار الخدمات الأساسية من مدارس، ومستشفيات، ومراكز صحية وثقافية ورياضية، ومساجد، وتوفير خدمات المياه والكهرباء، كما وفرت وزارة النفط الخدمات الأساسية للمواطنين في مناطق الإنتاج، مع تعويض المتأثرين منهم، وانشاء مدن سكنية.
ثالثاً: بالنزوح واللجوء بسبب الحرب والنزاعات القبلية، وهو تحول اجباري اضطراري، خاصة أن السودان يتصدر قائمة البلدان التي بها نسبة نزوح كبيرة تجاوز الخمسة ملايين نازح، ما يعادل (13%) من السكان المقدر بـ(38) مليون نسمة، (1,8) مليون منهم بدارفور يعيشون في (51) معسكر، ومثله بالخرطوم، اضافة إلى النازحين بجنوب كردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر. ومن المؤمل أن يعاد توطين هؤلاء النازحين في مدن جديدة غير القرى التي أتوا منها، أو تطوير معسكراتهم لتصبح مدناً قائمة بذاتها، بدعم من المنظمات العالمية والدول الراعية للاتفاقيات والتي بموجبها، تتوقف الحرب، اليوم أو غداً… وهذا يعني أنهم في حاجة إلى أكثر من (500) وحدة سكنية، وبدأ العمل فيها بدارفور، وفق وثيقة الدوحة، وتم افتتاح بعضٍ منها.
رابعاً: بالهجرة إلى الدول الأوربية وأمريكا وكندا، واغتراب الشباب والكفاءات في المجالات المختلفة بسبب الضائقة المعيشية، والمضايقات السياسية…
وبالمقابل هناك هجرات كبيرة من دول الجوار كأثيوبيا، واريتريا، وتشاد، والنيجر، والدول العربية، كسوريا، واليمن، والصين، ويفضلون نيل الجنسية السودانية، بجانب أن السودان يأوي أعداد كبيرة جداً من اللاجئين، وهناك قصص وروايات شعبية تحكى عنهم. كما أن للتعدين الأهلى للذهب، الاستثمارات الأجنبية التي تأخذ صفة المناطق الحرة، واستثمارات الشركات العالمية أو المتعددة الجنسيات، عوالم أخرى لا تقل خطورة، في هذا التغيير… ويعد هذا تحولاً كبيراً لإنسان السودان المعروف بطبائع معينة بحسب المناطق، والمهن، والعادات، سيكون له نتائج أخرى قريبا وتتأثر بها كل البلاد.
فالأسئلة التي تطرح نفسها بقوة كم يقدر عدد السكان الذين جرت لهم أو عليهم هذه التغيرات الديمغرافية الطوعية منها والإجبارية الاضطرارية؟ وهل ادارة البلاد متحسبة لها؟ وإلى أي مدى هي مفيدة، ويمكن لها أن تلعب دور في بناء أمة منتجة مبدعة ناهضة عارفة بمصالحها؟ وكيف تم كل هذا؟، أوفق خطة معلومة، أم بالمصادفة؟ ولماذا لا يكون التخطيط من مركز واحد، حتى لا تضطر الأجيال القادمة تكسير ما بناه أجدادهم؟… ومن المسئول؟، ولصالح من يكون هذا التغيير الديمغرافي، والتغير في التركيبة السكانية؟!…هي أسئلة نطرحها، ويطرحها كل صاحب بصيرة يريد لهذا البلد مستقبل أفضل، وخروج سلس من النفق الذي هي فيه…!. نتمنى أن لا يكون هذا بأياد خارجية أو خفية، ولابد من إعادة القراءه بصورة أشمل، وبوضوح، علماً أن التغيرات الإجبارية الاضطرارية أكثر من الطوعية المرغوبة، كما أن الطوعية نفسها في بعضها خلاف بيّن، كما حدث للمهجرين من مناطق السدود كالمناصير، وأهالي سد كجبار.
معلوم إن تاريخ الأمم القديمة عرفه الناس بما شيدوه من مباني ومعابد، وما نحتوه من ورسومات ورموز على الصخور، ولا نعتقد أنه وحده ما نصنع به تاريخنا، في عصر السماوات المفتوحة، وآمل أن يخضع الأمر لدراسة علمية محكمة، وتخرج بنتائج يستفاد منها… وغداً لناظره قريب.
مجلة العقارية يوليو 2017م
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. للاسف الهجرة للخارج تجذب افضلالكفاءات السودانية عمرا وقدرات بينما الهجرة للداخل تجذب فقراء واميون.

  2. للاسف الهجرة للخارج تجذب افضلالكفاءات السودانية عمرا وقدرات بينما الهجرة للداخل تجذب فقراء واميون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..