خطاب البشير : لن نزيدكم الا عذايا..

تاج السر عثمان

جاء خطاب البشير حول الاجراءات الاقتصادية التي اتخذها ليكرّس المزيد من السير في الطريق الذي كان سبب الأزمة ولأعباء والعذاب علي جماهير شعبنا التي اضناها الفقر والبؤس، حيث تم زيادة أسعار المحروقات والضرائب برفع عدة فئات ضريبية مثل: القيمة المضافة والتنمية علي الواردات وارباح الأعمال علي البنوك وأصحاب العمل، والمزيد من الاستمرار في سياسة الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام. الخطاب هو ذر للرماد في العيون ويهدف لامتصاص السخط الجماهيري الواسع لارتفاع الاسعار ، والتي سوف يزداد ارتفاعها بعد زيادة أسعار المحروقات وزيادة الضرائب التي سوف يتحمل تكلفتها المواطن المسحوق، ذلك أن زيادة الضرائب علي اصحاب العمل سوف تضاف الي قيمة السلع، وبالتالي سوف تزداد نيران الغلاء اشتعالا، أما الحديث عن تقليص المواقع والمناصب الدستورية بنسب 45% – 50% علي التوالي ، وتخفيض المرتبات وبدلات السفر وسيارة واحدة لكل مسؤول، رغم أهمية ذلك، فهي لاتساوي شيئا أمام ميزانية الحرب والتي يجب ايقافها فورا وتحويل منصرفاتها لتحسين أحوال الناس ، اضافة لضرورة تقليص ميزانية الأمن والدفاع والقطاع السيادي والتي تشكل 75% من الميزانية، وهذا ملم يتطرق له خطاب البشير، اضافة لعدم المصداقية وعدم تنفيذ الوعود كما عودتنا سياسة النظام، اطلاق بالونات وفقاعات للاستهلاك المحلي بهدف التقليل من السخط الجماهير الذي تمثل في المظاهرات التي اندلعت في الجامعات والأحياء.

ومعلوم أن نظام البشير هو المسؤول الأول عن الأزمة، بانقلابه علي النظام الديمقراطي في 30 يونيو 1989م، ليلغي اتفاق الميرغني ? قرنق، وليوسع نطاق الحرب في الجنوب ومناطق جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور، وأعلن سياسة التحرير الاقتصادي التي رفع بموجبها الدعم عن السلع وخدمات التعليم والصحة، حتي اتسع نطاق الفقر ليشمل 95% من المواطنين، وانتشر الفساد وتجارة المخدرات والتهريب، وظاهرة الطلاق للاعسار وملايين الاطفال اللقطاء، وارتفعت معدلات الجريمة كما تنشر الصحف اليومية وظاهرة الانتحار بسبب الفقر والبطالة واليأس من الحياة التي اصبحت جحيما لايطاق، وتم تدمير كل القيم والاخلاق التي جاء النظام باسم الدفاع عنها، اضافة الي الخصخصة وتشريد الالاف من الكفاءات في الخدمة المدنية والقوات النظامية والتي تم صرف ملايين الدولارات من أجل تدريبها وتأهيلها، مما ادي لانهيار الخدمة العامة بسبب سياسة التمكين التي اتبعها النظام وخلق الالاف من الوظائف بهدف الترضيات السياسية والتي انهكت الخزينة العامة. كما تم اعتقال وتعذيب الالاف من السياسيين والنقابيين، وتم صرف المليارات من الجنيهات السودانية لحماية النظام، اضافة للفساد في المشتروات الحكومية واعفاء شركات محاسيب النظام من الضرائب، ونهب ممتلكات القطاع العام وبيعها باسعار بخسة للرأسمالية الطفيلية الاسلاموية، وتدمير مؤسسات عريقة مثل : السكة الحديد والنقل النهري والخطوط الجوية والبحرية السودانية ومشروع الجزيرة، وتدمير القطاعين الصناعي والزراعي، وتهريب الأموال الي الخارج. وحتي عندما بدأت البلاد في تصدير البترول منذ العام 1999م، والذي يقدر عائدات الدولة منه بحوالي 100 مليار دولار ، الا أنه لم يذهب جزء من العائدات للصناعة والزراعة وبقية الخدمات ( المياه والكهرباء والتعليم والصحة…الخ).

هذا اضافة للاتفاقات الكثيرة التي وقعها النظام مع الحركات والأحزاب المعارضة ولم يتم تنفيذها مثل : اتفاقية السلام من الداخل، واتفاق جيبوتي، واتفاقية نيفاشا ، والقاهرة، وابوجا ، واتفاق الشرق، وحتي اتفاق الدوحة الأخير، والتي اكدت خرق النظام للعهود والمواثيق وتحويل تلك الاتفاقات الي وظائف ارهقت ميزانية الدولة وعدم تحقيق التنمية المتوازنة في المناطق المهمشة مما أدي لانفصال الجنوب واندلاع الحرب من جديد في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وابيي واشتداد نيران الحرب في دارفور، مما أدي للمزيد من ارهاق ميزانية الدولة وتوقف الانتاج الزراعي في تلك المناطق والتي تعيش مأساة انسانية مع رفض الحكومة لممرات الاغاثة الآمنة، فلا الحكومة وفرت للسكان الغذاء والكساء والمأوي ولا تركت منظمات الاغاثة الدولية للمساعدة في هذا الجانب.

لقد جاءت معالجات البشير الأخيرة بعد أن “وقع الفأس في الرأس” ولتصب المزيد من الزيت في نيران السخط علي النظام لتزيدها التهابا واشتعالا، وحسب قول الشاعر:

كفي بك داءا أن تري الموت شافيا / وحسب المنايا أن يكن أمانيا.

وتلك الاجراءات التي اتخذها البشير لن تحل مشكلة انخفاض الجنية السوداني ولا عجز الموازنة البالغ 5,7 مليار جنية، ولا مشكلة توفير العملة الصعبة والتي تتطلب دعم الانتاج الزراعي والصناعي وتقوية موقف الصادرات، فهي مجرد مسكنات وليست حلولا جذرية للأزمة، سرعان ما تزداد تفاقما وتنفجر من جديد، فالجنية السوداني تحت ظل هذه الاوضاع الهشة سوف يواصل انخفاضة، واجور العاملين علي ضعفها سوف تزداد انخفاضا ومنحة ال 100 جنية المقررة لاتساوي شروي نقير أمام غول الأسعار المتصاعد دوما.
وكان طبيعيا بعد اعلان زيادة اسعار المحروقات أن تنفجر مظاهرات الطلاب في الجامعات والمواطنين في الأحياء في العاصمة والأقاليم، والتي سوف يتسع نطاقها مع المزيد من ارتفاع الأسعار. لقد واجهت السلطة تلك المظاهرات بالقمع بواسطة الهراوات والغاز المسيل للدموع واطلاق الرصاص وبواسطة ” شبيحة” النظام من مليشيات المؤتمر الوطني ، ورغم ذلك فشلت تلك الأساليب في وقف المظاهرات والتي استمرت ثلاثة أيام، وبدأت تنتشر من الجامعات الي الأحياء. واكدت تلك المظاهرات حسابات السلطة الخاطئة بأن الشارع لن يتجاوب مع دعوة أحزاب وقوي المعارضة للخروج للشارع.

وزاد من هلع النظام اللجؤ للمزيد من مصادرة الحريات الصحفية مثل مصادرة صحف: “الأحداث”، ” والتيار” والميدان،..الخ، والهجوم علي دار ” حق ” في خرق فظ لقانون الأحزاب ، وفي الاعتقالات والمحاكمات الواسعة للطلاب والمتظاهرين، وفي محاصرة الجامعات بقوات الشرطة، رغم أن حق المظاهرات والاحتجاج السلمي حق يكفله الدستور، ولكن حسب طبيعة النظام فهو لايحترم حتي قوانينه.
وبالتالي، لابديل غير مواصلة وتوسيع النزول للشارع في اوسع حركة جماهيرية من أجل اسقاط هذا النظام الذي كان السبب في انفصال الجنوب وتجويع شعبنا ونهب ثرواته لمصلحة حفنة صغيرة من الرأسماليين الطفيليين ، وبيع اراضيه الزراعية، والتفريط في السيادة الوطنية، واشعال نيران الحرب في مناطق جنوبي النيل الأزرق وكردفان ودارفور وابادة الالاف وتشريد الملايين من السكان، وقمع ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية باسم الدين.

وان اسقاط هذا النظام يفتح الطريق لاستعادة الحقوق والحريات الأساسية وحل الضائقة المعيشية، ووقف الحرب والحل العادل والشامل لقضايا دارفور وجنوبي النيل الأزرق وكردفان والقضايا العالقة مع دولة الجنوب ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع وتفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن من جديد.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (ان إسقاط هذا النظام يفتح الطريق لاستعادة الحقوق والحريات الأساسية وحل الضائقة المعيشية، ووقف الحرب والحل العادل والشامل لقضايا دارفور وجنوبي النيل الأزرق وكردفان والقضايا العالقة مع دولة الجنوب ، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع وتفتح الطريق لإعادة توحيد الوطن من جديد).
    1- ما هي الحريات الأساسية أكثر من الذي فيه أنت ألان ما هو النظام الذي تريده وإذا أنتم تبحثون عن الحرية فليس هناك حرية بدون قانون(و إلا أصبحت فوضى وليس حرية )
    2- كيف يمكن أن تحل الضائقة المعيشية بدون أنتاج من يعرف حل لماذا لا يقدم هذا الحل للحكومة (باعتباره شيء للمواطن )
    3- كيف يمكن وقف الحرب في الجنوب هل تضمن أن الحكومة الجنوب لا تقبل الملاءات الخارجية و الأجندة الصهيونية
    4- من فوض المتمردين في دارفور ليحملوا السلاح ضد الحكم في الخرطوم هل الحل هو البندقية لا يمكن يكون هناك حل إذا لم نضع البندقية و نلجأ إلى التفاوض كلنا نعرف أن الحكومة قد سعت بكل الطرق لحل القضايا العالقة لكن ليس هناك قبول لمصلحة شخصية يردها الطرف الاخر (المتمرد ) وأني أؤكد اذا تغير النظام في الخرطوم سوف تظل الحرب قائمة في جنوب دارفور وجنوب كردفان وأليس من الممكن حل أي قضايا دون ان نرمي طلقة واحدة بلا ولكن هذه الحركات القائمة ليس لديها قضية محددة تسعى إلى حلها أنما قضيتهم قضية خاصة وليس قضايا وطن أو موطنين ( بل هي عصابات نهب تجد من يدعمها للاستنفاع من هذا الوضع) ولا حل مهما تغيرت الحكومات إلا أن ترضى أي حكومة تأتي إلى سدة الحكم بكل ما تفرضه عليها الحركات المتمرد وكل على هواه يريد وإذا تم ذلك أصبح الوطن لعبه في أيدي العصابات وفي نظري أي الحكومة لن تزل و لن تهان لمثل هذه العصابات لتفرض سيطرتها على البلد بملاءات خارجية
    5- نحن منذ استقلال السودان لم نتفق على نظام حكم واحد سواء كان عسكرياً او ديمقراطيا حزبياً لن نترك المجال كي تمضي أنت تريد وانأ أريد
    6- فالأحزاب بمجرد أن تمسك الحكم تصبح البلد فوضى في كل النواحي (وهذه ليست ديمقراطية)
    7- الجمعيات التأسيسية التي مرت على البلد لم تقدم مثقال ذرة في رفاهية الوطن فهي مجرد غلاط و هرج ومرج بدون فائدة الكل يسعى أن يكون سيد البلد وفي ذلك يتنافس ( حزب الأمة و الاتحاد الديمقراطي) ونحن ضائعين بين الفكين وإذا كانوا هؤلاء يبحثون عن ماضي الأجداد فهذا زمان قد تولي فدوام الحال من المحال(وقد أصبحت هناك أفكار جديدة و تطلعت جديدة )ليس كما يسعون بها لان أفكار قديمة التي لا تتماشي مع هذا الجيل
    لذا لا يكون هناك حل أذا لم نكن على يد حكومة واحدة نمسك معها المجاديف و حبال الاشرع لتشق التيار ونقول لمن اخطأ أنت أخطأت ونبعده ولمن إصلاح أنت أصلحت وندفعه إلى الإمام وليس كل أعضاء حكومة الإنقاذ فاسدين بل فيهم الخيريين وهذا بالطبع في كل الأنظمة في العالم.
    فحكومة الإنقاذ فيها رجال مخلصين و فيهم نزاهة و وطنية و فيهم الغيرة وحب الوطن و لكن الجبناء لا يتركوا لهم فرصة أن يسيروا ، فيجب أن نتكاتف و نشد الأذرع و نقف مع الدولة باعتبارها هي و لي الأمر
    واشد ما يحزنني ما يكتب في هذا المنبر (الراكوبة ) أناس خاصة في التعليق وتعرفهم من كتاباهم وأسلوبهم الذي يدل على مستواهم وفي منظور هؤلاء أن الحرية والديمقراطية سب الناس ( فيجب أن نحترم المسئول مهما كان وإذا كتبنا يجب ان نكتب ونتحدث وبأدب التخاطب و التحاور و لا نسيء لأحد ).

  2. الحمد لله تاني بعد ده مافي شرا زمم ومافي طريقة لي ناس الشنطه يسافروا للدول عشان يدو فلان ويجي يوقع اتفاقية ومافي تاني طريقة تاني يوظفوا متمرد مستشار ولا كبير مساعد. وبختك يا التجاني السيسي مرقته من الازمة ولقيت الدولارات من القطرين لكن اعمل حسابك بعد الاوضاع الجديده دي ما ح تلم في دولار واحد والسلطة الاقليمية راحت شمار في مرقه.عليك الله يالتجاني ديل ناس توقعي معاهم وضيع ناس اسحق شافا فارايا اهلنا الطيبين.

  3. كف وكفايه تعذيب لهذا الشعب والروح وصلت الحلقوم والكذب وصل الحد من اجل كراسي الحكم ولست لشرع الله وشرع الله منكم برئ وتخاطبون غواطف الضعفاء باسم الدين وانتم ابعد ناس عن الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..