عطاء سري لتشغيل (الدرداقات) بمحلية أمبدة


مظاهر الفساد تعود من جديد إلى محلية أمبدة، عقب تعاقدها سرياً مع متعهدي تشغيل الدرداقات الذين قاموا بمصادرة (500) درداقة مملوكة للعمال من الشرائح الضعيفة، لتقوم بإيجار درداقات أخرى أحضروها للعمال بواقع (500) جنيه يومياً. محتكرة بذلك العمل، ومنع أي عامل من تشغيل عربته الخاصة، الأمر الذي وجد رفضاً وسط العمال، فقاموا بتدوين بلاغ بالرقم (7140) بقسم أمبدة ضد المحلية التي صادرت أدوات عملهم، بالرغم من إلغاء احتكار العمل بالدرداقات في فترة الحكومة الانتقالية، ليعود عقب الانقلاب..
(الديمقراطي) في المساحة التالية تعكس أبعاد القضية، في ظل عدم استجابة المدير التنفيذي لمحلية أمبدة.
تحقيق – لبنى عبدالله
كشفت مجموعة من العاملين بسوق ليبيا وسوق أبوزيد بمحلية أمبدة عن عودة ما وصفوها بـ (مافيا الدرداقات)، والتي قامت بمصادرة الدرداقات التي يعملون بها من قبل المحلية التي عادت لاحتكارها، ومنع أي عامل من العمل بعربته الخاصة.
بلاغ بالرقم (7140) ضد المحلية
المستجير من الرمضاء
تحت الهجير تجدهم يركضون إلى مدخل السوق عبر دفع عرباتهم لحمل البضائع من مسافات تبعد وتقصر، للحصول على بضعة جنيهات تقيهم شر العوز، ولكن هيهات. عادت مظاهر الفساد بالمحلية من جديد، متمثلة في إعطاء تشغيل الدرداقات لمتعهدين من التجار أصحاب العربات الفارهة، ليقاسموا العمال البسطاء عرقهم.
لجنة الخدمات
يقول رئيس لجنة الخدمات والتغيير بسوق أبوزيد، محمد آدم عبدالله، إن المحلية لم تخطرهم بأنها منحت تشغيل الدرداقات للمتعهد السابق في عهد النظام البائد، والذي يدعي الفاضل الضو، ليقوم بالحصول على عطاء تأجير الكراسي والأسرّة والرتاين (جمع رتينة). يواصل بقوله: “حالياً، ظهرت شركة تعمل على احتكار تشغيل الدرداقات بدون طرحة، في عطاء معلن، ودون علمنا. تم ذلك في الخفاء، لنتفاجأ بحملات الكشة التي تصادر الدرداقات”. أضاف: “نحن كلجنة تغيير وخدمات لا نعلم بالعطاء، كان على المحلية إخطارنا كجسم أصيل يعمل بالتنسيق معها، ولكننا تفاجأنا بالمصادرات، دون أن تعطي العمال إيصالات أو ما يثبت مصادرة أدوات عملهم”. كاشفاً عن مصادرة أكثر من (270) درداقة تم حجزها في حوش المحلية في بداية الحملة، ليصل العدد لأكثر من (500) درداقة.
تحت الهجير
يركضون وهم يقومون بدفع العربة ذات الدفع الثلاثي محملة بالبضائع المختلفة، وقد مسحت أيديها الحديدية بصمات أصابعهم للحصول على جنيهات تكفيهم شر الحاجة والعوز، في وجود مافيا تقاسم العمال البسطاء عرقهم. في الوقت الذي يمتطي فيه هؤلاء الطامعون ومحتكرو العمل بالدرداقات العربات الفارهة، ويجلسون في مكاتبهم المكيفة، طمعاً في عائد تشغيل آليات العمال التي استأجروها منهم، ومنعهم من العمل بآلياتهم، وطالبوهم ببيعها للمحلية، ليقوموا بإيجارها لهم، مما يعد ظلماً وأمراً غير مقبول.
قال محمد آدم: “لسنا ضد تنظيم العمل في السوق، ويمكننا أن ننظم أنفسنا، خاصة أننا ملتزمون بدفع كافة الرسوم التي تفرضها المحلية”.
يقول مصدر مطلع بمحلية أمبدة، إن احتكار محلية أمبدة لتشغيل الدرداقات تم عبر عطاء سري للغاية دون علم لجنة الخدمات والتغيير، موضحاً أنه تم تخصيص شركة تدعى (سنداة) تعمل بسوق ليبيا بعدد ألف درداقة، وبدأت المحلية في حملات صادرت من خلالها أكثر من (500) درداقة مملوكة لعمال من الشرائح الضعيفة ذات الدخل المحدود. وأشار لاتجاه (90) عاملاً لفتح بلاغ في إدارة المخالفات بمحلية أمبدة لرفضها إعطاء أصحاب الدرداقات مستندات رسمية تحفظ لهم حقوقهم، بالإضافة لعدم قانونية العطاء الذي يحتكر عرق البسطاء لصالح موظفي المحلية والمتعهدين، مؤكداً بقوله: “إن احتكار تشغيل عربات الدرداقات عبر المحلية أبطله البرلمان في الفترة السابقة، وأكدت عدم قانونيته الحكومة الانتقالية، وتم إلغاؤه، وعاد العمل حراً تحت إدارة العمال. لكن عقب الانقلاب عادت مظاهر الفساد، وقامت المحلية باحتكار وتشغيل الدرداقات، وعرضت على أصحابها بيعها، على أن تشتريها منهم وتقوم بتأجيرها لهم”.
قرار مفاجئ
يوضح مسؤول لجنة الخدمات والتغيير بالسوق، محمد آدم عبدالله، أنهم تفاجأوا بقرار المحلية، الأمر الذي دعاهم لمخاطبتها بصورة رسمية قبل أكثر من شهر، ولكنها لم ترد عليهم. وطالبوا باجتماع مع المدير التنفيذي للمحلية ولكن دون استجابة، يقول: “أغلب العاملين في عربات الدرداقات من الشرائح الضعيفة والنازحين من الحروب، وما تم يعد احتكاراً لتشغيل الدرداقات بواسطة تجار كانوا يعملون في فترة النظام البائد مع المحليات، عبر منع العمل بالعربات المملوكة للعمال البسطاء”. يضيف: “لسنا ضد تنظيم الأسواق، فهو حق أصيل للمحلية، ولكن يجب أن يتم بواسطة أصحاب المصلحة من عمال الدرداقات والتشاور معهم، لجهة أنهم أصحاب المصلحة، وليس بواسطة تجار أمثال الفاضل الضو”. ويتابع: “هل من العدالة أن يكونوا جالسين في مكاتبهم المكيفة، ويمتطون العربات الفارهة، والعمال يلهثون تحت الهجير للحصول على مبالغ زهيدة تكفيهم وتسد رمقهم، والنصيب الأكبر تقتسمه المحلية والتجار؟ هذا الأمر ضد شعارات ثورة ديسمبر المجيدة الحرية والسلام والعدالة. سنعمل على انتصار إرادة العمال من خلال تنظيم أنفسنا لحماية حقوقنا، ونطالب بضرورة الإسراع في تكوين الحكومة المدنية”.
في ذات السياق، اشتكت مجموعة من العاملين بالدرداقات في سوق ليبيا وسوق أبوزيد بمحلية أمبدة، من مصادرة المحلية (270) درداقة في بداية حملات (الكشة) من العاملين بالسوق من أجل احتكارها لصالح متعهد يدعى الفاضل الضو، كان يحتكر تشغيلها في فترة النظام البائد، وعقب الانقلاب عاد لاحتكارها مرة أخرى.
يقول العامل، عمر محمد: “نعمل في السوق منذ أكثر من عشرين عاماً، لدينا أسر وكبار سن، دخلنا في اليوم لا يتجاوز الـ 5 آلاف جنيه، غالبيتنا من الشرائح الضعيفة، ولدينا أطفال بالمدارس يساعدوننا عقب عودتهم في العمل على الدرداقات لنعيش بكرامة. لكن المحلية عقب الانقلاب أعادت احتكار الدرداقات مقابل إيجارها بمبلغ 500 جنيه في اليوم، ويتم منع العمال من العمل بدرداقاتهم، وإجبارهم على إيجارها من المحلية”.
وأكد عمر أن المحلية قامت بحملات مهينة لمصادرة الدرداقات، وردد: “الظلم ظلمات يوم القيامة”، وأوضح أنه منذ مصادرة عربته لم تدخل منزله قطعة خبز، وتعتمد أسرته على (النشا).
جسم نقابي
كشف عاملون لـ (الديمقراطي)، عن وجود عدد ألف درداقة مملوكة للمتعهد المتعاقد مع المحلية لتشغيلها، ويتحصل مبلغ (500) جنيه يومياً، إيجار على كل درداقة، ليصل ما يتحصله يومياً من العمال مبلغ مليار جنيه، يسدد للمحلية مليار ونصف شهرياً مقابل إشرافه على تشغيل الدرداقات. وأوضحوا أن متعهد سوق أبوزيد قام بطرح عدد (400) درداقة يتحصل مقابل الواحدة (500) جنيه، بواقع (200) ألف يومياً.
مصادرات
يقول العاملون إنهم ظلوا طوال فترة النظام البائد يتعرضون للكشات الجائرة عبر المحلية، مؤكدين أن احتكار الدرداقات تم إلغاؤه عقب مناهضة العمال له. وقالوا في حديثهم لـ (الديمقراطي)، إنه لا حل لمقاومة الظلم إلا الانتظام في جسم نقابي لحماية حقوقهم، وأضافوا: “نطالب الأجسام النقابية وكتلة النقابات المستقلة بالوقوف معنا لتكوين جسم منتخب من العمال”. وكشفوا عن وجود (3) آلاف عامل بسوق أبوزيد، وتصل جملة العاملين بكل أسواق محلية أمبدة ما بين (7 – 10) آلاف عامل.
وكشف مصدر- فضل حجب اسمه- من اتحاد العمال السابق، أن نسبة الأطفال العاملين بالدرداقات بكل أسواق العاصمة تبلغ (65%) وفقاً لإحصائيات الاتحاد.
قال عدد من العمال الذين إلتقتهم (الديمقراطي)، إن مشاركة العمال في ثورة ديسمبر المجيدة كانت بهدف تحقيق واقع عادل ومنصف للشرائح الضعيفة، ولكن عقب الانقلاب عادت المحلية لممارسة الظلم على العاملين من خلال احتكار تشغيل الدرداقات عبر تجار يقتسمون معهم العائد. وكشفوا عن مصادرة المحلية لمجموعة من الدرداقات في الفترة ما قبل تخصيص متعهد للتحصيل، وكانت تقوم بفرض غرامات تصل إلى مبلغ (150) ألف جنيه تحت مسمى (مخالفة درداقة)، مؤكدين أن الغرامة لا تتناسب مع ما يتحصله العامل، موضحين أنه في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة أصبح المواطن لا يلجأ لحمل أغراضه عبر وسيط وكذلك التجار، لذا فالتحصيل اليومي ضعيف لعامل الدرداقة مقارنة بالفترة السابقة، والغرامة لا تتناسب مع دخله، ويصبح مطارداً.
كما أن بعض العمال اتجهوا لفتح بلاغات في المحلية، لجهة أنها عقب مصادرتها آلياتهم، ترفض منحهم إيصالاً يثبت المصادرة.
دراسة: (65%) من عمال الدرداقات أطفال
بلاغ في المحلية
قال العامل أحمد، صاحب عربة درداقة، إنه تم فتح بلاغ بالرقم (7140) المادة (180) جنائي، بقسم شرطة أمبدة جنوب لعدد (145) عربة درداقة تمت مصادرتها بواسطة إدارة المخالفات بالمحلية. وعليه يطالبون الجهات ذات الصلة بالنظر للعمال بعين الإنسانية، فهم فقط يريدون العيش بكرامة كمواطنين أصحاب حق، مؤكداً أن سلوك المحلية المتمثل في مصادرة آلياتهم ربما يدفع البعض من الذين فقدوا مصدر رزقهم للقيام بممارسات سالبة تحت ضغوط الحاجة.
يقول أحد العمال الذين إلتقتهم (الديمقراطي) إنه يعمل في السوق منذ (20) عاماً، ويعول أسرته المكونة من (8) أفراد، (5) من الأبناء وزوجته ووالديه. أضاف: “نأتي إلى السوق عقب أذان الفجر، وأحياناً نذهب إلى سوق الخضار لحمل الخضار من العربات القادمة من الولايات إلى جملونات البيع، ونتقاضى ما بين 3 إلى 5 آلاف حسب البضائع. ويكون مجمل ما نتحصله في اليوم ما بين 7 إلى 5 آلاف، ندفع منها 3 آلاف للفطور، و2 ألف مواصلات، والمتبقي منها مصاريف واحتياجات الأسرة الضرورية”.
عقب فترة الظهيرة عادة يأتي أبناء العاملين لمواصلة اليوم للعمل بالعربة، وفي هذا الوقت يقل العمل، وبالتالي يكون العائد ضعيفاً، ويتم تقسيم المتحصل على مصاريف الطلاب.
يقول العامل ياسين إنه قبل عدة أعوام، وفي فترة النظام البائد، كانت المحلية والسلطات تمارس تضييقاً على العمال. وإنه في نهار رمضان ذهب ابنه للعمل بالدرداقة حتى يستطيع جمع مبلغ من المال لكسوته هو وإخوته للعيد، فقامت إدارة محلية أبوزيد بحبسه في نهار رمضان في مخزن، مما اضطر العامل ياسين للصعود في صهريج المحلية كمحاولة للانتحار وضغط على المحلية.
وقال: “كانت حادثة شهيرة وقتها، وقامت الوحدة الإدارية بالإفراج عن ابني. سردت هذه الواقعة لأعكس الإحساس بالضيق عندما لا تجد عملاً تعيش منه بكرامة”.
محلية أمبدة
(الديمقراطي) اتصلت بالمدير التنفيذي بمحلية أمبدة لمعرفة الحقائق المتعلقة بعطاء الدرداقات وعودة احتكارها لذات المتعهد بالنظام البائد، ولكن المدير التنفيذي رفض الإجابة على الهاتف، بالرغم من توضيحنا لضرورة الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بالقضية.
الديمقراطي
البرهان قال المؤتمر الوطني لن يركب علي ظهر القوات المسلحه يا هو دا راكب ومدلدل رجلينو
حسبنا الله ونعم الوكيل