تنظيم العمل الحزبي وصلاحيات الجهاز التنفيذي.. أصوات مناوئة للقرار

الخرطوم- يوسف حمد
إذا كنت مع الحوار الشامل على طريقة الحزب الحاكم، أو كنت ضده، فإنك إزاء وضع سياسي شديد الارتباك، ينذر باستمرار حالة الهشاشة السياسية، فعلى حين غرة تحول الحوار عبر عدة قرارات إلى ما يشبه الخدعة السياسية والتكتيك المصمم لكسب الزمن، وبدا الحوار منتجاً للاختلاف، أكثر من كونه وسيلة للإجماع حول قضايا البلاد، وهو ما لا تتقبله حالة الأوضاع في السودان بجلد. مضت (10) أيام منذ تدشين الحوار الوطني الشامل، وحتى الآن لا أحد يعلم متى تنعقد بقية جلسات الحوار، ولا كيف؟.. ولا أحد يستطيع التحدث بدقة عن الأجندة التي سيتناولها المتحاورون. وإذا كان ثمة أحد يعلم شيئاً عن مسار الحوار الوطني والعملية السياسية، فهو أن قراراً جمهورياً أذيع أمس (الاثنين) يلزم الأحزاب بالحصول على “موافقة من السلطة المختصة، قبل وقت كاف لا يقل عن 48 ساعة”، إذا رغبت في إقامة نشاط سياسي داخل مباني دورها أو في الفضاء العام، وذكر القرار أن الغرض من ذلك هو الحماية والتأمين. وكذلك، خول للأحزاب الحق في تسيير المواكب السلمية، بعد الحصول على الموافقة من السلطة المختصة قبل وقت كاف لا يقل عن 48 ساعة لأغراض التأمين والحماية وتنظيم حركة المرور، على أن يتضمن طلب الحصول على الموافقة هدف الموكب السلمي وزمنه وخط السير.
بيد أن القرار مثل عند أحزاب المعارضة عقبة جديدة أمام العمل السياسي في كيفيته المطلوبة، وكشفت المعارضة عن تشكيلها للجنة قانونية بغرض دراسة القرار. ويقول محمد ضياء الدين، وهو المتحدث الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، إن القرار كان محبطاً للعملية السياسية، ومخالفاً للمطلوب بشأن إثبات جدية الحوار والعمل السياسي، ويعتبره ارتداداً على هامش الحريات المتاح للأحزاب في وقت سابق لدعوة الحوار الشامل. محمد ضياء الدين قال إن حزبه ملتزم بإخطار الجهات المختصة. لكنه لا ينتظر موافقتها، ويضيف وهو يتحدث : “كنا في الوقت السابق نخطر الشرطة بنشاطنا، ونتلقى موافقتها، ثم تحيل طلباتنا إلى السلطات الأمنية. لكن هي التي تعرقل قيام النشاط”. القرار ضخّم من صلاحيات الرئيس وولاة الولايات، وقدمهم كما لو أنهم رؤساء على الأحزاب، وقد جعل الرئيس قيماً على “تنظيم الأنشطة الحزبية”، ومنح ولاة الولايات صلاحيات واسعة في “إصدار ما ينظم النشاط السياسي في حدود الولاية المعنية”، وأن والي الولاية هو” الجهة محل الاختصاص في متابعة هذا النشاط”. ويقول رئيس قوى الإجماع الوطني، فاروق أبو عيسى،إن رئيس الجمهورية عمر البشير هو، في ذات الوقت، رئيس لحزب المؤتمر الوطني، ولديه مصلحة في التضييق على بقية الأحزاب، وأن رئيس حزب المؤتمر الوطني ليس من حقه تنظيم عمل الأحزاب ونشاطها، وتابع أبو عيسى في تصريحات صحفية أمس ( : “هذا غير مقبول”. ويشير المراقبون إلى سهولة خلق الذرائع في الولايات على شاكلة الأسباب الأمنية، وقال الخبير القانوني الدكتور نبيل أديب المحامي: إن تنظيم العمل الحزبي والمسيرات العامة السلمية ليست من صلاحيات رئيس الجمهورية والجهاز التنفيذي.
يشير القرار الجمهوري بالرقم 158 لسنة 2014 م والخاص بتنظيم الأنشطة الحزبية إلى “تحمل الأحزاب السياسية لمسؤولية نشاطاتها، وما ينجم عنها من أضرار على الأفراد أو ممتلكاتهم أو الممتلكات والمنشآت العامة”. الأمر الذي يعتبره المحلل السياسي، محمد الفكي سليمان، أمراً غاية في الغرابة، ويقول إن منطوق القرار يشير إلى أن الأحزاب هي التي ستقوم مقام الشرطة، ثم يتساءل الفكي: لماذا تخطر الأحزاب السلطات إذا كانت هي من يحمي ويتحمل ما يحدث في ندواتها..!؟
اليوم التالي
هذا حديث عديم المصداقية يجب اصدار قانون رسمى يلغي القوانين المقيدة للحريات .