«حرب النهر» لونستون تشرشل: نعم للإمبراطورية لا لشعوبها

ابراهيم العريس
على رغم ان السير ونستون تشرشل، دخل تاريخ القرن العشرين من الباب العريض، بوصفه واحداً من كبار رجال السياسة فيه، وبخاصة بوصفه أحد الصناع الأساسيين لانتصار الحلفاء على النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، ثم بعد ذلك من خلال كونه المبادر الى شن الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، حين أعلن في محاضرة ألقاها في احدى الجامعات الاميركية ان ثمة ستاراً حديدياً يحجب الآن بلدان أوروبا الشرقية عن العالم، على رغم كل هذا المجد السياسي ومن قبله الأمجاد العسكرية عند بدايات القرن العشرين، فإن تشرشل ظل طوال حياته يحلم بأن يكون شيئاً آخر: كان يريد أن ينال اعترافاً عالمياً به، ليس كرجل سياسة فقط، بل كرجل ابداع وفكر وفن ايضاً. ومن هنا كان الرجل يرسم ويكتب، هو الذي كان يقول دائماً ان صورته التي يفضلها انما هي صورته التي التقطت له على شرفة فندق قاهري شهير وهو مندمج في رسم لوحة. والحقيقة ان تشرشل رسم، بالفعل، عدداً لا بأس به من اللوحات، لكن ردود الفعل تجاهها، كانت بالأحرى ردود فعل مجاملة، بمعنى ان نقاداً قالوا يوماً ان «هذه اللوحات لو لم يكن راسمها زعيم بريطانيا، لكانت غابت في مهب النسيان».
> مع الكتابة كان حظ ونستون تشرشل أفضل على اية حال. ولعل البرهان الأقوى على هذا، فوزه بجائزة نوبل الأدبية أواسط خمسينات القرن العشرين، انما ليس عن كتاب أدبي أو عن عمل روائي أو شعري، بل عن كتاب في التاريخ الحديث يقع في مجلدات عدة. نعرف ان كثراً من الأدباء والمفكرين احتجوا يوم أعطيت أكبر جائزة أدبية في العالم الى هذا الكتاب ومؤلفه، وثارت أسئلة وعلامات استفهام كثيرة حول استحقاق الكاتب والكتاب للجائزة، ولو من ناحية المبدأ حيث لم يكن قد سبق للجائزة ان أعطيت بناء على عمل كتابي غير أدبي. لكن تشرشل يومها نفد بجلده وصار من حملة الجائزة الأسمى وصار في وسعه ان يعتبر ان واحداً من أحلامه الحميمة قد تحقق، حتى وان طفق المنتقدون يسخرون طوال فترة من الجائزة وحائزها ومانحيها.
> مهما يكن من أمر فإن هذا كله عاد ونُسي… بل حتى نسى كثر ان ونستون تشرشل كاتب، تماماً كما نسوا انه رسام، وبقيت له سمعته السياسية الكبيرة التي تجعله نقطة المرجع الأساس في السياسة البريطانية على مدى الأزمان جميعاً كأن يقال في تقييم رئيس حكومة بريطانية غيره، انه يدنو في قيمته من تشرشل او يبعد منه. ومع هذا يحدث بين الحين والآخر، ان تصدر احدى دور النشر، في بريطانيا او غيرها، كتاباً يحمل توقيع الرجل، ليعيد الى الواجهة الحديث عنه ككاتب. والحقيقة ان هذه الكتب، ومعظمها علمية تاريخية وسياسية، تحمل قيمها الخاصة وتقول حقاً ان ونستون تشرشل لو لم يعمل في السياسة المباشرة وتكون له مواقفه ومصالحه الخاصة، لكان من شأنه بالفعل ان يكون مؤرخاً جيداً، ان لم يكن على صعيد دقة المعلومات، فعلى الأقل على صعيد التحليل. ولعل البرهان على هذا كتاب صدر حديثاً مترجماً الى الفرنسية هو واحد من النصوص الباكرة التي كتبها تشرشل. والكتاب الذي يقع في نحو 330 صفحة عنوانه: «حرب النهر، سرد لحكاية اعادة احتلال السودان».
> كما يمكننا ان نقول، واضح موضوع هذا الكتاب من عنوانه. أما النهر المعني هنا فهو، بالطبع، نهر النيل. ولهذا الكتاب على أية حال حكايته، التي روتها الصحافة الفرنسية المتخصصة في معرض كلامها على الكتاب لمناسبة صدوره. والحكاية هي حكاية ونستون تشرشل نفسه، ولكن حين كان، بعد، في الثالثة والعشرين من عمره. وكان ذلك في شهر آب (اغسطس) 1898، حين انضم الى القوات الانغلو-مصرية في القاهرة، وكانت سمعته قد سبقته الى هناك بوصفه واحداً من أصحاب الرؤوس الحامية، ومن أشد المدافعين عن الرؤية الاستعمارية، والمغالي في احتقاره للشعوب الخاضعة للاحتلال ولا سيما منها شعوب الإمبراطورية البريطانية. وهو كان في ذلك الحين قد عاد لتوه من الحرب الأفغانية التي كان قد عرف بكتابته عنها في الصحف البريطانية، تعليقات وتحليلات تتميز بهجومها الساخر والعنيف على استراتيجيات لندن وعلى قرارات رؤسائه في افغانستان نفسها كما في العاصمة. وإزاء هذه المواقف احتاج الامر الى نفوذ عائلته الكبيرة وضغط من ارفع المستويات حتى يقبل اللورد كيتشنر، القائد العام للجيش في مصر في ذلك الحين، أن يضمه الى قواته، ولا سيما منها تلك التي كانت مكلفة في الوقت نفسه بإعادة احتلال السودان. ومن المعروف ان محمد أحمد، الذي لقب نفسه بـ «المهدي» كان قبل ذلك بنحو عشر سنوات قد شكل جيشاً باسم الاسلام تمكن به من السيطرة على الخرطوم. والآن ها هو لورد كيتشنر يسعى الى سحقه واستعادة العاصمة السودانية الى النفوذ البريطاني.
> وهذه الحكاية هي التي يرويها تشرشل في «حرب النهر». والنهر هو هنا، لازمة الكتاب الأساسية بحسب المتحدثين عنه، لأن تشرشل ينطلق من النهر ليعود اليه معتبراً اياه محور الحرب الحقيقي، وسبيلها. النهر الذي يقول عنه تشرشل: «الأمير والدرويش، الضابط والجندي، الصديق والعدو، يركعون أمام سيد مصر القديمة هذا». ومن هنا لا يبتعد تشرشل عن النيل في صفحة من كتابه إلا ليعود اليه. ومن الواضح ان جل ما كان يتمناه الكاتب والجندي البريطاني الشاب في ذلك الحين، هو ان يصبح النهر ملكاً خاصاً له ولأمته. لقد دخل في حالة عشق مع هذا النهر. حالة عرف كيف يعبر عنها في نص يجد النقاد انه من اكثر نصوصه عاطفية ورومانسية، على رغم ان صفحات الكتاب نفسها مليئة بشتى انواع التعابير العنصرية ومنها مثلاً ذاك الذي يقول فيه: «ان المزيج الزنجي والعربي قد ولّد سلالة لا شك انها شديدة القسوة والانحطاط، لكن الأكثر إثارة للصدمة هو انها أكثر ذكاء من العنصرين اللذين تكونت منهما». وهكذا انطلاقاً من هذه الفكرة الجدلية العنصرية الخالصة، يواصل تشرشل سرد تلك الحرب وعلاقتها بالنهر، واصفاً المعارك والمناظر الطبيعية والناس انفسهم بلغة تُجمع الأقلام التي تناولت الكتاب، على انها لغة جزلة رومانسية، انما لا تخلو من واقعية وحقائق تاريخية… الى درجة ان واحداً من الذين تناولوا هذا الكتاب قال ان تشرشل الشاب أثبت من خلاله انه، بقدر ما أساء الى أمم في حياته، والى شعوب في كتاباته، أساء الى نفسه إذ لم يتخذ الكتابة الروائية حرفة له حيث ان «صفحات هذا الكتاب تقول لنا اننا انما نحن بالفعل امام كاتب موهوب يعرف كيف يلتقط حساسية المكان والزمان اللذين يتحدث عنهما. ومن هنا فإنه لو كرّس مواهبه ودقة ملاحظته ? ولندع أحكامه المسبقة ومركزيته البريطانية جانباً ? لكتابة الرواية لكان نتجت من ذلك ولادة واحد من اكبر روائيي القرن العشرين… ولاستحق جائزة نوبل عن حق هذه المرة».
> في الوقت الذي كان فيه ونستون تشرشل، انجز كتابة نصه هذا، كان السودان قد استعيد الى الحكم البريطاني ? المصري «المشترك»، اما تشرشل فكان قد ترك ارض مصر، ليتوجه جنوباً، الى منطقة جنوب افريقيا، ملتحقاً هناك هذه المرة بالقوات العسكرية التي كانت قد بدأت تخوض حرب البوير، حيث ان ثورة البوير هؤلاء ضد الامبراطورية كانت قد اندلعت، ليجد الملازم الشاب ونستون تشرشل نفسه مندفعاً هناك للدفاع من جديد عن تلك الامبراطورية التي لن يتوقف عن الدفاع عنها طوال حياته، ودائماً على حساب الآخرين، لينتهي به الأمر جالساً بعد كل مرحلة مسجلاً ما حدث ورأيه بما حدث، بقلم جزل، ولكن بأفكار متزمتة محافظة لا تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها، بل تؤمن بحق واحد، هو حق الامبرياطية البريطانية في ان تعيش وتزدهر وتتمتع بالخيرات وضروب الجمال المنتشرة في كل مكان والتي عرف قلمه دائماً كيف يصفها.
دار الحياة
ما يهمنا في كتاب (معركة النهر) لشرشل انه يحتوي علي حقائق لافتة وفي بداية القرن العشرين (اي قبل حوالي القرن او يزيد) يقول عن هوية جيش الخليفة عبد الله في كرري (2 سبتمبر 1898م):- (المزيج الزنجي والعربي قد ولد سلالة لا شك انها شديدة القسوة والانحطاط لكن الاكثر اثارة للصدمة هو انها (اكثر ذكاء) من العنصرين اللذين تكونت منهما) وتلك حقيقة ناصعة وان جاءت في اطار شديد العنصرية . مع ذلك هناك من يريد ان يلوي عنق (الحقيقة) ويصف السودانيين ب (العرب) وفي القرن الحادي والعشرين . من يتصفح كتاب (حرب النهر) يلاحظ ان هذه الملاحظة التاريخية (سودانوية جيوش الخليفة)قد جاءت بعد ان وصف تشرشل (وبدقة شديدة) كمين عثمان دقنة لاصطياد فرقة الرماحة في داخل خور شمبات بع فترة قصيرة من معركة كرري وكان تشرشل قد استعان بالكوماندر البحري الذي ظل يراقب (ترتيبات) الكمين من علي ظهر بارجته الحربية علي النهر المقابلة لخور شمبات والنتيجة علي لسان الكوماندر البحري (كانوا كالارز الذي يسقط علي زيت ساخن)
ما يهمنا في كتاب (معركة النهر) لشرشل انه يحتوي علي حقائق لافتة وفي بداية القرن العشرين (اي قبل حوالي القرن او يزيد) يقول عن هوية جيش الخليفة عبد الله في كرري (2 سبتمبر 1898م):- (المزيج الزنجي والعربي قد ولد سلالة لا شك انها شديدة القسوة والانحطاط لكن الاكثر اثارة للصدمة هو انها (اكثر ذكاء) من العنصرين اللذين تكونت منهما) وتلك حقيقة ناصعة وان جاءت في اطار شديد العنصرية . مع ذلك هناك من يريد ان يلوي عنق (الحقيقة) ويصف السودانيين ب (العرب) وفي القرن الحادي والعشرين . من يتصفح كتاب (حرب النهر) يلاحظ ان هذه الملاحظة التاريخية (سودانوية جيوش الخليفة)قد جاءت بعد ان وصف تشرشل (وبدقة شديدة) كمين عثمان دقنة لاصطياد فرقة الرماحة في داخل خور شمبات بع فترة قصيرة من معركة كرري وكان تشرشل قد استعان بالكوماندر البحري الذي ظل يراقب (ترتيبات) الكمين من علي ظهر بارجته الحربية علي النهر المقابلة لخور شمبات والنتيجة علي لسان الكوماندر البحري (كانوا كالارز الذي يسقط علي زيت ساخن)
الحقيقة التي يجب ان يعرفها السودانيون انهم مزيج بين اجناس مختلفة واذا اردنا ان تصنف انفسنا عربا فاننا لسنا عربا قحا وان اردنا ان تصنف انفسنا افارقة فنحن لسنا بافارقة واكن اذا نظرنا الذين يدعون العروبة انفسهم ليسوا بعربا خلص ولكن يبقى المحك الاساسي هو انه كل من كانت العربية هي اللسان الام اه فهو عربي)mother tongue) وعلى كل حال ماذا كان يساوي العرب قبل الاسلام ؟ فالمحك الاساسي هو الاسلام الصحيح وليس اسلام المنتفعين والانتهازيين ولذلك نجد اناس لم يكونوا عربا في صدر الاسلام وكان يجتمع بهم عمر الخطاب لياخذ رايهم امثال بلال وصهيب وسلمان بينما كان ابو سفيان خارج مجلس الشورى للفاروق هكذا هي تعاليم الاسلام التي لاتفرق بين اسود وابيض واصفر وانما العمل هو الاساس اما ان يقعدك او يقيمك
فادعو القبلية فانها منتنة ويكفينافخرا باننا مسلمون