سرطان الثدي.. ناجيات يسردن قصة اللحظات الأولى

(%40) نسبة الإصابة بسرطان الثدي
من بين (36) ألف مصابة بالسرطان، توجد (6) آلاف منهن مصابات بسرطان الثدي، عزى الأطباء ذلك لانتشار الوعي بين المصابات، لكنهم عادوا ليكشفوا، أن ذلك يتم في مراحله المتأخرة بسبب عدم توفر جهاز الـ(ماموغرام)، الأمر الذي يجعل السيدات يحضرن في مراحل متأخرة من المرض، مما يفقدهن فرص النجاة.
(الديمقراطي) في المساحة التالية إلتقت بناجيات من المرض سردن قصة اللحظات الأولى من اكتشافه.
الديمقراطي – نسيبة فرحان
اكتشاف عن طريق الصدفة
أثناء تمرير يدها على صدرها، أحست بكتل لحمية حول الثدي، لم تكترث للأمر كثيراً. “ليلى حماد” من ولاية شمال كردفان، حكت لـ (الديمقراطي) تجربتها مع الإصابة بمرض السرطان، واستهلت قصتها قالت: ”أصبت بالمرض منذ أكثر من عامين، لم أكن أحس بألم، ما جعلني صامتة وغير قلقة، ولكن تفاقم الأمر، وتغير شكل الثدي”. ”كنت أحس ببعض الطعنات، وقتها فقط، ذهبت للطبيب، وبعد الكشف والفحوصات، أخبرني بأنني مصابة بسرطان الثدي في المرحلة الثانية”.
أضافت: ”أصبت بصدمة وخوف في البداية، خاصة أن المرض في مجتمعنا يعد وصمة. قررتُ إخفاء الأمر عن أسرتي عدا شقيقتي وزوجي، ولكن شقيقتي نصحتني بأخذ جرعات الكيماوي التي قررها الطبيب، وبالفعل خضعت للعلاج. كانت جرع الكيماوي تتخلل جسدي النحيل وكأنها نيران تشتعل بداخلي، ولكن قررت أن أتصالح مع المرض، وأتحلى بالعزيمة والإيمان”.
تابعت: ”بعد رحلة علاج ومعاناة ذهاباً وإياباً لتلقي جرعات الكيماوي في الخرطوم، تعافيت بحمد الله”. وقالت ليلى: ”أريد أن أوجه رسالة لكل سيدة مصابة بالسرطان، بعدم الخجل والتواري من المرض خوفاً من الوصمة الاجتماعية، وعدم الخوف منه“. وطالبت أصحاب المبادرات التوعوية، بأن يكونوا أكثر اهتماماً بالولايات، لجهة أنها الأكثر حاجة للوعي.
(%80) من الإصابات متأخرة لانعدام أجهزة الكشف
الجهل بالمرض
كانت تجلس في سجادة بلاستيكية في السور الملاصق لمستشفى الذرة بالخرطوم، تدعى “آمنة حسن”، تقول في حديثها لـ (الديمقراطي): “حضرت من مدينة تندلتي برفقة خالتي المصابة بمرض سرطان الثدي“، وذكرت أنها ليست الوحيدة المصابة، فهنالك (7) سيدات من أسرة واحدة مصابات، فقدت المدينة منهن (3) سيدات، بسبب اكتشاف المرض في مراحله الأخيرة، والخوف من الذهاب للطبيب.
كذلك شكت “آمنة” من ارتفاع أسعار الأدوية، وطالبت بضرورة أن يكون العلاج مجانياً، وأن يتم توفيره في الولايات حتى يتم التخفيف على المرضى في تكاليف السفر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تجعل الكثيرات يتجاهلن مقابلة الطبيب، ويكتشفنه في مراحله الأخيرة. تقول إن جارتها في ذات القرية اكتشفت وجود ورم حول الثدي، ولكن نسبة لفقرها وضيق ذات اليد، وكان في مرحلته الأخيرة، لفظت أنفاسها تاركة خلفها أربعة أطفال.
الناجيات

التقت (الديمقراطي)، ببعض من الناجيات من المرض، أيضاً، وكانت أبرزهن الإعلامية لمياء متوكل، والتي سردت رحلتها مع الإصابة بالمرض. وتقول لمياء إن من أصعب لحظات الإبلاغ عن المرض هي الساعة الأولى من علم المريضة بالإصابة، وأضافت: ”عندما أخطرني طبيبي المعالج بأنني مصابة بسرطان الثدي صدمت وانتابني خوف شديد، أحسست بأن الموت يقترب مني ويحاصرني، لكنني عدت أدراجي لأتقبل الوضع”.
أضافت: ”الصدمة الثانية كانت عند إخباري بأنه سيتم استئصال الثدي، فكرت كثيراً، خاصة أنني لم أتزوج بعد، لكنها إرادة الله. تقبلت الأمر وخضعت للعلاج، والحمد لله تعافيت وأصبحت أقوى مُبادِرة للتوعية مع مجموعة من الشركاء، وشعاري (بالوعي نناهض السرطان)”.
وتابعت لمياء: ”تصالحت مع المرض لدرجة أنني نشرت صورتي عقب تلقي العلاج بالكيماوي صلعاء. كان ذلك في 29 أكتوبر من العام 2017“. وأكدت لمياء من خلال مشاركتها في ختام فعاليات أكتوبر الوردي التي أقامتها نقابة الصحفيين؛ على ضرورة التوعية المستمرة بالمرض، لجهة أن اكتشافه مبكراً هو حياة للمصابات.
الإرشاد النفسي

تقول دكتورة “مَي البنا”، اختصاصية الإرشاد النفسي، وهي إحدى الناجيات من الإصابة بمرض سرطان الثدي، إنها أصيبت قبل (22) عاماً، تم اكتشاف إصابتها به في المرحلة الثانية، أضافت: ”أصعب اللحظات هي اللحظات الأولى، عند الاخطار بالإصابة، تحس فيها المصابة بالخوف، لكنه يتلاشى عندما تتحلى بالإيمان والعزيمة“.
وتابعت: ”نجحت عندما تمسكت بالأمل، ونظرت لأطفالي الذين شكلوا مصدر قوتي وعزيمتي، فتعافيت وأصبحت أكثر قرباً لله بقراءة القرآن والدعاء الذي يبعث الأمل والطمأنينة“. وطالبت “مي” بضرورة تلقي الإرشاد النفسي للمصابات، لجهة أنه يعزز الطاقة الإيجابية لدى المريضات، والتي تحد من انتشار الخلايا السرطانية.

وناشدت بدورها الجهات المختصة في مجال الصحة؛ بضرورة توفير الكوادر النفسية لمرضى السرطان. وقالت إن هنالك زيادة في الوعي بالمرض، كاشفة عن عدد (36) مريضة بالسرطان، منهن (6) آلاف بسرطان الثدي، وهذا دليل على كشفه في وقت مبكر نتاج الحملات السنوية التي تتم عبر المبادرات.
انعدام الأجهزة

عزى اختصاصي جراحة تجميل الثدي، د. معاوية علي دبورة، استمرار ارتفاع نسبة الاكتشاف المتأخر بسرطان الثدي لدى السيدات، لعدم وجود جهاز (ماموغرام)، وهو جهاز مختص بفحص الخلايا الدقيقة في الثدي، في عدد كبير من مدن العاصمة والولايات.
وقال دبورة خلال فعالية ختام (أكتوبر الوردي)، التي نظمتها نقابة الصحفيين السُّودانيين، بالتعاون مع مبادرة الإعلامية لمياء متوكل، للتوعية بسرطان الثدي، ومكتب الأطباء الموحد بالنادي العائلي، ومركز طيبة برس، في أواخر أكتوبر، إن تكلفة الجهاز البالغة (250) ألف دولار، ما يعادل (100) مليار، جعلت العديد من المؤسسات ترفض إحضاره رغم أهميته.
وشدد على أنه ما لم يتم تأسيس مراكز للثدي في كل محلية، تضم جهاز (ماموغرام) واحد كحد أدنى، وموجات صوتية عالية الدقة، وكوادر صحية مؤهلة، فإن الأوضاع ستظل سيئة. وأشار إلى أن (60 – 80%) من الحالات يتم اكتشافها في المرحلة الثالثة أو الرابعة، وأن امرأة من بين ثماني سيدات يصبن بسرطان الثدي.
وقال دبورة إن نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى السيدات؛ تبلغ (30 – 40%) مقارنة بالسرطانات الأخرى.

الديمقراطي