إستقلال أم إنفصال ؟ا

إستقلال أم إنفصال ؟

رشيد خالد إدريس موسي
[email protected]

من يتأمل خريطة جمهورية السودان, بعد رسمها إثر إنفصال الجنوب, يراها و كأنها قد تآكلت بفعل هذا الإنفصال. علق أحدهم قائلاً : خريطة مقرومة ! نعم تبدو و كأنها قد تآكلت. يقول تعالي في محكم تنزيله ( إنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ).
هي الحياة, نقص هنا و زيادة هناك, ذلك أن الإيجاب و السلب من طبيعة الأشياء, بفعل تعاقب الظواهر الطبيعية و ما ينتج عنها من نقص و زيادة.
الجنوبيون سموا يوم إعلان دولتهم, يوم الإستقلال. لا أدري عن أي إستقلال يتحدثون؟ و لماذا إختاروا هذه التسمية, التي توحي بأن هذا الجنوب كان مستعمراً. من الناحية السياسية يعني الإستقلال , التحرر من حكم الأجنبي. لكن هل كان يحكمهم أجنبي؟ ربما قصدوا إذكاء الشعور القومي , في هذا اليوم. من حقهم أن يفرحوا بما أنجزوه, و لكن كان ينبغي تسمية الشئي بإسمه.
الجنوبيون و إن إستقلوا بدولتهم, إلا أنهم لن يستغلوا وجدانياً عن شمال السودان, ذلك أن تأثير الثقافة العربية و الإسلامية سيظل باقياً و علاقات الجوار و القربي و المصالح ستظل باقية, إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. و يبدو أن الجنوبيين سموا دولتهم ( جمهورية جنوب السودان ) للإشارة إلي هذا الرباط الذي ما ينفك يربطهم بالشمال.
لقد إنقسمت ألمانيا إلي دولتين ( غربية و شرقية ) بفعل الحرب العالمية الثانية و قيام الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي و الغربي. تم بناء جدار برلين ليشير إلي هذا الفصل و العزل السياسي الذي حدث. لكن بزوال الظروف التي أدت إلي التقسيم, أي إنهيار المعسكر الشرقي و زوال الحرب الباردة, تصدع جدار برلين و أعيد توحيد شطري ألمانيا. يقول المراقبون, أن الجزء الشرقي, لا زال يسير متعثراً للحاق بالجزء الغربي, بفعل العزلة التي عاشها في ظل النظام الإشتراكي, و كان هذا ضد طبيعة الأشياء.
نهنئي الإخوة الجنوبيين بدولتهم الجديدة و نتمني لهم التوفيق في إدارة هذه الدولة. و لاشك أن هناك تحديات عظيمة ستواجههم. تحتاج هذه التحديات إلي إرادة سياسية و عمل دؤوب, حتي يتجاوزون هذه المرحلة الجنينية.

الرياض / السعودية