مقالات سياسية

المطالبة بتعديل قانون حماية الأطباء 

من المعلوم أن (قانون حماية الأطباء والكوادر والمنشآت الصحية) الصادر بتاريخ 29 من مايو 2020، هدف لتوفير الحماية للأطباء والكوادر والمنشآت الصحية بصفة عامة، نتيجة لتعرضها مؤخرا لعدة اعتداءات وحشية.

 ورغم تقديرنا للدافع وراء اصدار القانون المذكور، وحرص الجميع على حماية الأطباء والكادر الطبي بحكم أهمية دورهم المهني ومساهمتهم المشهودة في مقاومة ظلم وفساد الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة واخرها نظام الإنقاذ البائد.

إلا أننا نعتقد بعدم وجود أي مبرر لإصدار القانون المذكور، حيث أن   القانون الجنائي لسنة 1991، تضمن النصوص اللازمة لحماية (الموظف العام) ويشمل ذلك الأطباء والكادر الصحي- حسب التعريف الوارد في القانون للموظف العام – أثناء قيامه بواجبات وظيفته. كما أن القانون الجنائي يشمل بذات القدر حماية المنشآت الصحية بحكم أنها مرافق عامة. 

 على ضوء ما تقدم، فقد كان من الأجدر الاكتفاء بتعديل القانون الجنائي وتشديد العقوبات المنصوص عليها في المواد ذات العلاقة، لتوفير الحماية لكافة موظفي الدولة بما في ذلك العاملين في القطاع الصحي من أطباء وغيرهم، بدلا عن   اصدار قانون جديد يقتصر على توفير الحماية لبعض شاغلي الوظائف في القطاع الصحي دون غيرهم  من العاملين في ذات القطاع الصحي  مثل سائقي سيارات الإسعاف وغيرهم رغم أهمية دورهم في توفير   الخدمات الصحية.

ولبيان عدم وجود مبرر لإصدار قانون الحماية المذكور، نسوق الأمثلة الأتية:

  1.  المادة (1) من قانون الحماية المذكور، تجرم أي شخص يعتدي على الطبيب او الكادر الصحي باي طريقة اثناء تأدية أعماله أو بسببها، وبذات القدر فأن المواد (99) و (103) من القانون الجنائي، تجرم ذات الأفعال.    
  2.  تنص المواد (2) و(3) من قانون الحماية المذكور، على تجريم كل شخص يقوم بتعطيل العمل واتلاف المنشآت الطبية على وجه غير مشروع، وتنص المادة (108) من القانون الجنائي، على تجريم ذات الأفعال.
  3. تنص المادة (4) من ذات  قانون الحماية، على تجريم أي شخص ينشر معلومات مضللة أو غير صحيحة تؤثر على أداء الأطباء أو الكوادر الطبية أو المنشأة الصحية، وبذات القدر تنص المادة (66) من القانون الجنائي، على تجريم ذات الافعال
  4. عقوبة السجن المنصوص عليها في قانون الحماية المذكور، والمحددة بمدة   لا تجاوز عشر سنوات، دون تحديد الحد الأدنى لمدة السجن، لا تحقق الهدف المنشود بتشديد العقوبة لمنع تكرار ارتكاب الجريمة، وتحقيق الهدف المنشود يتطلب تحديد الحد الأدنى لمدة عقوبة السجن (السجن لمدة لا تقل عن — ولا تجاوز عشر سنوات) 

ولتجنب التضارب بين القوانين خاصة فيما يتعلق بتعريف الجريمة وتحديد عناصرها، فقد   كان من الاجدر الاكتفاء بتشديد العقوبات ذات الصلة، المنصوص عليها في القانون الجنائي، وبما يؤدي لتوفير الحماية المطلوبة، أضافة للعمل على تفعيل دور النيابة العامة والشرطة لأنفاذ القانون. 

أضافة للملاحظات المذكورة، نشير إلى أن (الباب الثاني) من القانون المذكور، تضمن مواد، نعتقد أنها تهدف لحميات الطبيب والكادر الصحي من المسؤوليات القانونية المترتبة على   أدائهم المهني، وليس ألي حمايتهم من التعدي الجنائي الذي كان هو الهدف من اصدار القانون. 

   ويتبين هذا الأمر من المواد (1) و(2) من الباب الثاني التي نصت على نفي المسؤولية الجنائية المرتبطة بالإهمال أو قلة الاحتراز في الأداء المهني من قبل الطبيب أو الكادر الصحي وفقا للمادة (132) من للقانون الجنائي، وقصرت مسؤوليتهم   على المسؤولية التقصيرية فقط وفقا لأحكام قانون المعاملات المدنية، كما أنه ووفقا للمادة (3)    لا يتم إثبات   المسؤولية التقصيرية   ، ألا بموجب تقرير مكتوب صادر من المجلس الطبي السوداني. 

وأعتقد أن هذه المواد ومالم يتم تعديلها على نحو يزيل التضارب بينها وبين القوانين الأخرى، سوف يتم الطعن فيها وقد يترتب على ذلك ابطالها من قبل المحكمة المختصة.

وعليه ولما ذكر من اسباب، نعتقد بضرورة تعديل قانون حماية الأطباء والكوادر والمنشآت الصحية.

عبد الحليم محمد أحمد
مستشار قانوني/ قاضي سابق
[email protected]m

 

تعليق واحد

  1. في قاضي سابق له نفس رأيك دا في هذا الموضوع هل اطلعت عليه؟ لقد قال نفس الكلام وتم الرد عليه بأن القانون الجنائي يحمي الطبيب فقط عندما يكون موظفاً عمومياً يعني موظف بوزارة الصحة ولا يحمي عموم الأطباء في الحقل الخاص! وأنت شخصياً قد ذكرت عبارة الموظف العام الواردة في القانون الجنائي والتي تشمل فقط الطبيب العمومي، ومع ذلك تتفق مع زميلك السابق في أنها كافية لحماية عموم الأطباء وليست منحصرة في الأطباء العموميين مما يثير السؤال حول قصة قاضي سابق دي هل تقصدوا قاضي بالمعاش الاختياري أو الاجباري أم قاضي مفصول من الخدمة؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..