جيوش تحارب الوطن في الخفاء

الوطن هو تلك الرقعة الجغرافية التي أحببناها دون سؤآل وأعطتنا دون مقابل مثلها مثل الابويين تحبهمها وتحب ذكراهما وأصدقاءهم وأشياءهم وهم بالطبع يبادلونك حبا بحب أكبر والسودان وطن ذو نشأة جزورها ضاربة في عمق التاريخ حضارة ورقياً وقد عرفت بلاد السودان المسيحية كما عرفت الاسلام وعاشت حياة المدينة والبادية وحياة الممالك والرعاة وأقدس مافيها حرية وكرامة الانسان وقد قدمت بلاد السودان الحماية والمنعة للماجرين الاولين من صحابة المصطفي صلي الله عليه وسلم ورفضت كل ما قدمته قريش من إغراء لتسليمهم لها وعاشوا فترة من الزمن زرعوا وحصدوا وتاجروا ولم يتعدي عليهم احد. ثم جاءها الاسلام من إتجاه الشمال غازيا فأوقفت زحفه جنوبا ووقعت معه اتفاقية البقت الشهيرة التي حرمت العرب والمسلمين من دخول بلاد النوبة سبعة قرون. ثم جاءت الهجرات العربية السلمية واختلطت مع السكان الاصلين وكونت السودان الحالي بحدوده الجغرافية المعروفة
وتعرض للإستعمار الحديث وإنتصر عليه بعد كفاح مرير وتضحيات جسام وبطولات عظيمة وفدائية غير مسبوقة ونال غستقلاه وتعاقبت عليه حكومات وطنية تعددية وأخري عسكرية إلي أن جاء النظام الحالي والذي إختزل كل الوطن في جماعته ولا فكر الا ما بجعبته . وقد فشل في إدارة البلاد ومواردها وأدخل الحياة السياسية في تعقيدات أدخلت البلد في حقبة تاريخية عصيبة إذا لم نستطع أن نتجاوزها بحكمة العقلاء ومساندة الأصدقاء فإن في نهايتها سيولد سودان جديد مشوهد متناقص الأطراف سيئ الأعراف لا نعرفه ولا يعرفنا وسنعيش فيه غرباء أذلاء وللاسف الشديد هنالك جيوش تحارب في الخفاء لتحقيق هذا بعلم أو بجهل وغباء وفي مقالي هذا سأوجه إتهاماتي لهؤلاء:
أولا: قبيلة الإعلام المرئي والمسموع والمنشور إن السادة الذين أمتهنوا مهنة العمل في هذا المجال مقصرون في حق الوطن وذلك لانهم يعملون علي تمجيد الحاكم ويحجبون عنه حقيقة ما يجري علي الأرض بل منهم من يزين له شنيع ما يرتكب من جرائم وما يتخذ من قرارات ولم اجد في المزياع او التلفاز برنامجة يحث إدارة الحكم علي إتاحة الحريات العامة او مساءلة المسئول الفلاني او تعرية المسئول العلاني . بل ذهب الاعلام أكثر من ذلك واختزل مفهوم الوطن والوطنية في من يساند النظام وكل من يخالف هو عميل ومرتزق. واذا وجدنا العزر لأصحابنا من الاعلاميين في أجهزة الدولة الرسمية فإنني لا أجد عزرا لمن يعملون في سلك أو بلاط صاحبة الجلالة وللاسف الشديد فإن صحافتنا مساندة للنظام وفي بعض الاحيان ملوكية أكثر من الملك خصوصا رؤساء التحرير ولا شأن لي بتوجهاتهم السياسية ولكن أمانة الكلمة تقتضي إظهار الحقائق والبحث والتنقيب لكشف الغموض الذي يصاحب صنع القرار بل الامر يقتضي علي أصحاب الكلمة توجيه الرائ العام بما يخدم مصلحة الوطن وعكس ما يجيش به خاطر المواطن البسيط ثم إن كثير من القضايا الملحة تتناولها الصحافة وكأنها أخبار عابرة مثل حرية النشاط الحزبى والعطالة والتعليم والصحة والمعناة اليومية المتجددة الناشئة من سلوك الحكام الغير مبالي بإرادة الجماهير ولا مراعيا لمصالح الناس ومشاعرهم. والحديث يطول لذا ننتقل إلي القبيلة الثانية وكلمة قبيلة هنا كما تعلمون نستخدمها مجازا.
القبيلة الثانية : هي قبيلة ما يعرف تاريخيا بفقهاء السلطان وهؤلاء أضفوا سبغة إسلامية علي النظام وأعتبروه دولة الخلاقة الراشدة في القرن الحادي والعشرين واعتبروا كل معارض له خارجا وزنديقا بل عميلا يجوز ان يقال في عرضه ما لم يقله مالك في الخمر وتقيد حريته ويحرم من وظيفته ويطارد حتي يتوارئ في التراب منتحرا او بفعل فاعل ولم يسلم من هذه الفئة احد حتي الدكتور الترابي عراب الانقاذ والمبشر به وقد تعالت هذه القبيلة ونشطت كثيرا في تجريم الوطنيين المعارضين للنظام بل في تجريم بعض الاحزاب والفتوي بحجرها من النشاط وهذه القبيلة أصبحت جزء لا يتجزاء من نظام الحكم فأنشأ لها لمجالس والامانات والمستشاريات فصارت تبيح كل ما يخدم مصالح النظام حتي إن كان محرما بنص قرآني محكم مثل إباحتها الإقتراض بالربا تحت شعار القاعدة الفقهية الضرورات يبحن المحظورات.
أما القبيلة الثالثة: فهي رجال الأعمال والتجار والذين يسخرون كل إمكانياتهم لخدمة النظام ويضعون أموالهم تحت تصرفه ولا ادرى ما السبب خوف ام نفاقا أم شرك تقديم السبت ليكون الاحد لهم وقد عرفنا تجارا يدفعون زكاة أموالهم مقدما لسنوات وكذلك ضرائبهم كما أنهم لم يحتجوا علي كل القوانين التي زادت من قيمة الضرائب علي السلع والخدمات لأكثر من 17% غير ما تأخذه الدولة كرسوم علي الرخص والأرانيك أضافة لذلك أرباح الأعمال والتي تفوق ال30% لم يحتجوا علي كل هذا لانهم مستفيدون يضعون الاسعار التي يرونها تناسبهم وهي بالطبع لاتناسبنا ولا تناسب حجم الانخفاض في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الاخري.
اما القبيلة الرابعة : فهي جموع الشباب والطلاب الذين تركوا ساحات نشاطهم ليسيطر عليها من ينافقون او يساندون النظام ولم يجدوا لانفسهم تجمعات حقيقية ينشطون داخلها ليكافحوا حربا تدور في الخفاء والعلن لشرزمة وتقسيم وطن الجدود.
ذكرت هذه القبائل وانا أعرف ان هنالك أناس داخلها ظلوا يبزلون الغالي والنفيس لاسماع صوت الحق ونشر الحقيقة وتمليكها للمواطن المغلوب علي امره وقد تعرضوا للإعتقال والحبس والايقاف من النشر كما أن هنالك شباب ظلوا يدافعون عن الحريات العامة داخل جامعاتهم ويكتبون الكلمة الوطنية نثرا وشعرا ومن التجار من يساهم في مشاريع حيوية حياتية تخدم عامة الناس ولايأبه بالسلطان ولا يرغب في التعاطي معه.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..