من يقرع الأجراس؟

إنها أيام مباركة رغم شلال الدماء المنهمر في أكثر من مكان.. نسأل الله ببركة هذه الأيام أن تصفو القلوب وأن تتراجع الكراهية وأن يكون التعايش ممكناً بين المكونات المختلفة للمجتمعات العربية.. فالكراهية لا توَلـّد سوى كراهية، والقتل مثل حبات المسبحة يقود وراءه موتا مماثلا وطابورا من الجثث لا تستثني النساء أوالأطفال أوالمسنين.. عندما تتراكم أكوام الغبن والكراهية تتسع الدائرة، ويسقط الأبرياء بلا ذنب جنوه سوى أنهم كانوا هناك في مرمى النيران.
نرفع أكفنا بالدعاء في هذه الأيام المباركة أن يلطف الله بنا وبعباده الصالحين، وأن يغسل الصدور والقلوب من هذه الأحقاد المتراكمة، وأن ينير العقول بضوء الحق والحقيقة وأن تتحد الأيدي والقلوب وأن يكون التسامح هو شعار الجميع وشعار المرحلة، فلم نسمع من قبل أن الغبن ساهم في علاج قضية أو أوجد ترياقا لأي مصيبة من المصائب التي تعاني منها مجتمعاتنا.. حتى بات الشقيق لا يثق في شقيقه، واتسعت الفرقة لأن هناك أصابع وأيدي تلعب في الخفاء ولا تريد الأمن والاستقرار والتعايش والمحبة بين هذه الشعوب والدول، فتحدث القطيعة ويقع التباعد.
نسأل الله أن يرحمنا برحمته التي وسعت كل شيء، وأن يغسل قلوبنا ويطهر عقولنا من الأوهام والوساوس التي تقودنا نحو التباغض والهلاك، ولابد للحكمة أن تلعب دورها لتنفس هذا الاحتقان وتوجد أرضية طيبة من التعايش المشترك، فمن غير المقبول ولا المعقول أن تتضخم الشكوك إلى هذا المدى المخيف، وأن تحكمنا هواجس المؤامرة، وأن كل واحد منا يحمل الخنجر في خاصرته ليطعن به الآخر في مقتل.. وكأن الأمة تحولت إلى جماعة من القصابين تحتفي وتحتفل بالدماء وتشرب منها بلا ارتواء.
الغريب في الأمر ورغم اشتداد المحنة فإن الأمة لم تتداع لأي قمة عربية عاجلة أو طارئة لبحث هذا الواقع الحزين، وحتى تتم مصارحة ومصالحة بين القادة لوقف هذا الموت العبثي وإيجاد مخارج للأزمة المحنة، فإنه من العيب أن يحدث ما يحدث في أرض العرب ويتحرك فقط الغرباء ليرسموا لنا الخطط ويحركوا الأساطيل لمواجهة مخاطر هم كانوا السبب وراء وجودها وتضخيمها. فداعش ما زالت تمثل لغزا للعارفين والجهلاء في الوقت ذاته .. فهي نبت شيطاني تمت زراعته وسقايته ورعايته حتى اشتد عودة في الغرف الاستخبارية المحكمة حتى يولد هذا المسخ الشائه الذي يعبث بحاضرنا ومستقبلنا، ويثبت أن الجيوش التي يصرف عليها مليارات الدولارات مجرد “خُشب مسندة” لا يصمدون في معركة أو يحققوا نصرا تفتخر به الأمة التي يسكنها البؤس والتعاسة والعجز.
هل خرجت مراكز الأبحاث العربية والمفكرون العرب علينا بدراسة رصينة تبين لنا حقيقة ما يحدث وإلى أين تقودنا هذه الأحداث الجارية؟، كل الأبحاث المطروحة هي من مراكز غربية أو دوائر مشبوهة.. وهي بالتالي تمارس المزيد من التضليل والإيهام بمخاطر متعاظمة وكأن هذه المنطقة من العالم قريبة من السقوط في هوة لا قرار لها بسبب هذه الأخطار المصطنعة.
علينا في هذه الأيام المباركة أن ننفض عن أنفسنا غبار الاتكالية، وأن نطهر دواخلنا من هذه المخاوف التي يتم تعظيمها عبر وسائط التواصل والفضاء الأسفيري.. وقديما قيل إن “من يهن يسهل الهوان عليه” وأعتقد أننا بتنا قريبين من هذه الحالة اليائسة ولابد من يقظة، وسنبقى هنا ننتظر من يقرع الأجراس.. ما لم تحدث يقظة لهذه الأمة فإن المخاطر ستلتهم ما تبقى من الأمن الكاذب والاستقرار المتوهم.
[email][email protected][/email]
كل ما طُرح من قبلكم من أسئلة أستاذ عيسى
يحتاج الى عقول مدركة لمعضل الوطن العربي
تتميز بالنبل و الشرف و محبة الناس جميعاً
حتى يمكن أن نبدأ بداية سليمة في طريق
الحل
نحن الآن لا نملك سوى الدعاء !!؟..
فليرحمنا الله و يسدد خطانا