كـجـبار قــرن وربــع مـن الصـمـود

هذه أبيات كنت قد كتبتها قبل عامين فى ذكرى مذبحة كجبار. واليوم أشعر بالحاجة إلى بعثها كرسالة وفاء للصناديد الذين يقفون فى مواجهة أجهزة القمع التى قامت بإغلاق نادي المحس بالديوم الشرقية حتى يكمموا الأفواه التى تعارض قيام السدود الكارثية التى ستمحو آثار أول حضارة بشرية على وجه الأرض. فإلى الصامدين أمام نادى المحس وفى كجبار وكل أرض النوبة الطاهرة أهديكم مشاركتى دعما لوقفتكم الصلبة. وهى كل ما عندى وأنا بعيد عنكم عبر المحيطات ولكن عقلى وقلبى معكم، يا شرفنا وعزنا وطليعتنا. لأنه يزيدنى فخرا أن أرى العزيمة والإصرار فى كل وجه فى الحملة النوبية لرفض ومعارضة السدود؛ ونحن فى الغربة ما زلنا خلفكم بكل ما نملك.

هى رسالة محبة كامنة فى النفس لقوم هم أعز على النفس منها؛ وأجمل خلق الله على البسيطة. وإعلانا للتضامن مع وقفة الشموخ والشرف فى كجبار حيث صرع رصاص الغدر أربعة من أملنا فى المستقبل وهم شباب فى عمر الزهور؛ كانوا يمنون أنفسهم بعيش كريم وإسهام من أجل الأمة والإنسانية. ولم تكن كجبار حادثة معزولة وإنما حلقة من مسلسل طويل فى تاريخ قوم عاشوا الإذى والإذلال والمهانة والتشريد والتهميش؛ لما ناف عن القرن وربع؛ مذ يوم أن وقف الخديوى توفيق عام ألف وثمانمائة وتسعون ممنيا نفسه ببناء سد إسوان فبدأ التشريد والتهجير والطرد والمطاردة والإذلال. وبدات رحلة الدموع لتجرى نهرا لم يسبق له مثيل فى تاريخ البشرية. إنها محرقة التراث والكرامة والوطن والإنسانية. والأمة النوبية تلعق جراحها وحيدة فلا معين ولا منصف. رغم تفانى النوبيين فى خدمة الوطنين الكبيرين فى مصر والسودان بكل التجرد ونكران الذات. فما وقف معهم أحد ولا آذرهم إلا من يعدون على اصابع اليد رغم تكرار التهجير والموت والدمار مرة ومرتين وثلاث وأربع مرات.
فيا قومى صمودكم يملأونا فخرا ويحفزنا أملا بأن النصر قادم لا محالة وأن أمتنا بإذن الله خلود إلى يوم تقوم الساعة. فشدوا الرباط وأجمعوا شملكم فما لكم إلا أنفسكم فتوحدوا حتى تؤدوا الأمانة للأجيال القادمة وتضمنوا بقاء أمتنا كما كانت مهدا للحضارة ومنارة للوطن وبلسما للإنسانية وعطاءا للنماء.

كـجـبار قــرن وربــع مـن الصـمـود
**********************
ضراعى الينبتر لو إيديىّ ما تسندكـم
وعـقلى اليطـير أن ما دوام فـاكـركـم
لسانى الينقطع لو يوماتى ما مجدكـم
وقلبى الـيقيف إن أركانه ما جـمعتكم
ما من يوم إتولد جـواه كان مسكـنكم
وفى كجبار تـانى إتولد مـع وقـفـتكم
ما الليله الخلوق شهدت على عزتكم
شافت صـمود زى الأربعة الفادينكم
كان بلانه أو من دال الفيها سـاقيتكم
كان فريق سـمت مشكيلة أو دفويكم
ماالكل أرضـنا الياهـا أم تـاريـخكـم
تطير السـدود الما فيها شـى ينفعكم
كل ســد بنوه جـاب الدمار شـردكم
مية سـنة وربعا شر الجـحـيم شتتكم
ورغم القمع حـب الأرض صـمدكم
وبالغالى وعزيز كل نوبى بيآزركم
قسـم أولادكم الفى الغربة ماناسـنكم
ذرية عظام عزة اسود مسقية بنيتكم
أصل الحضارة وأسس العلوم منكم
إنتو الأسود وربى العظيم ينصركم

بروفيسور عبدالرحمن إبراهيم محمد
بوسطن – الولايات المتحدة الأميريكية
21 يناير 2016

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..