العصيان المدني و كلاب الفكي أسحاق

( يُحكى أن تاجراً عرفه الناس بقسوة القلب. وكان هذا التاجر يشتري عبداً كل عام ليعمل عنده سنة كاملة فقط ، ثم يتخلص منه. لكن ليس بتسريحه وإطلاق العنان له ليبحث عن عمل آخر أو سيد آخر، بل كان يرميه لكلاب عنده، يكون قد منع عنهم الطعام أياما معدودات، فتكون النهاية بالطبع لذاك العبد مؤلمة.
كان هذا التاجر يعتقد أن التخلص من خدمه بتلك الطريقة إنما هو طريقة للتخلص من مصدر ربما يكون قد عرف الكثير من أموره وأسراره، فإن الخدم في البيوت يطلعون على أمور كثيرة وأسرار عدَّة.
قام التاجر كعادته السنوية بشراء عبد جديد، وقد عُرف هذا الجديد بشيء من الذكاء. ومرت عليه الأيام في خدمة سيده حتى دنا وقت التعذيب السنوي.. جمع التاجر أصحابه للاستمتاع بمشهد الكلاب وهي تنهش في لحم العبد المسكين. وكان كعادته قد توقف عن إطعام الكلاب عدة أيام حتى تكون شرسة للغاية. . لكن هاله ما رأى.
ما إن دخلت الكلاب على العبد، حتى بدأت تدور حوله وتلعق عنقه في هدوء ووداعة لفترة من الزمن ثم نامت عنده! احتار التاجر لمنظر كلابه الشرسة قد تحولت إلى حيوانات وديعة رغم جوعها، فسأل العبد عن السر ، فقال له: يا سيدي لقد خدمتك سنة كاملة فألقيتني للكلاب الجائعة، فيما أنا خدمت هذه الكلاب شهرين فقط، فكان منها ما رأيت)!!
هذه الايام هنالك حراك أسري دؤوب يقوده نسور المؤتمر الوطني بين كافوري والقيادة العامة و شجرة الفكي اسحاق لافشال العصيان المدني حتي تتسني للطغمة الفاسدة تمديد حكم (الاسد النتر) ,نتاج هذا الحراك تلخص في الذهاب الي الفكي اسحاق صاحب الامكانيات الروحانيه الخارقه في تذليل الصعاب و جلب الامنيات.
تحرك الوفد الميمون قاصدا شجرة الفكي اسحاق يحدوه الامل في تحقيق المراد , تهادت بهم السيارات عبر الطرق الوعرة و القري المنسية بظلم الشر المبين في النفوس البغيضه ,وصل الوفد الي الشجرة تسبقه سحب من الغبار الكثيف مشبع بلعنة الأرض علي القادمين.
قبل أن يترجل الوفد من السيارات تناهي الي سمعه صوت يسبقه نباح كلب (ايها القادمون من بقايا الذاكرة) مرحبا بكم في ظلال الشجرة المباركة , انقشع الغبار فتراءات ملامح الشيخ و هو منتصبا لاستقبالهم تحت الشجرة , تحاورا كثيرا حول اسباب المجيء وحلول المغادرة .
بصوت أقرب الي عواء الذئب و همهمات الهائم علي وجه , تحاور الشيخ مع مجهول يرونه قائما امامه ويراه حقيقة , التفت اليهم قائلا بلكنة مخيفة : سوف ينجز الأمر أن شاء الله … لكن هنالك أشياء مكملة للعمل لا بد من احضارها وهي تتطلب مبالغ طائلة…
رد احدهم باستعجال : نحن في أتم الجاهزية أيها الشيخ…
نظر اليه الشيخ قائلا : المبلغ طائل…طائل… الخدام من الجن حددوا ذلك المبلغ..
ردت اليه صاحبة الوجعة : المبلغ بحوزتنا أيها الشيخ….
نظر اليها الشيخ قائلا و هو يتفحص زينتها من الذهب : أممم… اذا…طلبكم بأذن الله سوف يتم علي وجه السرعة …
و أردف قائلا : أترون ذلك الكلب ذو اللون الأسود ….. هو صاحبكم …
نظروا اليه بأستغراب متسائلين : وكيف ذلك أيها الشيخ….رد الشيخ بأطمئنان وهو يجول بنظره في وجوههم العابسه : أريد تسعة عشر كلبا جائع من هذه الفصيلة , و مثلها عددا أرانب بيضاء اللون سوف نقدمها اليهم قرابينا صباح اليوم الموعود و هذا الامر سوف يسبقه عمل ثلاث ليال متتاليات ….بعدها سوف تنجز هذه الكلاب عملها بالقضاء علي العصيان…
ردت صاحبة الأمر في مداخلة عجلة : طلباتك متوفر لدينا بالمزرعة أيها الشيخ
و أردف قائلا بنظرات ماكرة : الان عليكم بدفع المبلغ المتفق عليه كاملا… زائدا هدية العمل وهي هذه المصوغات الذهبية ..قالها و هوينظر الي يدها في تلذذ…..
تم ترتيب الامر و نظر اليهم الشيخ مودعا : موعدنا صباح يوم التاسع العشر من الشهر الجاري..فهل أنتم مجتمعون…
أتي اليوم الموعود وأجتمعت أطراف الشر لتنفيذ مخططها المزعوم بقيادة الشيخ الضرورة , أخذ الشيخ يجول في الساحة المغلقة المخصصة لاتمام الوعد و هو يتلو في كلمات وجمل مبهمة تصحبها حركات بجسده اللاحم بخيرات الوطن الجريح ….والأطراف الاخري متحولقة حول الساحة…
“ائتوني بالكلاب” قالها بصيحة مجلجله…و هو بداخل القفص الذي خصص مأوي للأرانب الضحية
في دقائق معدوات كانت الكلاب حاضرة في اقفاص وهي في حالة هياج وزمجرة ,وضعت الاقفاص متراصة في خط مستقيم علي احدي جوانب الساحه ..
“الان سوف يبدأ الخلاص من اولئك الأشرار” قالها بصوت مفعم بالثقة العمياء..
“أطلقوا الكلاب”قالها بصوت أشبه بقرع طبول الحرب..
أنطلقت الكلاب الشرسة تجول وسط الساحه في حالة من الهياج والنباح المتواصل والبحث عن غنيمة تشبع بها جوعها …
ألقي الشيخ بالأرانب دفعة واحدة تجاه الكلاب…..و هو يتلو في تعاويذ بلحن اشبه بأصوات الحميرفي موسم التزاوج…
فكانت المفاجاة….
فجأة.. جميع الكلاب بسطت زراعيها بالأرض واستكانت من هياجها وهي تصدر أصوات ترحيب حانية لرجل انحدرضياء من سماء الوطن الجريح ليطفيء حزن السنين العجاف….
في صوت واحد صاح أهل الأفك المتضامنون بأفشال القضية : من أنت… من أنت يا هذا
نظر أليهم قائلا بأنتصار : أنا…. أنا الشعب…أنا العصيان…أنا قدركم المحتوم يا أهل النفاق.. ان لك أن تستريح من نزفك يا وطن….ثم دار بنظره نحو الكلاب فأنطلقت باتجاه المفسدون في الأرض …فكانت النهاية لفئة أجتمعت بليل للقضاء علي وطن شامخ بأبناءه…
……..
أملا قلبك بالوطن ? بالصُّغارْ
قومة العمال دَغَش ? بالنّضارْ
المزارعية الغُبُش
بالجنود الوين تخش
في سبيلك كالنهارْ
بالمداد الما بيغُش
بي وتر جاء من الجحيمْ
أملأ قلبك بالنسيمْ
محمد الحسن سالم حميد
مهندس/ معاوية ماجد
[email protected]