مقالات سياسية
الانقاذ : الماركسية الدينية والدين الماركسي

احمد الفكي
في وطننا يجب التحقق من والتدقيق في كل كلمة يستخدمها سياسي ايا كان اتجاههه. فكل قاموس اللغة قد تم استخدام كلماته لتعني عكس المعني حتي في اكثر السياقات والصياغات وحشية ومجافاة للواقع. ولعل كلمة “انقاذ” هي من اكثر الكلمات التي نالت حظها من الملطشة لدرجة ان تعني العكس تماما. ولو كانت كلمة “انقاذ” انسانا يمشي ويعبر عن مشاعره من فرح وحزن وخوف وحب، لاصيبت تلك الكلمة بالجنون ولتجولت شوارع السودان شارع شارع ، وزقاق زقاق وهي عارية منكوشة الشعر تصرخ وباعلا صوتها : دي ما انا واللة دي ما انا. اللة ينتقم من الكيزان واحد واحد. انقاذ في قاموس اللغة تعني انقذ شيئا اي انتشله وغالبا من وضع سيء الي وضع افضل ، ونقول سيارة الانقاذ وفرق الانقاذ وهي دائما ما تاخذك من وضع سيء الي وضع أفضل. ولكن الكلمة وفي سياق المشروع الحضاري تعني تغييب العقل وقتل وتعذيب الذي لا يتفق معك وفرض سلوك معين علي كل الشعب. انها تعني الفساد والاستبداد ونهب ثروات البلاد واطلاق يد الاسلاميين لينهبوا ليل نهار. انها الصاق فشل الحاكم بمنطق امتحان الخالق لشعبنا وتفسير كل اخفاقاتهم بعدم رضي اللة.
فالسوداني الذي عاش عهد الانقاذ ويعيش اثاره القاتلة اليوم لن يفهم كلمة انقاذ كما هي في معاجم اللغة وفي اروقة المكتبات، بل سيفهمها في سياق اخر هو سياق الدولة الدينية. وسيفهمها بمعني اخر غير المعني الذي تعنيه في معاجم اللغة.
ستقفز الي ذهنه صور البشير وهو يهدد ويتوعد ويقتل ويرقص. سيتذكر لحس الكوع وصورة نافع وعوض الجاز والترابي وكل بهلوانياته الكلامية. سيتذكر ارتال الشهداء من د علي فضل وشهداء كل الهبات ضد نظام اللصوص. سيتذكر تكبير، تهليل وهي للة وهم ينهبون صباح مساء.
اننا نحتاج الي تنظيف اللغة والقبض بتلابيب الساسة السودانيين لشرح ما يعنون والمطالبة بتقديم امثلة من الواقع المعاش. نحتاج الي اعادة النظر في الكثير من المفاهيم التي نفهما باسقاط واقع اجتماعي واقتصادي غير واقعنا عليها. ولعل مفهوم “ثوري” هو اول تلك المفاهيم التي تحتاج الي اعادة نظر واعادة صياغة. فمن كان يطلق عليهم لفظ ثوار في القرن التاسع عشر والقرن العشرين لم يعودوا ثوارا اليوم. الذين لم يتخطوا صورة العالم الميكانيكية ووهم المقدرة علي تفسيره والاصرار علي تغييره وفق نموذج واحد لحتميته التاريخية ليسوا ثوارا في سياق عالم اليوم وثورته الصناعية الرابعة. الثوار لا يسيرون ورؤوسهم متعلقة بالماضي الذي لا يصلح منطقه لادارة الحاضر.
اهمية الا نفقد مقدرتنا علي التساول والا نصدق ما يقال والا نقف عند الكلمات ونسقط عليها ما يراد لنا ان نفهم منها من هذا الحزب او ذاك، هي تطعيم ضد اللاعقل وضد السذاجة والاستحمار. اقول ضد اللاعقل ولا اقلل من شأن العواطف والمشاعر ولكن لا بد من ادخال العقل علي مشاعرنا وعواطفنا والمشاعر والعواطف علي عقولنا واستنتاجاتنا.
غايتو دخلتنا بحمد ومرقتنا بخوجلى وما فهمنا حاجة ،، الناس دى ما تكتب بلغة واضحة بدل اللغة المدغمسة دى