رسالة إلى ابني العزيز..!!

تراسيم

عبد الباقى الظافر

رسالة إلى ابني العزيز..!!

صباح الأحد الماضي كنت اتحسس «سياط» الشرطة التي أدمت ظهري.. فاجأني ابني الصغير ذو الست سنوات بسؤال غاية الإحراج.. نزار كان يريد أن يعرف من فعل هذا.. المشكلة أن أمنية ابني أن يصبح شرطياً في المستقبل.. حاولت أن أهرب من السؤال المحرج.. ازداد ابني إلحاحاً.. أخيراً سترت جرحي ولذتُ بالصمت.. هنالك بعض الأسئلة لا تحتمل الإجابات الصحيحة.

كان من المفترض أن نحتفي أمس بعيد الميلاد السادس لابني نزار.. مناسبة درجنا أن تجمع شمل الأسرة في كل صيف.. نختار كل سنة حديقة عامة.. ندعو الصغار والكبار.. في مثل هذا اليوم ألغي كل ارتباطاتي واتفرغ لهذه المناسبة.. أحياناً استشعر أننا نحقق بعض رغباتنا الضائعة عبر حياة أطفالنا.. لم يحدث في طفولتنا أن أطفأنا شمعة ميلاد..لم أمض إلى روضة الحنان.. كان نصيبنا قبل المدرسة أن جلسنا في خلوة الشيخ فكي أحمد نحمل لوحاً ونحفظ بعضاً من آي الذكر.

كل مافعلت مساء أمس أن مسحت على رأس ابني ثم أهديته ابتسامة.. قلت للصغير لن نحتفل اليوم بعيد ميلادك.. ربما الميزانية لا تسمح وربما المزاج لم يكن يحتمل البهجة في هذا الصيف.

تذكرت قبل ست سنوات ومدينة فلادلفيا الأمريكية تمطر رزازاً.. أمك يانزار تحتويها غرفة نظيفة ويلتف حولها عشرة من الأطباء ومساعديهم.. في هذا البلد القانون لا يفرق بين المواطن والمهاجر.. ربما كنت محظوظاً وأنت تجد هذه الرعاية قبل أن تخرج إلى الدنيا صارخاً.

أرجوك سامحني لأنني حرمتك من فرحة إطفاء الشموع.. بلدنا يا ابني أصبح مشروخاً.. الساسة قسموه على اثنين.. أصبح بعض من بني السودان أجانب يُطلب منهم إشهار الإقامة في الخرطوم ودفع الجزية في جوبا.. أليس هذا سبباً كافياً للحزن يا ولدي.

في هذا الصباح ارتفعت تعريفة المواصلات بنسبة الثلث.. ربما غداً أو بعد غد يرتفع سعر الوقود.. هنالك أخبار سيئة يا ولدي.. مرتب والدك انخفض سراً بنحو الثلث في أحسن التقديرات.. لم يخبرنا صاحب العمل بذلك القرار.. ولكن طارق صاحب البقالة كان يطلب المزيد على ذات الاحتياجات الشهرية.. الاقتصاديون أسموه التضخم.. لن استطيع أن أشرح لك ذلك.. دعني أوجز المعنى وأقول الحالة صعبة.

عندما تستيقظ من النوم في هذا الصباح يا ولدي لن تجدني بجانبك.. عليّ أن أذهب مبكراً إلى المحكمة.. أحدهم رفع دعوى إشانة سمعة.. ليس هذا وحده.. وكيل وزارة سابق مضى إلى القضاء يطلب من أبيك تعويضاً قدره مليارا جنيه.. لا تقلق ليت الجميع يحتكمون للقانون.. إن كانت هذه البلاد تحترم القانون لأحدثت استقالة مدعي جرائم دارفور هزة داوية.. ترك مولانا أحمد عبدالمطلب مظروفاً يحمل تنحيه من المهمة التاريخية بطرف سكرتيرة وزير العدل ومضى إلى أهله.. لا شيء يثير العجب في هذا الوطن العجيب.

رغم كل هذه التبريرات إلا أنني أخشى يا نزار أن تسألني «يا بابا ح احتفل بعيد ميلادي متين؟» أعذرني يا بني لأنني لا أملك إجابة وأخشى أن أقول حتى ينصلح الحال.

آخر لحظة

تعليق واحد

  1. هذه السياط ان ادمت ظهرك فمقالك ادمى قلبى, شلت اياديهم .ابنى نزار كل عام وانت بخير وكل اطفال السودان .

  2. استاذ الظافر والله بكيت من رسالتك لابنك نزار لكن مهما كانت الهموم او لاوجاع او غلاء السعار لا تنهزم بل ارفع راسك عاليا من اجل نزار وافرحة حتي لو في حديقة حبيبي مفلس دعو اكبادنا تفرح ونقاسي نحن مع المستحيل

  3. لقد جنيت عليه وعليك، ولو تركته هناك لربما اصبح (اوباما)…؟؟! لأنو هنا لو طار السما حايبقى (البشير)…؟؟!! بكل ما تحمل هذه العبارة من تناقضات !! يعني حا يلبس (كاكي) وقد صرح لك بذلك، وشتان مابين هذا وذلك، وبين كاكي والكاكي…..!!

  4. يا استاذ عبدالباقي.. بالطبع لن ننسى أنك كنت؟ داعماً للنظام مسبحاً بحمده ساعياً لتمكينه.. وربما الآن فقط أدركت كم من الآباء والأمهات الذين أصبحوا لا يستطيعون مواجهات حاجاتهم أطفالهم الضرورية واليومية مثل الرغيف والحليب والدواء والملبس والتعليم ومنذ سنوات طويلة، ليس فقط عدم قدرتهم المالية أو النفسية (المزاج) كما سميتها على الإحتفال بأعياد ميلاد أبنائهم.. وكم تقطعت قلوب آباء وأمهات وهم يرون حال أبناءهم ذلك ولا يملكون إلا الصبر والتوسل إلى مولاهم بالستر وصلاح الحال.. لكن من حق نزار أيضاً أن يعيش ويكبر في بلد معافى سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا ومن كل النواحي. وعلينا أن نعمل جميعاً من أجل تلك الحياة لأبنائنا ولمن بقى من آبائنا وأمهاتنا. طمأن نزار أن الحال سينصلح قريبا جداً وسيعيشون مستقبل أفضل مع كل أطفال السودان ولعلك تثق في ذلك وفي الشعب الفضل. لا أصدق أن الجيل القادم سيعيش ما قاسيناه من قهر وظلم بكل الأصناف. أما آباؤنا وكبارنا فقد آثر أغلبهم الرحيل وتركونا نواجه الغول لوحدنا، ليس أولهم عبد الله الطيب والطيب صالح وعلي المك وصلاح أحمد إبراهيم. وأرجو أن يكون زيدان والأمين عبدالغفار ووردي وحميد نقد ومحمد كرم الله آخر الراحلين في هذا العهد الغيهب.

  5. ((أرجوك سامحني لأنني حرمتك من فرحة إطفاء الشموع.. بلدنا يا ابني أصبح مشروخاً.. الساسة قسموه على اثنين.. أصبح بعض من بني السودان أجانب يُطلب منهم إشهار الإقامة في الخرطوم ودفع الجزية في جوبا.. أليس هذا سبباً كافياً للحزن يا ولدي.))

    قد يسامحنا إبناءنا على التقصير فيمايلي مطالبهم و هم صغار و لن يسامحونا و هم كبار على تضييعنا لأمنهم و ضمان مستقبلهم في دولتهم كما فعل آباؤنا معنا يوم خرجوا ضد المستعمر و ضد الديكتاتوريات و الأنظمة الشمولية فأمنوا لنا مستقبلنا لكن واااا أسفي تدلينا مطأطيء الرؤوس في خنوع عجيب تحت مسميات كثيرة أذكر منها ( تأمين لقمة العيش لصغارناو تعليمهم) و ليسأل جيل 35- 55 سنة و ما فائدة لقمة العيش في غياب الحرية ؟؟ فالعبد يجد لقمة العيش عند سيده لكن (لا رأي) له !!! فهل نختار لأبناءنا أن يكونوا عبيدا؟؟!!!
    إلي متي يا جيلي؟؟ إلي متي ؟؟؟ حتى أنت ( خبأت أثر السياط) !!! خبأت ما يخلق الوعي في عقل إبنك الصغير مبررا ذلك بخوفك من أن تقتل حلمه !! و أي حلم يا أخي ؟؟ أن يصير جلادا ؟؟ ( شرطي بلا وعي لا يعدو كونه جلاد مرخص) و ليتك أخبرته بالحقيقة ليتحقق حلمه مبرءا من عتمة الجهل بالمهنية في أداء عمله سواء كان في الشرطة أو غيرها و هذا واجبنا نحو أطفالنا فإن عجزنا عن الخروج في وجه النظام فلا أقل من أن (نخلق فيهم مكون وعي) يدلهم على الوطنية الحقة و المواطنة و الحفاظ على حقوقهم و حقوق الآخرين ، و خلق مكون الوعي هو الذي سيأمن لهم العيش الكريم و التمتع بحقوقهم كمواطنين لا كرعايا دول أجنبية في وطنهم ، كل حسب عمره و إدراكه ..
    و ذلك جهد المقل و أضعف الإيمان ..
    فهلا فعلنا بدلا من النوح و الولولة و إظهار العجز و قلة الحيلة !!!!

  6. بعد ايه بعد ايه جيت تتحسر على الوطن الكان بعدما مجدت النظام سنينا عددا جاى تتحسر وتقول البلاد لا تحترم القانون يعنى الحقيقة دى ما عرفتها الا بعد الجلدة طيب من سنين المجلودين والمجلودات كانوا بستاهلوا الجلد والله كلامك لوليدك لو كان زمان من ستة سنوات لاحترامناك خمسة سنوات تحتفل بعيدميلاد ولدك والالف من الشباب والشيوخ والحرائر يجلدون بدون سبب وانت تحتفل وتمدح وتمجد النظام والحكام اخبر وليدك من جلدك وشجعه ليحقق امنيته ولكن وجهه بان يكون شرطى مثالى ذوخلق ودين يحترم نفسه ليحترمه الاخرين يناصر المظلوم يقف مع الحق ولايتملق لاحد

  7. دي حالة إبنك نزار المولود في الولايات المتحدة والساكن الآن في الخرطوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    كيف أحوال أطفال المعسكرات في دارفور ومن لا يجدون ماء شرب ولا خدمات ولا يعرفون تعليم ولا رياض أطفال ولا ولا ولا ولا…………………………………….

  8. كل سنة وانت طيب يا نزار ، ربنا يخلي ليك امك وابوك ويسعدك ويديك الفي مرادك يا بوي، استاذ الظافر، تماسك وافرح بطفلك ومعه، صدقني انها اجمل الايام ولعل ما حدث يصبح ذكريات في قاع الذاكرةولعلنا موعودون بايام جميلة قادمة، وكما يقول الخواجات:
    “beautiful babies are not yet born”

  9. ( قول ليهم حبو غنو الدنيا مازالت نديه …. ومابنرضي في وطنا الغالي ديه … ومابنرضي بوطن زوجين وحارس وبندقية ) اوكما قال شاعرنا العظيم

  10. اولا كل سنة ونزار طيب وان شاء الله يطفئ الشمعة السابعة والبلد انعتقت من كابوس الانقاذ لن نأخذه بجريرة واله و بس تذكر دورك الخبيث الذي لعبته في منبر سونا … اديك مثال : سؤالك للمرحوم الخالد نقد هل يصلي

  11. (ان كانت هذه البلاد تحترم القانون لأحدثت استقالة مدعي جرائم دارفور هزة داوية). هزة داوية وين بالضبط. يبدو انو مافى طريقة الاّ بى كاودا وكده يا.

  12. السيد/الظافر
    لو انك تعاملت منذ البداية بالمثل القائل( الا اني أكلت يوم أكل الثور الابيض) لما وصلت لارسال رسالة لابنك الآن..

  13. لك الله ياعبد الباقي وكلنا سوف نحتفل معك بعيد ميلاد نزار قريبا اسال الله الذي لايسال سواه ان يخلص السودان منهذا الهم والغم والفساد وسوء الادارات والمنافقين وان يظهر الحق ويوحد كلمة المسلمين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..