انقسام مجتمعي يتجلى في تناول الطعام والمشروبات

الخرطوم: درية منير

يصيح (علي) بصوته الشاهق: “عصير بجنيه طعمية بجنيه شاورما بجنيه ونص” على مقربة من موقف مواصلات “جاكسون”. هو يتجه عكس الطريق، يلتفت يمينا وشمالا فيطاوع قلبه بعد تفكير مجهد ويدخل يده في جيبه، يتحسسه ويخرج يده بيضاء وفيها بضعة جنيهات يقسمها ما بين عصير “يروّق به دمه” المتعكر من سخونه الجو وصيفه الحارق وحق المواصلات، يعود إلى منزله مستغربا من فئة الشباب الذين يجلسون والضحكات تزين وجوههم وحاله يقول: “في زول عاقل كدا بياكل وجبة بـ(80) جنيه ويشرب عصير بـ(50)؟ ليمون بارا دا عيبو شنو؟”.

مفارقات الحياة وضعت المجتمع في كفتين مقارنه بالمطاعم الراقية وكافتريات السوق المتواضعه، أصوات تنادي من على البعد تغريك بالدخول والجلوس على كرسي وتربيزة بلاستيكية، وفي مكان آخر هدوء يعم المطعم تتخلله من فترة لأخرى أصوات موسيقى تريح الأعصاب بدلا عن الإزعاج الذي عم السوق وأرجاءه (اليوم التالي) تطرح أسئلة على طاولة الحوار بين الرفاهية والبساطة في اختيار مكان الأكل ومفارقات المكان في حد ذاته ومغرياته.

واي فاي

على طاولة جلست برفقة صديقاتها الأربع أعمارهن لا تزيد عن العشرين تحدثت بلغة تتخللها عبارات إنجليزية وابتسامات (ميادة المجذوب) قالت: التعود على مكان لا يأتي من فراغ وله أسبابه ومداومتنا على تناول وجبة الغداء في مطعم بيتزا كورنر ترجع لإغراء العشاق بالـ(واي فاي) والكراسي المريحة مقارنة بمطعم (بارسيلوز) الذي يعشقه أصحاب الطلعات المسائية لأنه يعكس تفاصيل الغروب.. أما عن الأسعار فقالت: ليس كل الحضور يتمتعون بثراء ولكن تغيير المكان واجب، وتشير إلى أن معظم الشباب يخرجون مرة في الأسبوع وحتى الغداء يكون “شيرنق” مسترشدة بحالها وصديقاتها وعبرت عن نفسها وقالت: رغم أنني أعشق الأماكن الراقية لكن يمكنني أن أتناول وجبة في أي مكان عادي حتى ولو كان محل مرطبات في السوق العربي.

عيشة الترف

“ناس تاكل بشوكة وسكين وناس حق الغداء ما لاقين” هكذا بدأ عبد المجيد أحمد ـ موظف ـ حديثة مستنكرا ومهاجما من يتناولون الوجبات في المطاعم الراقية ووصف السلوك بالبذخ والحياة البرجوازية التي لا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية، وقال: لأي الأسباب لا أطاوع نفسي على صرف (80) جنيها في وجبة واحدة لا تسمن ولا تغني من جوع، وأرجع أسباب هذا السلوك إلى التربية والنشأة، وأشار إلى أن معظم الشباب لا يعرفون عناء كسب العيش لذا يصرفونها في (الفارغة والمقدودة).

ما عيب

“ليمون في؟ آي في، منقة في؟ آي في، طعمية في؟ آي في”، في حضرة مكبر الصوت الذي يسأل ويجيب ذاته سألنا نصر الدين صاحب محل مرطبات بالسوق العربي فقال: رغم ارتفاع الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة إلا ان محلات المرطبات والكافتيريات عموما لا تشكو من المقاطعة مهما كانت الوجبات غالية أم رخيصة لأن الشيء الوحيد الذي لا يصيبه خلل في السودان هو الأكل، مهما ارتفعت أسعار وجباته فلو وصل سعر السندوتش عشرة جنيهات لابد أن تجد من يشتري، وأردف: لا نقارن أنفسنا بالمطاعم التي تتمتع بالفخامة والتكييف، وتعدد المغريات يختلف باختلاف المكان، وقال: “في السوق إلا نكورك بصوت عالي”، وأشار إلى أن أسلوبه يستهدف جذب الناس مع تجاور عدد من محلات المرطبات لكن كل واحد منها قائم على حدة يسعى الى مأربه وهو أكل عيشه بغض النظر عن ما يجاوره، وأشار إلى أنهم يعددون المشروب حسب موطنه الأصلي مثلا “منقة كسلا وليمون بارا، تبلدي الأبيض” وأضاف: لسنا مثل المطاعم الأخرى نستخدم أسماء أعجميه لأن بساطة المواطن تحتم علينا هذا.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. القصة ما الحتة الراقية ..مثلا في سوق ليبيا سوق الناقة تجلس علي العنقريب وتنتظر اللحمة تاتيك بعد عملها علي النار طازجة .فهي اغلي من بيتزا كورنا …اما المطاعم الحديثة فهذه في كل مكان في العالم وهي تتطور مثل الموبايل والاتصالات ..والملابس .وحتي المفروشات لكن يظل الانسان هو من يحدد مايريدهو ..في من يريد ان يبزر وفي من يريد ان يقتصد ..وفي الأغنياء وفي الفقراء ماكل الناس واحد ..مثلا الموناليزا هذا المطعم شعبي لكن اكثر مطعم يعمل في السودان وهو في بري …يأتي اليه جميع السودانيين وبعض الأجانب من كل مكان ..فعلا يا الناس تعمل شيرنغ او يدفع الحساب من اهو اغني واحد ..ههههههههههههههه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..