برلمانيون .. الجلوس تحت ظل الحكومة

تقرير : اشراقة الحلو
مهمة النائب البرلماني الأساسية تمثيل الشعب في البرلمان ولديه صلاحيات متعددة في مجال التشريع والرقابة والبحث عن مصالح المواطنين وحلحلة قضاياهم المتمثلة في توفير الخدمات وحماية حقوقهم، إلا أن بعض البرلمانيين بالمجلس الوطني خرقوا هذه القاعدة وحملوا الشعب مسؤولية تدهور الاقتصاد وزيادة الفقر بالبلاد، الأمر الذي وجد استنكاراً كبيراً من الشارع العام، والمراقبون السياسيون والاقتصاديون هاجموه بعنف وقالوا إنه لا عمل للجهاز التشريعي سوى «التصفيق» للزيادات التي تقرها الحكومة، وأضافوا أنه لا مساهمة له في الإنتاج أو الإنتاجية أو في وضع السياسات والتشريعات والقيام بدور الرقابة، وحملوا السياسيين المسؤولية الكاملة في تدهور الاقتصاد واستنكروا على البرلمانيين تعميمهم الاتهام لكل أفراد الشعب السوداني باعتبار أن ما ينطبق على الشعب ينطبق على أعضاء البرلمان، مشيرين إلى أنهم ليسوا من طينة مختلفة عن طينة الشعب، وقال خبراء سياسيون إن هؤلاء البرلمانيين لا يمثلون الشعب لدخولهم البرلمان عبر انتخابات غير نزيهة ووصفوهم بالدمي التي تحركها السلطة التنفيذية.
٭ مصفقاتية
حمّل الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل النخب السياسية والعسكرية الأحزاب السياسية المختلفة وقادة الانقلابات وأعضاء مجالس الثورات منذ العام 1956 وحتى الآن المسؤولية الكاملة لتدهور الاقتصاد السوداني لكثرتهم دون قيامهم بأدنى دور في الإنتاج، وقال «لو في طريقة نصدرهم للخارج» بينما قال إن الاقتصاديين دائماً ما يخططون بطريقة علمية بينما ينظر السياسيون للأشياء نظرة قصيرة المدى تحمل في طياتها «الدفن» للآخرين والغرض، وأضاف أن عمل الاقتصادي مهني بدليل نجاحهم في المنظمات العربية والدولية والدول العربية، وهاجم السياسيين بأن لا عمل لديهم سوى الجلوس في المكاتب وتقاضي أموال كثيرة جداً بطرق مباشرة أو غير مباشرة على حساب الشعب دون أدنى مساهة في الإنتاج والإنتاجية أو في التشريع أو السياسات أو الرقابة، مشيراً إلى أن مجلس الأمة الكويتي خلال عام استجوب أكثر من 15 وزيراً وعزل بعضهم وحقق الرقابة الفعلية على الجهاز التنفيذي، وقال إنه لا عمل للجهاز التشريعي سوى «التصفيق» للزيادات، وقالوا إن الحكومة لا تطبق أساليب الترغيب والترهيب، فتكافيء من يعمل ومن لا يعمل وتجد مبرراً لتبرئة الجناة.
٭ ترويج بضاعة
قال البرلماني السابق والخبير الاقتصادي دكتور عز الدين إبراهيم من الخطأ أن يعمم نواب البرلمان اتهام الشعب وتسببه في تدهور الاقتصاد والتراخي وعدم الجدية، وأضاف من الأجدى أن يقولوا إن عدداً كبيراً من الشعب مثلاً، قائلاً إن ما ينطبق على الشعب ينطبق على أعضاء البرلمان لأنهم ليسوا من طينة مختلفة عن طينة الشعب، واستنكر دمغ كل الشعب السوداني بالتراخي وعدم الجدية، وفي نفس الوقت دعا إلى البحث عن الأسباب الموضوعية التي تقود البعض إلى التراخي وعدم الجدية، وأرجع مسألة تراخي الشعب السوداني إلى النظام الغذائي، وقال إن السودانيين يتبنون نظاماً تقليدياً، مبيناً أن الغذاء الذي كان ملائماً في السابق، الآن لم يعد كذلك لاختلاف الظروف، مشيراً إلى وجود سوء تغذية كما هو معروف، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، ودعا إلى استشارة أطباء تغذية في هذا الأمر وقال الشخص «ما لاقي أكل يحركوا يشتغل كيف«، إلا أنه حمد لنواب البرلمان مساعيهم الحديث عن ظاهرة تحتاج إلى علاج، مركزاً على ضرورة البحث عن الأسباب الموضوعية لعدم جدية الشعب، مرجعاً الأمر للافتقار إلى أساليب الترغيب والترهيب، مبيناً أنه يتم تحفيز الذين يعملون بجدية ومعاقبة الذين لا يعملون، مشيراً إلى أن القانون ينص على معاقبة المختلس بالسجن 10 سنوات أو الغرامة أو بالعقوبتين معاً، إلا أن هذا الأمر لا يطبق، قائلاً إن السودانيين يتجنبون استخدام القسوة مع المخطئين ويجدون لهم المبررات، مدللاً على ذلك بأن السودانيين في الخارج يعملون بجدية لوجود نظام الترغيب والترهيب بينما في السودان تتدخل الوساطة لإعفاء الجناة، مشيراً إلى أن النظام الاجتماعي في السودان يضعف الإدارة إلا أنه أكد أن هناك من يعملون بجدية ما جعل السودان يصل إلى ما هو فيه الآن، قائلاً إن الاقتصاد السوداني أصبح أكبر اقتصاد على مستوى دول شرق أفريقيا، مضيفاً أنه حقق نجاحات اقتصادية باهرة رغم الحروب والحصار الاقتصادي، متهماً السياسيين بأنهم ولخدمة مصالحهم يرسمون الوضع بهذا السوء كما أن المعارضة تتهم الحكومة بالضعف، قائلاً كل يروج لبضاعته، وأضاف أن معظم البرلمانيين لديهم أشغال أخرى ومنهم من يعمل بالتجارة وينال راتباً من البرلمان.
ومن جهة أخرى أمن على وجود ظاهرة التراخي في العمل ودعا لمناهضتها من قبل القيادات السياسية والدينية، داعياً القيادات السياسية لأن تكون قيادات إصلاحية، وأضاف لا بد أن يفصل السياسي أجندته على حسب مشاكل البلد.
٭ دمي
بينما وصف أستاذ العلوم السياسية بروفيسور صلاح الدومة البرلمانيين الذين حملوا الشعب مسؤولية تدهور الاقتصاد ووصفوه بعدم الجدية والتراخي، بأنهم ليسوا بالبرلمانيين، مشيراً إلى أن البرلماني يمثل الشعب وينوب عنه، وقال إنهم وبال على الشعب، وأضاف أن الشعب لم يأتِ بهم بل أتوا عن طريق انتخابات غير نزيهة، مشيراً إلى أن ولاءهم ليس للشعب، بل ولاؤهم للذين زوروا الانتخابات وأتوا بهم ليقوموا بدور الدمية في السلطة التنفيذية، وأضاف لذلك لا أستبعد عنهم أن يأتوا بكل ما هو غريب.
اخر لحظة