السودان الآن… الوضع لا يحتمل…

اسماعيل احمد محمد (فركش)
دخلت الحرب الدائرة الان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع شهرها الخامس ومازال الأبرياء من افراد الشعب السوداني يدفعون الثمن من قتل واغتصاب وتشريد وانتهاكات ونهب لمنازل الأبرياء.
طرفا الصراع يعلمون جيدا أن هذه الحرب ليس فيها منتصر بل الخاسر الوحيد الشعب السوداني.
معلوم لكثير من أفراد الشعب السوداني الشرفاء الإسلاميين هم من تسببوا في اندلاع هذه الحرب التي هتكت النسيج الاجتماعي لأفراد المجتمع السوداني وقتلت الأبرياء ودمرت المنازل والمستشفيات والمدارس حتى دور العبادة لم تنج من قصف الطيران الحربي.
عندما تم التوقيع على الاتفاق الاطاري بين المكون المدني الذي يضم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والحزب الجمهوري والحزب الاتحادي الأصل بقيادة الحسن الميرغني والمؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية والجبهة الثورية عبر ممثليها وبعض منظمات المجتمع المدني وبعض الشخصيات المجتمعية المعروفة في السودان والمكون العسكري الذي يضم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وجهاز المخابرات والشرطة الاتفاق الاطاري وجد قبول كبير من المجتمع الدولي ومن دول الإقليم ودول الجوار لأنه يمهد للحكم المدني والدولة المدنية ولقد اتفق طرفا الاتفاق على كل بنود الاتفاق ما عدا البند الذي يحدد دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة. هذا البند وجد تحفظا من جانب القوات المسلحة حول مدة الدمج حيث اقترحت القوات المسلحة مدة الدمج تكون فترة 4 سنوات واقترحت قوات الدعم السريع مدة 10 سنوات وفي نهاية الأمر خضع المكون العسكري إلى مقترح قدمته الوساطة التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي واتفق طرفا الاتفاق على التوقيع النهائي.
المكون المدني بمختلف مكوناته كان داعما لبند دمج قوات الدعم السريع ليكون هناك جيش واحد قومي يمثل الحكومة المدنية القادمة بعد التوقيع النهائي على الاتفاق الاطاري..
وافق المكون العسكري بشقيه على التوقيع بعد ضغط من الوساطة الدولية وعندها احس الفلول بخطورة الاتفاق الاطاري الذي سوف يحاسبهم على جرائمهم وسوف يحقق الدولة المدنية والحكم المدني دولة القانون والمساواة لذا استبق الفلول طرفا الاتفاق الاطاري بخطوة حيث تم إصدار تعليمات من كبار القادة العسكريين الموالين للفلول للوحدات العسكرية والهجوم على معسكرات الدعم السريع داخل الخرطوم وقبل الموعد المحدد للتوقيع بيوم تم الاعتداء على قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية وبعدها اندلعت الحرب.
ظن الفلول انهم سوف يكسبون المعركة في أقل من ساعتين ويقضون على قوات الدعم السريع ويقضون على الاتفاق الاطاري. الساعتان أصبحتا يومين، ثم شهرين والان نحن في الشهر الخامس والحرب لم ولن تنته.
ورط الإسلاميون القوات المسلحة السودانية في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، إنما هي حرب عبثية بين الفلول والدعم السريع..
الآن تبين للشعب السوداني أن الفلول يخططون للعودة للسلطة بأي شكل كان، حتى لو تم إبادة كل الشعب السوداني.. يملك الفلول إعلاما كاذبا يطفح في الميديا وأماكن التواصل الاجتماعي وعبره يتم ضخ الكثير من المعلومات الكاذبة والمغلوطة.
في معركة سلاح المدرعات المستمرة للآن تم قتل عدد كبير من كتيبة البراء التي تقاتل مع الجيش وهي كتيبة تخص المجاهدين والدبابيين المخلصين للمشروع الحضاري الذي يتزعمه الفلول وتم الزج بهم في المعركة التي صوروها لهم انها معركة الكرامة والدفاع عن الوطن وأنهم سوف يلقون الحور العين في الجنة فهم يقاتلون ويموتون بينما كبار الإسلاميين يتجولون في مدن السودان من أجل استنفار الشعب لمعركة الكرامة ضد المتمردين كما يزعمون والكثير من يهنأ برغد العيش في تركيا وغيرها.
يعلم الشعب السوداني أن قوات الدعم السريع هي الابن المدلل للقوات المسلحة ولقد استعان بها المخلوع في حربه ضد حركات دارفور، وكانت تسمى الجنجويد وبعدها تم استدعائهم إلى الخرطوم لحراسة نظام المخلوع بعدما احس المخلوع البشير أن هناك تحركات داخل الوحدات العسكرية تقوم بها ألوية القوات المسلحة..
في أواخر شهر أغسطس الماضي خرج القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة من القيادة العامة بعد فترة قضاها محاصرا داخل القيادة العامة من قبل قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل.
قام السيد القائد العام للجيش ورئيس مجلس السيادة بتفقد قواته في منطقة وادي سيدنا العسكرية وظهر سيادته بين المواطنين في منطقة الثورات بمحلية كرري وهو وسط جنوده وهو جالس مع بائعة الشاي واللقبمات وهو يتناول كوبا من القهوة وهذه تعتبر رسالة اطمئنان لجنوده بأن القوات المسلحة مسيطرة على الوضع وانه الان حر طليق بين الشعب وبعدها تفقد سيادته سلاح المدفعية بمدينة عطبرة وخاطب الجنود والقادة وبعدها تفقد سيادته جنوده بقاعدة فلامنغو الجوية وخاطب ضباط وضباط صف وجنود منطقة بورتسودان الجوية وبعث رسائل قوية مؤكدا ان القوات المسلحة ستقاتل قوات الدعم السريع التي اعتبرها قوات متمردة الي اخر جندي وقال سيادته لا تفاوض مع المتمردين إشارة منه بأن الحرب مستمرة في رأي ده خطاب رجل عسكري قادر يفرق بين الخطاب العسكري والسياسي وهو كقائد عام للقوات المسلحة السودانية كان لابد له ان يتحدث هكذا كرجل عسكري ويعرف يميز بين الخطابات حتى يرسل رسالة لجنوده رسائل تعزيزية لرفع الروح المعنوية..
كانت اول زيارة خارجية لرئيس مجلس السيادة لجمهورية مصر. اللافت للأمر انه كان بالزي المدني ليرسل رسالة للعالم والمجتمع الدولي انه الرئيس الشرعي لمجلس السيادة ويعتبر رئيسا للسودان ورسالة ان القوات المسلحة مسيطرة على الوضع على أرض الميدان..
بعدها زار دولة جنوب السودان التي تعتبر أقرب دولة للسودان ومشكلة السودان تعتبر أولوية لما لها من صلات وعلاقات راسخة بين الدولتين ومنها زار دولة قطر وبعدها تركيا كل هذه الزيارات وهو يرتدي الزي المدني والهدف من الزيارات اطلاع هذه الدول على الوضع في السودان..
من ناحية اخرى قامت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بزيارة لدولة قطر سبقت زيارة رئيس مجلس السيادة بأيام.
قابلت قوي الحرية والتغيير رئيس وزراء دولة قطر وشرحت له الوضع في السودان ووصلت موقفها عن هذه الحرب وانها تدعم كل المنابر التي تدعو الي وقف النار قمة الايقاد في كينيا وقمة دول الجوار في مصر ومنبر جدة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وبعض الدول..
يرى محللون ان خروج البرهان سوف يساعد في تهدئة الوضع القائم الان في السودان ويمكن أن يساهم في وقف الحرب بين طرفي النزاع..
في رأيي أن امام البرهان طريقان اولها ان يمضي نحو التفاوض ويوقع اتفاقا لوقف الحرب والعودة الي الاتفاق الاطاري الذي يعتبر المرجعية لمنبر جدة لان الاتفاق الاطاري من أهم بنوده تكوين حكومة مدنية تؤسس لحكم مدني تخضع له القوات المسلحة وكافة القوات النظامية وايضا من أهم بنوده دمج كل الحركات المسلحة بما فيها قوات الدعم السريع في جيش واحد قومي يمثل الحكومة المدنية القادمة..
اما الطريق الاخر هو خضوعه للإسلاميين والاستمرار في الحرب بمساعدة المجاهدين وكتائب الإسلاميين. فلول النظام السابق الان هم احرار ويتجولون بحرية في الولايات ويلتقون بمناصريهم وهذا برعاية القوات النظامية.. الإسلاميين الان يسعون الي تشكيل حكومة تصريف أعمال من بورتسودان لجعل مدينة بورتسودان هي العاصمة الإدارية الجديدة واذا خضع البرهان الي هذا الأمر في تقديري سوف يجر البلاد الي حرب أهلية كبيرة ونخشى ان يتكرر سيناريو اليمن وليبيا ولبنان وسوريا وغيرها..
في رأيي لا طريق اخر يسلكه البرهان سوى المضي نحو توقيع اتفاق مع الدعم السريع في منبر جدة لوقف الحرب اولا ليقف سفك الدماء والخراب الذي طال المدنيين والابرياء في الخرطوم ونيالا والفاشر وغيرها وتسليم السلطة الي حكومة مدنية لتحمي الشعب السوداني من شر الإسلاميين الذين ما زالوا يحلمون بالرجوع الي السلطة.
أتوقع أن تمنح الدول الراعية لمنبر جدة البرهان ضمانات في حال انه قبل التوقيع ورفض الانصياع الي الإسلاميين..