أهل العطاء وجور الزمان

رغم التطور الهائل الذى طرأ على محطات التلفزيون والقنوات الفضائية على المستوى العالمى ومستوى المنطقة العربية إلا أن ضعفاً بائناً ظل يلازم نظائرها السودانية وخصوصاً وسط مقدمى البرامج والمحاورين بالإضافة إلى المخرجين.
نقطة ضعف كبيرة تعترى أداء بعض المحاورين للنجوم، إذ يغيب عن أذهانهم أن النجم لديه شكل معين يسعى للحفاظ عليه بين معجبيه ولا ينبغى ان يتبدل أبداً مهما إعترى النجم من مرض أو تغير فى الشكل . لأن الإعجاب والمحبة لو تحولا إلى شفقة وحسرة فإن ما بذله ذلك النجم طيلة سنواته النضيرة سيذهب أدراج الرياح.
لذلك نجد أن كبار النجوم العالميين وأسرهم شديدو الإصرار على عدم إجراء أى حوار أو إلتقاط أى صور أو بث مقاطع مرئية توضح حجم المعاناة التى قد تصيب أولئك الأفذاذ.
الصحفيون والمصورون لا يكترثون لهذا الأمر، فالسبق الصحفى همهم ومرتجاهم ولهذا نجد أن اللاعب العالمى (مارادونا) قد راح ضحية المصورين والصحافيين وهم يلتقطون له صوراً وهو يهاجم الشرطة بالسلاح النارى لمنعهم من القبض عليه بتهمة حيازة مخدرات.. يومها ظهر مارادونا للعالم كله وهو شديد البدانة وليس ذلك المهر الذى كان يركض فى الملاعب. سعاد حسنى أيضاً لم ترحمها الكاميرات لحظة ضعفها وبدانتها ، لكن العجب ظل يلازمنى فى الحوارات التى تجرى مع بعض المبدعين بطوعهم وإختيارهم وبرفقة أهاليهم وهم فى لحظات معاناة إنسانية. ففى النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى إرتكب التلفزيون القومى أكبر جريمة فى حق عميد الفن السودانى (أحمد المصطفى) حين سجلوا له زيارة أبان فترة مرضه الاخير ، إنى أحمد الله كثيراً أن وسائل التقنية لم تكن قد تطورت كثيراً فى ذلك الوقت وإلا كانت المقاطع الخاصة بتلك الزيارة تملأ الأسافير الآن ولشاهد العالم كله الفنان العظيم / أحمد المصطفى فى لحظات ضعف وتيه وذاكرة أضناها المرض والزمن . يومها لم يرحم التلفزيون أحمد المصطفى ولا تاريخه ولا معجبيه ولا أدرى كيف طاوع أفراد أسرته أنفسهم لإرتكاب هذه الجريمة.
بالأمس القريب شاهدت لقاء أجرته قناة فضائية تسمى (أنغام) مع الملحن والفنان / السنى الضوى هو الركن الركين فى الظاهرة الفضائية (ثنائى العاصمة) التى إبتدأت (كثلاثى العاصمة) وبعد رحيل (محمد الحويج) قرر السنى ورفيق دربه / إبراهيم أبو دية مواصلة الرحلة كثنائى.
السنى إبتدأ حياته موظفاً وتغلبت موهبة التلحين على الوظيفة، ثم تغلبت لاحقاً موهبة الغناء على الإثنين فصار ملحناً ومغنياً. فجَمل سماء الفن السودانى ببديع الألحان والمفردات وصار (ثنائى العاصمة) مطلب كل حفل وملتقى.
بعد رحيل رفيق دربه / إبراهيم أبو دية آثر السنى الضوى الإنزواء والإبتعاد عن الغناء وعن وسائل الإعلام ، وقبل سنوات أربع قدمه (السر قدور) فى برنامجه الرمضانى (أغانى وأغانى) كنوع من الإحتفاء والتكريم ، يومها شهدت الجموع (دموع السنى)، كان الرجل يبكى شبابه وشيخوخته ورفقائه، بل كان يبكى سوداناً كان ذات يوم فيه شئ من جمال وتعافى وتصافى وكثير من محبة ووفاء.
أيضاً إغتالت قناة (أنغام) السنى بسكين صدئة وهى تظهره بذاكرة مشوشة وكلام متقطع ، بل كان المخرج يجعل كاميرته مسلطة عليه كمدفع رشاش وهو يشير بالتحايا إلى أشخاص خارج دائرة التصوير، كما أن الموسيقى الجنائزية التى إصطحبت الحوار ولحظات السلام تشى بأن ذلك الحوار من الماضى ،وأن الشخص المحاور قد وافته المنية ،وما هذا اللقاء إلى دعوة للذكرى والنحيب.
قد يكون الغرض فيه شئ من نبل ووفاء للرجل الذى قدم عصارة سنينه للفن ولكن التنفيذ والإخراج والمحاورة كانوا فى قمة البؤس.
يومها لم أشفق على السنى…. ولكنى أشفقت على تلك القناة والقائمين عليها ومخرج اللقاء والمحاور وأستغفرت ربى وسألته شفاء عاجلاً للسنى ثم (صاعقة) تأتى من السماء تريحنا من كل القنوات الفضائية السودانية وتدكها دكا ثم تيمم تلك الصاعقة المباركة مسيرتها نحو القصر الجمهورى..
لماذا ؟؟؟؟ كدة بس !!!!
محمود،،،،،،،
أ
كلامك فى محلو