من يصدق أن كيلو الضان (الانجليزي) 12قرش (والوطني) 50 ألف جنيه

صوت الشارع – النعمان حسن- من يصدق أن كيلو الضان (الانجليزي) 12قرش (والوطني) 50 ألف جنيه

في هذه المقالة أتناول اخطر المآسي التي حلت برجل الشارع بعد أن ارتفعت تكلفة الحد الأدنى من احتياجاته الضرورية معدلا فوق طاقته وقدراته المالية بعد أن أصبح الدولار يساوى تسعة ألف جنيه سوداني وهو الذي كان يساوى أربعين قرشا فقط من الجنيه الذي يساوى مائة قرش وقد لا تصدق أجيال اليوم إن القرش كان هو الأكثر انتشارا واستخداما في السوق يوم كانت كل السلع تحسب بالقرش ولا تحسب بالجنيه حيث إن المواطن نادرا ما يسمع مخاطبته بلغة الجنيه في عهد الاستعمار وللفترة الأولى من الحكم الوطني قبل أن يمهد انقلاب مايو انهيار الجنيه بتوجيه ضربته الأولى في السبعينات والتي تبعتها الضربات المتتالية والقاتلة.

ودعوني هنا أتوقف مع الحد الأدنى والضروري للأسرة السودانية بعيدا عن الحديث عن خدمات التعليم والعلاج وما يلزم من أشياء أخرى وعلى رأسها الجبايات التي تتحصلها الدولة من المواطن فوقفتنا أريدها فقط مع حاجة أفراد الأسرة يوميا لكوب من شاى اللبن ولما درجت الأسر على تسميته قفة الملاح ومكملاتها من عيش أو كسرة وكلاهما معا بجانب وجبة الإفطار التي لا تخرج عن صحن الفول والعيش والزيت وهكذا في وجبة العشاء.

ولتسهيل المقارنة والوقوف على المتغيرات التي شهدتها أسعار الاحتياجات الضرورية لابد أن نضع في الحساب إننا عندما نتحدث عن
جنيه اليوم إننا في حقيقة الأمر نتحدث عن جنيه يساوى ألف جنيه قديم لزوم المقارنة بعدان اختزلت الألف جنيه في جنيه واحد.
أولا فان حاجة الأسرة لكوب شاى باللبن فان رطل اللبن لم يكن يصل خمسة قروش مما يعنى إن الجنيه في ذلك الزمن يساوى عشرين رطل بينما يساوى رطل اللبن اليوم أربعة ألف جنيه مما يعنى إن العشرين رطل التي كانت تكلف جنيه فإنها تكلف اليوم ثمانين ألف جنه بسعر أربعة ألف للرطل فكم تكون تكلفة اللبن التي تفي حاجة الأسرة لشهر ولا تقل حاجتها عن رطلين في اليوم لتكون بحاجة لستين رطل شهريا والتي كانت تكلف الأسرة يومها ثلاثة جنيهات فقط فإنها تكلف بسعر الرطل بأربعة ألف جنيه لتصبح تكلفة الستين رطل مائتان وأربعين إلف جنيه بجانب تكلفية الشاى والسكر والتي ارتفعت بنفس النسبة
أما قفة الملاح والتي جرت العادة أن يكون قوامها كيلو لحم ضان وخضارات وتوابعها من الزيت والبهار ولكن مع ذلك لنقصر حديثنا فقط في كيلو الضان وحده.

فلقد تراوح كيلو اللحم الضانى يومها بين 12 قرش و15قرش وفى الستينات عندما الجزارين رفع الكيلو لثمانية عشر قرش وزارة النجارة شمعت السوق حتى تراجع التجار لسعر 15قرش وهذا يعنى إن تكلفة ثلاثين كيلو ضان احتياجات الشهر كانت تساوى ما بين أربعة وخمسة جنيه في الشهر بينما تكلفة كيلو الضان اليوم تتأرجح بين الأربعين ألف والخمسين ألف جنيه فكم تكون تكلفة ثلاثين كيلو احتياجات الأسرة شهريا أي تبلغ تكلفة احتياجات الأسرة ما يصل مليون ومائتين ألف جنيه قديم
لهذا كان من الطبيعي اليوم أن يختفي لحم الضان من قفة الملاح التي كانت من أساسيات الأسرة.

ويا لها من طرفة وقد بلغت من العمر 76 عام أن اشهد في حياتي فترة أخر السبعينات وأنا رب أسرة أن اشترى خروف الأضحية بستة جنيها وان اشترى خروف الأضحية في 2013 و2014 بما يعادل 1200جنيه جديد والتي تساوى مليون ومائتين قديم بل وان تكون تكلفة(الضباح) مائة ألف جنيه أي ما تزيد عن قيمة 15 خروف في ذلك الزمان ومن يصدق إن ما ندفعه اليوم مقابل الخروف بسعر القديم لم تكن تحققه سوق الماشية إذا ما تم بيع كل المتوفر من خرفان في ( زريبة المواشي) في سوق حي العرب فكيف إذن حجم الفارق
ويبقى السؤال هنا هل قابل الارتفاع في تكلفة المعيشة ما يقابله من ارتفاع بنفس النسبة في مصادر دخل المواطن هذا إذا وفق في أن يجد له عمل أو وظيفة

وهل نلام إذا تحسرنا على الانجليز وفترة الاستعمار (الو استقلال الو)

تعليق واحد

  1. العم النعمان حسن من الافضل مواصلة الكتابة عن كلتشي وبلة جابر وترك بحر الاقتصاد العميق
    مسائل الاقتصاد لا تناقش بهذه البساطة والسطحية لأن المقارنة تخرج مفارقات أغرب للخيال.
    صحيح الاقتصاد كان أفضل حالا من الان لكن ليس بهذه النسبة التي أراك تحسبها بملايين الاضعاف ، هنالك مؤشرات يستخدمها خبراء الاقتصاد لتحليل الحالة الاقتصادية و ربما تستغرب إن قلت لك أن المؤشر الاقتصادي للفترة من 2006 وحتى 2011 كانت أفضل من كل السنيين من منتصف السبعينات وما بعدها بالرغم من أنه لو طبقنا نظريتك البسيطة في مقارنة أسعار السلع لن نحصل على نفس النتيجة.
    كنا في جلسة وفي واحد أردني قال الدينار الاردني يساوي 5 دراهم إماراتية في إشارة لأن اقتصادهم أفضل من الامارات أنا قلت له وما تنسى ديناركم أغلى من الدولار الامريكي و الين الياباني !!؟.
    خلاصة ما أود قوله أن الاوراق النقدية لا تصلح للمقارنة لأنها لا تحمل قيمة حقيقية إلا إذا كانت مصكوكة من الذهب أو الفضة.
    أخيرا أردت من هذه المداخلة فقط تثقيف بعض رواد الراكوبة الاجلاء ولا أقصد بأي حال أن واقع الاقتصاد السوداني بحالة جيدة.

  2. الاخ شاهدالاستاذ النعمان حريج جامعة الخرطوم اقتصاد اواسط الستينات وهو ما اراد الا تبسيط المقارنه فقط للقارئ واذا اراد ان يكتب بلغة الاقتصاد فهو ذرب اللسان بلغتين اضافة الي انه اديب قاص وخبرة في القوانين عامة والكروية خاصة وهو موظفا بوزارة التجارة فقط اراد الرجل التوضيح ليس عجزا تبسيط المعادلة وقد كتب من قبل عن انعاش الاقتصاد بمقالات هنا وقد عقبت عليه بمقالات مشيدا به وبفكرته ولكن يبقي السؤال المهم هل لنا دولة الان بالمعني المفهوم للدولة والا لسمعت النصائح وطبقت ونجحت كبير الظن لا توجد دولة نحن في حالة هلامية بين الضياع والموت وصدق فقد تحسر اهلنا علي الانجليز من باكر ايام بل غداة خروجهم واعرف جعليا ظل يركب حمار مع القطار يودع الانجليز لمسافات طويلة وهو يتحسر عليهم اننا في محنة نحب حقيقية !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..