أخبار السودان

مشروع المؤتمر الشعبي هل هو بالون اختبار أم حصيلة «تفاهمات»؟

محجوب محمد صالح

استقبل المراقبون بكثير من الحيرة والدهشة مشروع (تدابير النظام الانتقالي في الحكم في السودان) الذي دفع به المؤتمر الشعبي حاملا رؤيته للنتيجة التي يرى ذلك الحزب أن ينتهي بها الحوار الذي يدور الآن في الخرطوم مصدر الحيرة والدهشة هو أن الورقة -بصرف النظر عن تفاصيلها واتفاق الناس حولها أو اختلافهم معها- هي أساسا مشروع لتصفية النظام القائم وإقامة نظام بديل أو (نظام خالف) فهل لدى الدكتور الترابي من المعطيات أو الاتصالات أو التفاهمات ما يدفعه للاقتناع بأن النظام وصل مرحلة القبول بمبدأ (التصفية الاختيارية) وتسليم السلطة للنظام الخالف؟

يوم أن كان المؤتمر الشعبي عضوا في قوى الإجماع الوطني كان هو الحزب الأكثر إصرارا على تصفية النظام وعلى الخلاص منه وكان ممثله هو الأكثر تصريحات في هذا الصدد، ثم فجأة تخلى الحزب عن تلك الاستراتيجية ورأى أن يتخذ منهجا مختلفا في معارضة النظام، وأن يستبدل اعتماده على (القوة الخشنة) باللجوء إلى (القوة الناعمة) والتلميح بأن تطورات الأحداث في المنطقة تفرض البحث عن حل تفاوضي وفاقي عبر الحوار مع الحزب الحاكم.

وفي هذا الإطار انبرى لتأييد مشروع الحوار الذي طرحه رئيس الجمهورية قبل قرابة العامين وباعد بين موقفه وموقف المعارضين الآخرين، داعيا لقبول الحوار دون تحفظات ودون مطالب بتهيئة الأجواء ورفض مبدأ عقد مؤتمر تمهيدي في مقر الاتحاد الإفريقي، معتبرا المشاركة الخارجية في شأن الحوار الداخلي تدخلا غير حميد ومنافيا لمرتكزات الوطنية الحقة، بل عندما بدا أن الحكومة تبحث عن وفاق مع لجنة الوساطة الإفريقية حول المؤتمر التمهيدي الذي تم الاتفاق عليه سابقا بالغ الشعبي في التشدد ومعارضة أي محاولة لإشراك قوى سياسية في ذلك الحوار التمهيدي، مشددا على أن يقتصر الأمر فقط على حملة السلاح بما فسره البعض على أنه محاولة للانفراد بمشهد الحوار الداخلي، واستبعاد القوى السياسية الأخرى حتى يتحول الحوار إلى مشروع تحالف بينه وبين المؤتمر الوطني، بل وتحول مندوبه في لجنة الحوار (لجنة السبعة) إلى الشخصية المحورية في الدفاع عن الحوار وعن الحكومة والهجوم على رافضي مشروع الحوار الحالي، ما يرسل إشارات إلى أن الحزب بات هو الرقم الأكبر في هذه المعادلة، وحرص الناطق باسمه أن يعلن أنهم تخلوا تماما عن فكرة (إسقاط النظام) وسيسيرون بالحوار لنهايته المرجوة.

ولذلك جاء مشروع الحزب الأخير مفاجئا وداعيا للدهشة؛ إذ يبدو أن الحزب قد قر رأيه على أن (استراتيجية القوة الناعمة) التي تبناها قد آتت أكلها وأنه قد آن له أن يقطف ثمارها ما دام قد اكتسب هذه القوة وسط منظومة الحوار.

المشروع يدعو (لتصفية النظام) حال انتهاء مؤتمر الحوار وذلك بأن يقوم البرلمان الحالي بتعديل الدستور الحالي بإدخال مخرجات الحوار في صلب الدستور ثم يحل البرلمان نفسه ويسرح أعضاءه، ثم يستقيل كل نواب الرئيس ومساعدوه والوزراء والمستشارون والولاة والمعتمدون وكل شاغلي المناصب الدستورية وألا يسمح لهم بأن يرشحوا أنفسهم في الانتخابات القادمة، ثم تدخل البلاد في فترة انتقالية مداها عام يقودها الرئيس البشير كرئيس يتمتع بسلطات الرئاسة الرمزية والرعاية العليا لأمانة سير الانتقال، ويشرف على استكمال مشروع الحوار القومي، أما سلطاته التنفيذية فتفوض لمجلس الوزراء.

هل يعتقد المؤتمر الشعبي أن نظام الحكم الحالي على استعداد لأن يتخلى عن السلطة بمجرد أن مؤتمرا جزئيا انعقد في الخرطوم وغابت عنه أغلبية الأحزاب وحملة السلاح أجاز ورقة بهذا المعنى دفع بها المؤتمر الشعبي؟

لقد كان رد فعل المؤتمر الوطني سريعا وجاء على لسان مساعد رئيس الجمهورية والمشرف على الحوار حين وصف الدعوة إلى حكومة انتقالية بأنها مجرد وهم من الأوهام، وأن ذلك ليس في أجندة الحكومة وهي لا ترى أن تدخل البلاد في مرحلة عدم استقرار بعد تسريح نظام مستقر، فالحكومة حينما طرحت فكرة الحوار كانت تبحث عن شركاء ينضمون إلى ركبها ولم تكن تبحث عن (نظام خالف) أو (منظومة خالفة) تحل محلها.

والمؤتمر الشعبي لا بد أن يكون مدركا لهذه الحقيقة فهل ثمة شيء يعرفه ونجهله نحن جميعا جعله يتخذ هذا الموقف ويطرح مشروعا لا يمشي على رجلين في أرض الواقع الحالي وفي إطار هذا الحوار الجزئي الذي لا يأخذه أحد مآخذ الجد أم هناك تفاهمات تمت وراء الكواليس مع جهات بعينها؟؟

? [email][email protected][/email] العرب القطرية

تعليق واحد

  1. الدايرة فاطية يجقلب فيها الترابي علي كيفو خالف رجل علي رجل يحرك في خيوط اللعبة كما يشاء وكان الشعب دمي في يده هل تكون نهايته من حيث لا يحتسب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟شئ من ذلك يظهر في الافق لا يراه لانه يهمل ذكاء الاخرين كما حدث له في المفاصىة يا ترابي (وسع مرقدك فيها )

  2. الاستاذ محجوب لك التحية
    ليس في نية المتاسلمين التنازل حتي ولو علي جزء يسير من السلطة تحت اي ظرف دون قتال وغلبة . الدلايل علي ذلك كثيرة :
    1) الاحزاب التي دعيت وحضرت زايد الشخصيات التي اعتبرت قومية لهم فيها غلبة بينة
    2) البشير في خطاب الوثبة قال الذي نتفق عليه سوف يتم العمل به وهذا معناه اذا اعترض المؤتمر الوطني الاتفاق طار
    3) جعلالامر متفق عليه اذا حاز 90%
    بعد هذا هل هناك خير يرجي .
    لقد افلح الذين لم ينخدعوا بهذه الوثبة في نفس المكان لانه لا جديد في هذا الامر فهم المتأسلمون هم هم .

  3. الصحافة فى تخبط شديد وكل معلوماتهم مستقاه من المؤتمر الوطنى,المعارضه و عاجزة تماما حتى من توحيد نفسها ناهيك من اسقاط النظام البشيرى المتهالك, والترابى يعلم ذلك وهو الان يتغلغل تدريجيا للسيطرة على مفاصل الدويلة الكيزانية المتهالكة باذن الله ولكن بتكتيكات جيدة, ونحييه على الابتكارات والاتيان بجديد فى كل مرة ولو انها ماكره ولكن هو ما شاء الله دائما يستطيع ان ياتى بجديد, مش ذى ناس المعارضة بشقيه المدنى والعسكرى, نائمين نوم وللاسف اختفوا من الساحة حتى كلمة ندين ونشجب باغلظ العبارات اختفت الا فى المناسبات الكبيرة مثل اكتوبر وغيرها. ولكننا لا نيئس من رحمة الله والنصر حليف الشعب السودانى النظيف مش الذين تلطخت سمعتهم وتمرمخوا فى بحبوحة الكيزان السيئئ السمعة

  4. أستاذ مع تقديرنا لك
    الطائفية والعسكر والاعيبهم
    حسن الترابى في مصاهرة وعلاقة دائمة بالصادق المهدى
    وهؤلاء يفهمون تماما انهم يريدون إجبار الشعب السودانى
    و إقناعه بأن لا أحسن منهم ومن أطفالهم وكلها حيل في حيل
    مدروسة ومتفق عليها
    يخرج العسكر من السلطة ويذهب لعمله في ترسيم وحماية الحدود والتدريب والتصنيع الحربى
    يخرج هؤلاء الفاشلون واولهم الصادق المهدى والميرغنى والكل الباقين تبع ليس الا

  5. نحن نستاهل أكثر من ذلك حيث أذعنا إذعانا كاملا و خضعنا خضوعا تاما لهذا الذل و هذه المهانة و رضينا بأستهتار هذه الفئة بنا و أصابنا عدم الإكتراث و عدم المبالاه بما يحصل فى الوطن و أصبحنا ننظر لما يجرى من مهازل و خراب للبلد كأنما يحصل فى بلد اخر حتى أصبح المبدأ جلدا ما جلدك جر فيه الشوك و شهرا ما عندك فيه نفقة ما تعد أيامو. شعب مستكين لمثل هذه المهازل لا بد أن يحصل له كل سوء.

  6. يتساءل اﻻستاذ محجوب عن الخفى فى الحوار فكان من باب أولى ان يشارك الجميع فى الحوار ويفرضوا اجندة الوطن على كل اﻻجندات بحكم اﻻغلبية التلقائية التى تنتج عن حضورهم بدﻻ عن رمى اﻻتهامات على المشاركين وااتساؤﻻت التى ﻻ اجابة لها

  7. التحيه للاستاذمحجوب محمد صالح ومقاله الرائع حقا
    الموضوع تفاهمات وتكتيكات الهدف منها اعادة توحيد المؤتمرين الشعبي والوطني خصوصا بعد سقوط نظامالاخوان في مصر الذي كان بمثابة صعقه كهربائية للاخوان في السودان واذان بنهايه تنظيمهم فلم يجد الاخوان المسلمين طريقا غير اتباع سياسة التكتيكات مع دول الاقليم التى تحس بتهديدهم لامنها القومي اكثر من اي وقت مضى وفجاة وجد المؤتمران نفسيهما في خندق واحد ..اكون او لا اكون .. وتم الاتفاق على سيناريو حوار الوثبه لتهدئه الوضع الداخلي بالهاء الاحزاب والحركات المسلحه بما لا طائل منه تعويلا على قراءة افكار القوى السياسيه السودانيه حتى تكون الضربه محكمه فيعيثون فيها تفريقا وفتنا باكثر مما سبق وتطبيقا للمبدا الاستعماري ..فرق تسد .. اما تهدئه الموجه الخارجيه تكون عبر التودد الى السعوديه والتنكر على ايران حليفتهم منذ عقود واستخدام خطاب ديني معتدل وحتى التنكر لتنظيم الاخوان امصريين لذر الرماد على العيون ومشاركة السعوديه في عاصفة الحزم ضد الحوثيين رغم ما يجمع الاخوان المسلمين بالحوثيين وغيرهم بوكوحرام وداعش لربما كما والتودد الى امريكا واظهار براءة الحمل امامها طلبا لعفوها ورفع العقوبات واسمهم من قائمة الارهاب
    على ايتها حال لن تقوم للسودان قائمه وهذا النظام جاثم على صدره ولم يتبق الا طريق سلمي اخير هو انه بعد ان ينفض سامر حوار الوثبه ويحصد المحاورون السراب كالعاده فانه من الحتمي ترتيب الاوراق لعقد مؤتمر قومي سوداني جامع باحدى الدول الاوربيه تحت رعايه مباشره من الامم المتحده والاتحاد الاوربي وامريكا وهذا امر حتمي الا ان السودانيين مصابون بالبطء في التفكير واستنباط الفكره غريزيا وهذا مايعول عليه حزب المؤتمر الوطني ويبني استراتيجيته عليه

  8. ي استاذنا الجليل النظام يريد ان يردف خلفة اشباه رجال ومن الشارع والصحاري لو اراد الترابي الركوب اهلا والا ف ليسقط نعم الترابي يريد الانتغام ب الضربة الناعمة ولا يمتلك شئ للضرب الخشن ولو كان الترابي همه الاوحد اصحاب المناصب العليا ف الدولة ماذا هو فاعل مع الدولة العميقة تجدونهم تمكنوا من وظائف افندية الصالح العام ف جميع مؤسسات الدولة العسكرية والوزارات والبنوك والسوق مشوار الخالف طويل والترابي ليس لدية العمر والصحة ليمشية ب اختصار لدي الترابي حسابات يريد تصفيتها ب اي ثمن ليجلس هو لتحقيق امنيتة وحلمة الظلوطي

  9. وقد نسينا الله وكلمه كن وهو ارحم بالسودان وسكانه.
    الاحزاب الحاليه كلها استمدت منهجا من الخارج ..والخارج داخل مع التعاسه اليهوديه وحنكة الشر وخبث التدبير للتحكم فى البشر شركاء لله سبحانه
    صوفيه..وهابيه..شيعه..جماعات اسلاميه..حتى الاتحاديين زرعوا فكرتهم بايدى مصريه.!!
    الصيحه الوحيده السديده سمعناها من السيد عبد الرحمن (السودان للسودانيين).رغم انه على حزب صوفى كهنوتى فكرته مستورده وضد الحريات كما انه صانع الانجليز لحد العماله..
    لاحوار لاحمار ولادغدغه لشعب جائع وخائف ..الامر بسيط لكنه صعب على كل خائن ..يمكنك ان تتحمل الظلم ولكن احتمال العداله اصعب.
    لابقاء للوطن بدون الجنوب ..يجب ان يحكم السودان بفن الاداره والمصالح العليا واولها الحريه والولاء الصارخ والحياد والعداله والمساواة
    السودانيين ليسوا بهذه الصوره التى تصنعها الاحزاب ..نحنا بسطاء وطيبين وشجعان وزاهدين وازكياء وروحنا عاجبانا..والدنيا تحسدنا على هذه الصفات النادره وهى قيمتنا الحقيقيه وليست الارض والمال
    ادارة وطنيه عادله دون استغلال للدين وبدون محاور للمصالح الوطنيه فى وطنا المليون ميل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..