المصائب لا تأتي فُرادى: بعد الجنجويد وفاغنر.. جحافل الجراد تغزو دارفور

بكري الصائغ

كثير من الاخبار الهامة التي نشرت بالصحف السودانية والأجنبية من قبل وقف امامها القراء عاجزين من شدة غرابتها عن ابداء الرأي فيها سلبا او ايجابا رغم انها تستحق التعليقات عليها. واحدة من هذه الأخبار ذلك الخبر الذي نشر بصحيفة “الراكوبة” تحت عنوان:
“الجراد والانفلات الامني يهددان الموسم الزراعي في دارفور وكردفان “، بتاريخ يوم الثلاثاء ٢٦/ سبتمبر الحالي، مفاده:
شكا مواطنو منطقة ابوحمرة الزراعية بمحلية مرشينج بجنوب دارفور من الانتشار الكبير لآفة الجراد في المنطقة. وكشف عدد من المزارعين لراديو دبنقا أن الجراد أحدث تلف كبير في المزارع وإن المواطنين يقومون حاليا بعملية رش الجراد بالمبيدات الحشرية وخاصة محصول الفول السوداني. وأوضح مواطنون أن أسراب من الجراد ترحل كل موسم قبل الأمطار إلى المناطق الجافة وتعود عند الصيف، ولكن هذا العام استوطن الجراد في فضل الخريف مما تسبب في تلف المحاصيل الزراعية خاصة محصولي (الذرة والسمسم). وأضافوا إن قلة الأمطار في هذا الموسم ساهم في انتشار الآفة بشكل كبير.”.- انتهى –

الغريب في الخبر اعلاه، أن جحافل الجراد غيرت من عادتها وطبيعتها البيولوجية ونظام حياتها واستوطنت في فصل الخريف الذي هو اصلا شهر غير مناسب لها!!، ورفضت الرحيل في فصل الصيف كما جرت العادة في كل مرة، كانما ارادت هذه الجحافل أن تزيد عن عمد من محن ورزايا دارفور وكردفان وغيرت من طبعها وعادتها لتكمل الناقص من الخراب والدمار في الولايتين !!

ولكي افهم سبب هذا التغيير المفاجئ في بقاء جحافل الجراد الولايتين علي غير عادتها الأن في فصل الخريف، لجأت الى موقع (قوقل) وسألته عن هذه الظاهرة النادرة التي وقعت لاول مرة بولايتي كردفان ودارفور، وأن كان الجراد يمكنه مخالفة قانون الطبيعة ويغير من نمط حياته، فأجاب الموقع:
(…-لا توجد فترات منتظمة للغزوات ولفترات السكون. كما لا تعرف بالدقة الأسباب المؤدية إلى بدء حدوث الغزوات أو انتهائها. غير أن كليهما مرتبط غالباً بالتبدلات الجوية، وخاصة كمية الأمطار وتوزيعها.).

أكد موقع (قوقل)، أن السبب في بقاء جحافل الجراد يعود الي التبدلات الجوية والتغيرات في حال الطقس ، ولكن رغم أن الولايتين لم تشهدا في هذا العام الجاري أي تغيرات وتبدلات جوية ومازال فصل الخريف علي حاله القديم لم يتبدل ولا تجدد ، نجد أن الجراد (الضيف الثقيل) مازال في مكانه ولم يرحل رغم انه شهر الرحيل!! – سبحان ربي مغير الاحوال-

واذا ما ابتعدنا عن موضوع الجراد في دارفور، نجد أن حال ولاية دارفور ما تغير منذ عام ٢٠٠٣- أي طوال (٢٠) عام – حتي اليوم، وتزداد كل ساعة المحن فيها بلا توقف، ولم يعد يخفي علي أحد، أنها المنطقة الوحيدة في السودان التي ما بارحت مكانها المزري ولا تحسنت اوضاعها ولو قيد أنملة، لذلك لم يكن بالغريب أن اعلنت منظمة الأمم المتحدة قبل ايام قليلة مضت ، أن ولايات دارفور تعتبر اسوأ مكان في العالم، وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن القلق البالغ بشأن الوضع في درافور واستنكر التقارير التي تفيد بوقوع أعمال عنف وإصابات على نطاق واسع بأنحاء المنطقة وخاصة في الجنينة (غرب دارفور) ومناطق أخرى منها نيالا (جنوب دارفور) وكُتم والفاشر (شمال دارفور)، بسبب الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقبل ثلاثة ايام مضت، وتحديدا في يوم الإثنين ٢٥/ سبتمبر الجاري، أكدت فيكتوريا سايز أوميناكا، مديرة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان، أن ما يحدث في السودان يعتبر من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم التي تزداد كارثية يوماً بعد يوم، مشيرةً إلى أن ملايين الأشخاص يكافحون من أجل البقاء وأن (٤،٥) مليون شخص نزحوا داخل البلاد وخارجها.. أعربت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية أليس ندري عن القلق من التقارير التي تفيد باستغلال الجماعات المسلحة- بما في ذلك الجنجويد والجماعات المسلحة المتمردة الأخرى- الفراغ الأمني وفجوة الحماية في عدة ولايات سودانية.

كم هي تعيسة هذه الولاية:
١- لا الرئيس البرهان وجنرالات وأعضاء مجلس السيادة مهتمين بها!!
٢- ولا الحكومة الانتقالية أولتها عناية بشؤونها!!
٣- ورفعت القوات المسلحة يدها عنها وتركتها لمصيرها المظلم!!
٤- وقفت الامم المتحدة رغم ما عندها من جبروت وقوة عاجزة تماما عن وقف العنف والاغتيالات والاغتصابات!!
٥- منظمات الاغاثة تعاني من دخول المساعدات للولاية!!
٦- تعرضت الشاحنات التي تحمل المؤن والسلع الضرورية القادمة من الخارج للنهب المسلح، وجرت اغتيالات لبعض السائقين!!
٧- لم تهتم الحكومة الامريكية بالحال في السودان واكتفت بالتصريحات، وادراج اسماء بعض الشخصيات السودانية في قائمة المشمولين بالمقاطعة!!
٨- منظمة الوحدة الأفريقية حالها مثل حال امريكا، اكتفت بالاجتماعات المملة بدون نتائج!!
٩- الجامعة العربية اصلا ماعادت تهتم بالشأن السوداني منذ ابريل ٢٠١٩ حتي اليوم!!
١٠- البرلمان الأوروبي صرف النظر تماما عن السودان، وأولي اهتمام كبير للمسألة الاوكرانية!!
١١- كل البلاد العربية (ماعدا مصر والسعودية) صرفت النظر عن مد يد المساعدات للسودان بعد ان لمست عدم جدية السودانيين الجلوس لطاولة المفاوضات!!
١٢- اصبحت ولاية تعج بالمرتزقة من كل شكل ولون!!
١٣- حتي جماعة “فاغنر” الروسية لم تجد مكان مريح لها في افريقيا الا دارفور..المليئة بالذهب واليورانيوم!!
١٤- ولاية خلت من السكان، وغادرها نحو (٦٠%) من أهلها!!
١٥- مع الأسف الشديد في خضم كل هذه المشاكل، ظهرت بعض الأصوات التي نادت بانفصال ولاية دارفور، والعودة بها الي ما كانت عليه قديما، دولة قائمة بذاتها كان اسمها “سلطنة دارفور”!!
١٦- أكبر نسبة لاجئين في الخارج هم الدارفوريين، وجاءت جحافل الجراد لتحل مكانهم !!

واخيرا:
الي جانب ظهور أمراض معدية كثيرة في دارفور، خلت الولاية من المستشفيات بسبب الدمار الذي لحق بها، والنهب والسرقات التي قاموا بها منظمات دارفورية…ظهرت في مدينة نيالا جهارا نهار رغم أنف الوالي وجهاز الامن والاستخبارات العسكرية اسواق كبيرة لبيع العربات والسيارات الحكومية (قدر عددها بنحو ٢٢ ألف سيارة)، والمعدات الكهربائية والمجوهرات والاسورة والمصوغات الذهبية المسروقة من العاصمة المثلثة!!
لك الله يا دارفور، وليحفظ ما بقي منك من عمار.
[email protected]