
إبراهيم سليمان
المثل المؤصل يقول : “المُوّدِر يفتش خشم البقرة”، وما نحن بصدده ، الخشوم ذاتها خشوم بيوت ، منها الوطنية ، ومنها الأجنبية ، ومنها “معانا” ومنها مع الخيانة. وكذلك الغرض مرض ، وإلاّ لما استجار فلول الإخوان المسلمين ، وحلفائهم الانقلابين ، بالسيسي بطل رابعة العدوية ، وقاتل زعيمهم المنتخب د. محمد مرسي في السجون ، ناهيك عن أنّ فرعون مصر محتل أرض سودانية خالصة (حلايب وشلاتين)، والآن شهيته مفتوحة ، لضم الشرق بأكمله، باستغلال غرض أبنائه غير البررة ، في استعادة أمجادهم، التي ولّت من غير رجعة ، أمثال محمد طاهر أيلا ، والناظر محمد الأمين ترك وزعيم البصاصين، وعرّاب الجاسوسية صلاح قوش ، يستنصرون بالسيسي للنيل من الاتفاق الإطاري ، بدون أن يرف لهم رمش!
القاصي والداني يعلم أنّ الرئيس المصري (الانقلابي” عبدالفتاح السيسي يسعى جاهدا لخلق منبرا ضرارا لمنبر الاتفاق الإطاري ، بغية منع التحوّل المدني الديمقراطي في السودان، والإبقاء على زمرته من العسكر الانقلابين ، الذين وجدوا أنفسهم عائدين إلى الثكنات ، مرغمين لا أبطال هذه المساعي التخريبية الحثيثة من السيسي مصر ، زاد عليه سخط على سخط ، من الشعبين في شطريّ وادي النيل ، وحتى عسكر السودان ، لم يعودا متحمسين لطروحاته اليائسة والبائسة ، بعد أنّ اتضح لهم أنّ “روشتته” الانقلابية عبارة عن “طلس”، وأنّ نصائحه الاستخباراتية مضروبة ، وأنّ الخرطوم ليست القاهرة.
الكل تابع مبادرة الشيخ الخليفة الطيب ود بدر، رئيس المجلس الأعلى للتصوف، التي عُرفت بنداء أهل السودان للتراضي الوطني ، والتي تم تدشينها في يوليو من السنة الماضية ، سخّر لها فلول النظام البائد كافة طاقاتهم المادية والفكرية على عجزها ، وجاؤوها من كل فجٍ عميق “الأعمى شايل المكسر”، واحتشدوا لها كما لم يفعلوا منذ سقوط نظامهم ، وبنوا ليها آمالهم العراض ، ولكن سرعان ما تبخرت توصياتها ، وذهبت أدراج الرياح.
كان ذلك استباقا لإرهاصات التوقيع على مشروع نقابة المحامين للدستور الانتقالي ، ولما شب هذا المشروع الوطني الواعد عن الطوق ، وتم التوقيع على الاتفاق الإطاري ، جن جنون جهات كثيرة ، أولاهم الكيزان وأعوانهم الفلول ، وآخرهم السيسي مصر طرح مبادرة مفضوحة لعرقلة مسيرة الاتفاق الإطاري ، هذه المبادرة، (لمة القاهرة) دفنت مبادرة الطيب الجد ، وواراها الثرى ، واستبدلوا التي هي أعلى بالتي هي أدنى. لمة خائبة ، لخائبين مندحرين بهدف تخريبي ، وبلا مضمون سياسي ، حسب اعتراف الداعين لها ، لا يزيدهم إلاّ خذلانا وخسرانا.
رغم تماثل النوايا ، بين مبادرة الطيب الجد ، و”لمة” القاهرة فالأولى كانت وطنية خالصة، رغم التدثر بأقماط الصوفية، لإعادة الاعتبار لفلول شركاء الفساد ، بينما تعتبر الثانية، خيبة وطنية ، من تكتل ملأ الفضاء السياسي ضجيجا وتخوينا لأنصار الاتفاق الإطاري، زاعمين أنه صنيعة السفارات ، ومولود الإملاءات الخارجية ، فإذا بهم ، في “لمتهم” يتنفسون بصعوبة من تحت غطاء المخابرات المصرية!
“لمة” القاهرة ، تحدي للإرادة الدولية ، وعناد قمئ لرغبة غالبية الشعب السوداني ، الكاره لحكم العسكر ، والتوّاق للحكم المدني الديمقراطي ، والغاضب من سكوت الساسة عن احتلال غاشم لجزء من أراضيه من قبل مصر ، وقوة عين السيسي ، واستغلاله المشين لوشائج الأخوة بين الشعبين السوداني والمصري.
حظوظ مبادرة الشيخ الخليفة الطيب الجد ، كانت أكبر في رتق تمزق المشروع الفكري للإخوان المسلمين ، من خلال تحريض العسكر والانقلابين ، على مقاومة المد الثوري ، والإصرار المدني ، من حظوظ مساعي المخابرات المصرية ، في إفشال مسير الاتفاق الإطاري ، وقطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي ، فشل المساعي المصرية كانت مرصودة ، منذ فشلها في شق صف الموقعين على الاتفاق الإطاري قيد أنملة ولذا تحولت “اللمة” إلى درس عصر ، في العاصمة الإدارية لمصر من مخابراتها، لكتلة “الأرادلة” الخائبين ، ومن المنتظر، إن يجرجروا أذيال الخيبة ، عائدين ، إلى ضجيج طحين الإطاري ، يلعنون بعضهم بعضا، ويسبون السيسي، في سرهم.
احسنت القول كلامك عين العقل بارك الله فيك