ديلان توماس يستعيد مجده المسفوح

ويلز تخصص العام 2014 لشاعرها بعد مئة عام على ولادته عبر نصب تمثال برونزي أمام منزل طفولته، واستعادة مخطوطات قصائده من المتاحف الأميركية.
بقلم: كرم نعمة
خسر معركة الحياة مع الخمر
تستعد السلطات الثقافية لاحتضان ابنها “المخطئ” ديلان توماس بعد مئة عام على ولادته عبر نصب تمثال برونزي أمام منزل طفولته في سوانزي، واستعادة مخطوطات قصائده من المتاحف الأميركية فضلا عن صور نادرة لطفولته، هو الذي مات في ربيع العمر بعد أن خسر معركة الحياة مع الخمر!
سيكون العام 2014 عام الشاعر الويلزي ديلان توماس “ولد في نوفمبر-تشرين الثاني 1953” بعد سنوات من التجاهل لشاعر ويلزي حُسب على الإنكليـزية، ليعود الابن إلى أحضان بلاده، على الأقل لمحو صورة الشـاعر العاق الــذي يكتب بـالإنكليزية، ولا توجـد نصـوص قصائــده في مناهج التعليم الويلزية.
سيكون هناك مهرجان في الذكرى المئوية لولادته يسعى إلى رفع مكانة الشاعر وإحياء شغف الناس بالشعر، بعد أن التصقت صورة السكير، الطفيلي، الفاسق? بحياة توماس، ثم أهمله النقاد بعد رحيله، لكن الثقافة الويلزية تحاول في هذه المناسبة تبديد الأساطير المبالغ فيها عن عبثه، وإعادة اكتشاف الشاعر فيه بعد أن أعيد طبع قصائده لعشرات المرات.
تقترن صورة هذا الشاعر الذي كتب بالإنكليزية لذلك عانى الإهمال في بلده ويلز، بالشاب المجعد الشعر الذي لا تفارق السيكارة فمه ويبدو في كل صوره وكأنه ثملا، بل البعض يذكر أن جيوب معاطفه لم تكن تخلو من زجاجات الجعة أينما ذهب!
إلا أن كل هذا الكلام يهمل موهبته الشعرية، وكيف أنه أثر على أجيال شعرية لاحقة، بل إن توماس كان ملهما للشاعر والمغني القتيل جون لينون في كتابة الأغاني وتلحينها، “من ينسى مثلا أغنية تخيّل لو?”
عاش ديلان توماس مع زوجته كاتلين ماكنمارا وأطفالهما الثلاثة في فقر مدقع، في قرية ساحلية وببيت خشبي متهالك استوحى منه بعض أعماله، خصوصا النص الذي يتحدث عن الحليب المسفوح تحت الخشب، في مسرحية “تحت منزل الحليب”.
ويعزو الدكتور جون جودباي، الأستاذ في جامعة سوانزي، تجاهل الأوساط الأكاديمية في ويلز لشعر ديلان توماس بسبب الحس القومي للبلاد، لأنه لم يعرض نفسه كشاعر ويلزي أبدا. على الرغم من أن بعض أعماله لقيت شعبية في وقت لاحق.
ويرى جودباي أن توماس لم يكن قادرا على الكتابة لو لم يكن في حالة سكر، لأنه كان يرى في ذلك توقا للحرية.
ويبدو أن ويلز وهي تخصص عاما كاملا للاحتفاء بديلان توماس تريد إعادة صناعة أسطورة دبلن في تفعيل ما كتبه جيمس جويس. فهذا الشاعر لم يكن يفكر أبدا بأن يصبح شعره إقليميا ضيقا لذلك استمر بالكتابة بالإنكليزية ولم يكتب بلغة بلاده الويلزية على الرغم من أن حبه لويلز لا يمكن إنكاره.
لقد انصرف توماس منذ البدء إلى حلم اليقظة الذي يبدو سرا ولكن حتى ذلك الوقت لم يكن عالمه “إني أحوي في داخلي وحشا وملاكا ومجنونا”.
قبر ديلان توماس في لوغارن بويلز، لا يحمل غير صليب خشبي أبيض يتناقض مع باحة الكنيسة القوطية القريبة من المرفأ، ولا يزوره سنويا أكثر من 15 ألف شخص، وهو عدد ضئيل قياسا بعدد الزوار الذين يتوجهون إلى قبور ديكنز وجويس?، لكن في العام 2014 قد يتغير كل شيء في سوانزي المدينة الطامحة لتكون عاصمة الثقافة الأوروبية عام 2017، وقد تكون إعادة الاعتبار لهذا الشاعر سببا في اختيارها.
كرم نعمة
[email][email protected][/email] ميدل ايست أونلاين