أخبار السودان

البهرمة …مشتقاتها وابرز تجلياتها

عبدالله رزق

…..(مر يوم بلاشهداء.) ، وبدت الحكومة ، وكأنها قد تجاوزت احداث الاسبوع الاخير من سبتمبر وتداعياتها، بما فى ذلك الكشف عما يتعين عليها ان تتخذه من اجراءات ومساع جادة وملموسة لملاحقة المتهمين باطلاق النار على المتظاهرين،للقبض عليهم، وتقديمهم للمحاكمة. اذ ان الوقائع الدموية ، التى خلفتها الحركة الاحتجاجية ،باتت تشكل حاجزا سميكا بين ماقبل ومابعد 23 سبتمبر.

ومن ذلك ان الخارجية البريطانية قد رأت فى الاحتجاجات السودانية الدامية التى أعقبت زيادة أسعار الوقود مؤشراً على ضرورة إجراء حوار سياسى شامل.واعرب، سيمون فريزر، وكيل وزارة الخارجية البريطانية ،عن أمله فى أن تمثل هذه الاحتجاجات جرس إنذار للجميع بمن فيها الحكومة بأن الوضع يحتاج إلى معالجة.

بعيدا عن الجرس المعلق فى رقبة الحكومة، خاصة ، جرس التساؤل عن من اطلق النار على المتظاهرين . بدأت حملة منظمة لـ”تغيير الموضوع” ، موضوع الساعة، لصرف الانتباه نحو “قضايا صغيرة ” ،حسب تعبير غازى صلاح الدين، او” سفاسف الامور” ، حسب حسن رزق، احد رموز المذكرة الثلاثينية.

فقد عمدت كثير من الصحف الى شغل الرأى العام ، خلال الايام الماضية ،بمذكرة مابات يعرف”الحراك الاصلاحى” فى المؤتمر الوطنى، بقيادة الدكتورغازى صلاح الدين العتبانى ،وتوجه الحزب الحاكم لمحاسبتهم ، وذلك بعد ان انشغل الرأى العام ، لبعض الوقت، بمداخلة الصحفى بهرام عبد المنعم، فى المؤتمر الصحفى ، لوزير الداخلية ووالى الخرطوم، وما أثارته من” بهرمة مضادة”.
وقد وصف العتبانى ، فى صفحته فى فيسبوك ? حسب التغيير- قرار المحاسبة بغير الموفق، “لانه- على حد قوله – يختزل مشكلات البلاد فى نقطة اجرائية “. فى حين اختزلت مداخلة بهرام عبد المنعم، فى نقطة مماثلة ، تتعلق بالمهنية .
الامام الصادق المهدى، رئيس حزب الامة ، من جانبه، وفى سياق البهرمة المضادة، رأى فى مسعى المتظاهرين لاسقاط النظام ، قبل استكمال ،او استيفاء مايعتبره اشراطاً اجرائية لازمة لتبديل النظام او تغييره حماقة ، على حد قوله.تجل سلوكى بعيدعن الانتساب الى الشجاعة او الجرأة. محض بهرما.

وقد حرص بعض المتداخلين على تجريد الصحفى بهرام عبدالمنعم ، من فضيلة الجرأة او الشجاعة ،التى يضفيها عليه مناصروه، واختزلت مداخلته فى التهور المحض، والافتقار الى المهنية. فيما اقترح الاستاذ مصطفى البطل ،ابتكار اسماء جديدة على الملتقيات، التى تجمع الصحفيين الى المسؤولين، مثل دكان ود البصير. وهى وجهة نظر قد تفيد انصار بهرام ، المدافعين عنه ، الذين يسعون لايجاد ?ثغرات اجرائية ” ، فى واقعة المؤتمر الصحفى نفسه.

فيما اختزلت مذكرة غازى وأخوانه ، أو بهرمتهم ، فى نوع من التفلت التنظيمى، فقد تم تجاهل موضوع المذكرة ،تجاهلا تاما، مثلما تم تجاهل الاجابة على “القضايا الكبيرة” التى اثارها بهرام.
فـ”مقابلة الاحتجاج السلمى بالقوة والعنف المفرطين ادى الى اسالة الدماء وسقوط الشهداء والجرحى بمختلف انحاء الخرطوم وبعض الولايات الاخرى “، وفق بيان لجماعة الاخوان المسلمين ، نشرته صحيفة آخر لحظة فى عددها الصادر يوم الاحد ، “وهذه الدماء ? حسب البيان – مسؤولية الحكومة، ايا كان الفاعل ، ومهما كانت المبررات”. وتلك هى النقطة غير الاجرائية ، التى تمحورت حولها مداخلة بهرام ،وبقيت دون رد حتى يومنا هذا.

ووفق افادة ود ابراهيم ،حسب اخر لحظة ايضا، فان الرسالة المذكرة ،خطاب مفتوح لرئيس الجمهورية ، قدموه كمواطنين ،وليس كاعضاء فى المؤتمر الوطنى. يجدر الانتباه ، الى ان الاستاذ فيصل محمد صالح ، قد اثار نقطة اجرائية جديدة،تتعلق بقانونية انتماء، العميد معاش محمد ابراهيم ، الى المؤتمر الوطنى، فى عموده المنشور بجريدة الخرطوم، يوم الثلاثاء. ومع ذلك فان قنوات التواصل ومواعين الشورى ،على مستوى الحكم والحزب الحاكم، تبدو مغلقة ، امام منسوبى الحزب كما امام جمهوره.
د.غازى عتبانى ،الذى تأسف على ربط المذكرة ” بخطط المعارضة لاسقاط الحكومة وضرب وحدة البلاد وامنها.”، اثار فى مواجهة منتقديهم، مسألة اجرائية مضادة، عندما، عزا توجههم مباشرة لمخاطبة الرئيس برسالة مفتوحة، متخطين التراتبية التنظيمية للحزب. اذ اشار الى “استحالة الوصول للرئيس ، وتقديم المبادرت ، حيث اصبحت هذه احدى ازمات المؤسسية فى المؤتمر الوطنى “. وخلص عتبانى من مرافعته الى دعوة الحزب الحاكم ” الى عدم الانصراف الى معارك فرعية صغيرة . ” وقال ان “عليهم بدلا من ذلك توجيه طاقاتهم لمعالجة الازمات الكبرى ، التى تحيط بالبلاد.”

وكما فعلت جماعة الاخوان المسلمين وقوى سياسية اخرى ، فقد طالبت قوى الحراك الاصلاحى ? بدورها وضمن مطالب اخرى – باجراء تحقيق محايد حول استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين ومحاسبة المسؤولين ،وتعويض المتضررين جراء القتل والنهب والتخريب- حسب مقال للبروفسور الطيب زين العابدين، بصحيفة التغيير.

وقد اوضح غازى، لليوم التالى، كيفية تجاهل جوهر الرسالة ، او التعامل معها وفق تقنية تغيير الموضوع قائلا :” لم نستمع لنقد موضوعى حول مضمون الرسالة. الحديث كله يتحاشى الموضوع، ويحوم حول الحمى ،ويركز على قضايا اجرائية.”

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..