إلاَّ ما أرى.!

شمائل النور
تنظرُ لجنة قانونية شكلتها وزارة الإعلام في تعديل قانون الصحافة والمطبوعات، اللجنة يفترض أن تنظر وتبت في مذكرات رفعها اتحاد الصحفيين ومجلس الصحافة، إلى مجلس الوزراء بشأن التعديلات الكارثية المرتقبة .
التعديلات التي تسربت قبل فترة ونشرتها (التيار) كانت طيلة الفترة الماضية تُحاك في الظلام بعيداً عن أعين الذين سيتحملون هذه التعديلات، لتتفاجأ الصحافة أنَّ مؤامرة كبرى تُحاك في الظلام لدفن ما تبقى منها.
لكن ردود فعل هنا وهناك عطلت تمرير القانون وقتها، وهاهو الآن يصعد من جديد قبيل دورة البرلمان الجديدة تمهيداً لإجازته.
والقصة بدأت منذ منتصف 2016م، حيث كُلفت لجنة بتعديل قانون الصحافة والمطبوعات، ورفعت توصياتها لوزير العدل، اللجنة تتكون من مجلس الصحافة وتضم في عضويتها ممثلين للسلطة الأمنية، ممثلين للسلطة القضائية، وزارة الداخلية، ثم اتحاد الصحفيين، سياج من السرية ضُرب حول هذه اللجنة وحول التعديلات المقترحة، قبل أن تتسرب.
الخطة كانت، أن يتم هذا القانون في ظلام، ولا يتعرف على بنوده أحد إلا بعد إجازته، الفكرة فرض سياسة الأمر الواقع.
حجم الحماس الذي يصاحب عمل هذه اللجان المعنية بقمع الصحافة، ينبئ بأنَّ هذه التعديلات سوف تُفرض فرضاً.. صحيح هناك مقاومة لكن بالمقابل هناك سلطة تواجه معركة وجود ولا تقبل إلاَّ سياسة لا أريكم إلا ما أرى.
لكن، فلنقلْ إنَّ السلطة فرضت تمرير هذه التعديلات، هل سوف يسترد الجنيه السوداني قيمته؟
الأزمة باقية بل ستزيد هذه التعديلات الأمر تعقيداً، سوف يضيق الخناق على الكلمة ويحل محل ذلك وسائل أخرى، تكلفتها باهظة.
مشروع القانون الجديد، الذي دُبر بليل، يؤكد بلا أدنى شك، أنَّ الصحافة مقبلة على مرحلة حياة أو موت، لكن بالمقابل يؤكد أكثر أنَّ السلطة لم يتبقَّ لها إلاَّ أن تحبس الهواء، وهذه مرحلة من الاستبداد لا تصلها السلطة إلا قبل الموت.
صحيح أنَّ السلطة تريد على الدوام أن تقرأ أخبار ?حلوة? ونقل صورة وردية لواقع لا لون له.. لكن ما لم يستوعبه عقل السلطة هو أنَّ السيطرة التقليدية على الإعلام ما عادت مُجدية، بل أنَّها مفيدة في أحيان كثيرة لأنَّها بلا شك سوف تصرف الناس إلى الفضاء الواسع، الانترنت، حيث لا رقيب ولا كابح.
حينها ستدركُ أنَّها لم تفعلْ شيئاً بل بددتْ زمناً ومالاً في لا شيء.
التيار