الرئيس البشير التقى بالسنوسي المؤتمر الشعبي.. تعديل “الموقف” من “التعديلات”

الخرطوم: الطيب محمد خير

اعتبرت الأوساط السياسية الاجتماع الذي جمع بين الرئيس البشير والأمين العام المكلف للمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي أمس الأول، بأنه خطوة لتجسير الشقة التي حدثت بين أطراف الحوار، وقالوا إنه يجيء لتهدئة الأزمة السياسية التي تفاقمت بسبب الإجازة الجزئية للتعديلات الدستورية التي أغفلت المواد المتعلقة بالحريات والتي رفضها المؤتمر الشعبي وحلفاؤه في تحالف قوى التوافق الوطني الذي يرأسه إبراهيم السنوسي.

ويرى مراقبون أن تحركات قيادات المؤتمر الوطني لتدارك أزمة التعديلات الدستورية تجيء بعد التصعيد الذي تم في المؤتمر الشعبي بالمذكرة التي دفع بها الشباب للأمانة العامة والتي طالبت بتحديد موقف الحزب من الحوار في ظل أزمة التعديلات الدستورية، الشي الذي وضع مخرجات الحوار في مقترق طرق جعلت جميع أطرافه تبحث عن مخرج آمن من الأزمة للوصول لخارطة الطريق التي رسمها الحوار لحكم البلاد ببناء دولة يكون أساسها العدالة.

اللقاء الذي تم بين الرئيس اللبشير والسنوسي أبرز عدداً من الأسئلة على شاكلة هل هو لقاء في إطار أن السنوسي أمين عام للمؤتمر الشعبي أم رئيس لجنة (7+7)، وما طابع التسوية التي تمت فيه بشأن التعديلات الدستورية، وهل هو مقنع لمجموعة شباب الشعبي التي دفعت بالمذكرة التي تطالب بموقف واضح لحزبهم؟

هنا تقول أمينة المرأة بالمؤتمر الشعبي سهير صلاح إن الأمين العام إبراهيم السنوسي لم يلتقِ بالرئيس كأمين عام للمؤتمر الشعبي وإنما بصفته رئيس مجموعة السبعة من جانب أحزاب المعارضة المحاورة بغرض بحث مخرج لحل المشكلات العالقة في الحوار عموماً، وأوضحت سهير في حديثها لـ(الصيحة) أنه تم خلال اللقاء التأكيد للرئيس على أن جانب المعارضة في الحوار متمسك بدخول التعديلات الدستورية للبرلمان كاملة وأنهم غير راضين عن عملية التجزئة التي تمت، وأكدت سهير أنه تمت استجابة من الرئيس بالمعالجة من خلال توجيهه بتمديد دورة البرلمان وإدخال التعديلات الخاصة بالحريات لإجازتها بجانب الاتفاق على أن تجتمع لجنة (7+7) الإثنين القادم لمناقشة قضية التعديلات الدستورية مجتمعة، ووصفت سهير المعالجة التي تمت بأنها تسوية بالتوافق بين المعارضة والحكومة داخل الحوار باعتبار أن الرئيس يمثل سبعة الحكومة والسنوسي يمثل سبعة المعارضة.

ونفت سهير أن تكون المذكرة التي دفعت بها مجموعة الشباب لها تأثير في التوافق الذي تم، وقالت إن ما طالبت به المذكرة في جانب الحريات يمثل أولوية للحزب، وإن المذكرة جاءت متسقة تماماً مع موقف ورؤية الحزب لما تم في التعديلات.

من جانبه قال القيادي الشبابي بالمؤتمر الشعبي راشد دياب ـــ أحد الشباب الموقعين على المذكرة التي تم رفعها للأمين العام للحزب ـــ أنهم رفعوا المذكرة كناشطين في الحزب وتناولوا فيها قضية الحريات، وما يتعلق بها شارحاً أسباب تقديم المذكرة، وقال إنهم رأوا أن مسار الحريات في التعديلات الدستورية غير متوافق مع توجه الحزب، لذلك قصدوا تنبيه قيادة الحزب لتبيين موقف الحزب وتمسكه بالمطالبة بإلحاق بنود الحوار المتعلقة بالحريات في بالتعديلات الدستورية، وأشار دياب في حديثه لـ(الصيحة) أنهم تلقوا تنبيهاً من الأمين العام خلال لقائه بهم للرد على المذكرة معترضاً على صفة ناشطين التي قدموا بها المذكرة بأنها تتنافى مع نظم ولوائح الحزب، وقال: لكن رغم ذلك أكد الأمين العام استعداده السماع لكل الرؤى والأفكار الموجودة داخل الحزب عبر قنواته التنظيمية المنصوص عليها في نظامه الأساسي، ولفت إلى أن الأمين العام أوضح لهم في رده على المذكرة أنه سيلتقي بالرئيس لمناقشة القضايا المتعلقة بالحريات في التعديلات الدستورية.

وقال إن لقاء الأمين العام والرئيس هو أحد التدابير التي ينتهجها الحزب في معالجة القضايا كافة لطي كل الملفات العالقة وينهي الأزمة، واعتبر دياب أن إلغاء اجتماع لجنة (7+7) والتمديد للمجلس الوطني تمهيد لأن يكون هناك تطور في قضية التعديلات الدستورية باتجاه الأفضل وانجلاء الأزمة، وقال: نحن هيأنا قواعد الحزب ونورناها بما يتعلق بموقف الحزب وتوجهه العام المتعلق بقضايا الحريات.

من جانبه قال القيادي بالمؤتمر الشعبي د. عمار السجاد إنه لا يعول على اللقاء الذي جمع الرئيس والأمين العام السنوسي، وإنما يعول على حراكهم واتصالاتهم مع قواعد الحزب، وأضاف السجاد في حديثه لـ(الصيحة) أنه على قناعة بأن معالجة هذا النوع من القضايا لا تتم في لقاءات ثنائية مغلقة، خاصة إن هناك ناشطين وكوادر ومؤسسات في الحزب منوط بها القيام بهذا الدور، وأشار إلى أن لقاءات الرئيس والأمين العام لبحث مثل هذه القضايا بعيدًا عن المؤسسات (أشبه بسوْق الناس كالقطيع)، معتبراً أن هذا اللقاء لن يحدث أثراً، ومضى يقول: إن الأثر الأكبر جاء من عملية التواصل التي قاموا بها على مستوى القواعد في الحزب، وداخل لجنة (7+7)، مؤكداً أن هذا أحدث حركة إيجابية داخل المؤتمر الوطني، الذي قال إنه بدأ يتجاوب مع مواقفهم بالتهديد بمقاطعة الحوار، وتعامل معه بجدية بتمديد عمر دورة البرلمان حتى يتم إيداع التوصيات الخاصة بالحريات التي دفعوا بها، وتأجيل اجتماع لجنة (7+7) ليتم مزيد من التواصل للاتفاق واعتبر هذه استجابة من قبل المؤتمر الوطني في مقابل تهديدهم بمقاطعة مخرجات الحوار.

وأشار السجاد إلى أنهم بعد هذه الاستجابة من المؤتمر الوطني أوقفوا التصعيد واتجهوا لبناء الثقة للوصول لتوافق حول القضايا الخلافية حول الملحق الخاص بالحريات الذي تم إيداعه البرلمان، لكن اللجنة الطارئة رفضت التعامل معه إلى أن جاء من قبل الرئيس الذي حوّل هذه الرؤية لمؤسسات حزبه للتدارس حولها والتقرير بشأنها.

وفيما يتعلق بالمذكرة قال إنها حملت ثلاث رسائل للحزب والقواعد والحكومة أولها استنفار لقواعد الحزب وتنبيهها إلى وجود مخاطر تمس إستراتيجية الحزب المتعلقة بالحريات، والرسالة الثانية للمؤتمر الوطني مضمونها أن المؤتمر الشعبي حزب حاضر، ومتابع لكل ما يجري قيادة وقاعدة، والرسالة الثالثة لقيادة الحزب تقول إن تقاعستم كقيادة عن القيام بدوركم فقواعد الحزب لها وسائلها التي تتجاوزكم بها وتتحرك بها للمحافظة على الحزب.

الصيحة