
خارج السياق
تمثل حرب الدولار المستعرة أحد أوجه الحرب ضد تأسيس الدولة المدنية، وعندما تم إبان الثورة رفع شعار (حرية/ سلام/ وعدالة) لم يكن أمام القوى المضادة للثورة سوى أن تتوارى، بل وأخذ بعضها يردده لحين، إلا أنها سرعان ما استجمعت قواها، لأسباب لا بد أن تكون محل مراجعة وتقويم من قبل قوى الثورة وأصحاب المصلحة في التغيير، يصل مرحلة إجراء جراحة من أجل التعافي التام.. حيث لن تتأسس دولة مدنية دون مجتمع مدنى…
لنأخذ مثلا شعار (الثورة نقابة وحي) أي تنظيم الشعب في لجان على مستوى الاحياء، ونقابات على مستوى مواقع العمل، علينا طرح أسئلة شفافة حول تنفيذ الشعار في السنة الأولى من المرحلة الانتقالية، لأي مدى انتظمت الجماهير في لجان الاحياء لتنظيم شؤون الحياة بعد حل تلك التابعة للمؤتمر الوطني المحلول؟ صحيح قامت لجان المقاومة بدور مقدر في ملء الفراغ الإداري لتنظيم امر الخدمات، لكن الحديث هنا عن المشاركة الشعبية الواسعة في إدارة شؤون الحياة وتنظيمها لحين اكتمال هياكل الحكم المحلى، لأي مدى تم ذلك؟ وأين أوجه القصور والنجاح؟، طرح تلك الأسئلة أمر تبرز ضرورته من حقيقة أن تأسيس الدولة يبدأ من قاعدة المجتمع، ومن مشاركة ورؤية وتجارب الجماهير، فهي ليست مجرد هياكل يتم تأسيسها بشكل فوقي.
صحيح أن انشاء المفوضيات أمر لا بد منه، إلا أن ذلك من الضروري أن يكون متزامناً مع بناء قاعدي ترتكز عليه الدولة المدنية، أما تأخير تأسيس النقابات الديمقراطية فهو الشق الذي يرجع لأسباب عدة منها الانقسامات التي ضربت تجمع المهنيين، بل والأجسام المهنية، وهو أمر لا بد من تقويمه وبحث آثاره السلبية على مسار تكوين النقابات، فهي الذراع الذى يمثل أحد أدوات العمل المدني من أجل تعزيز الديمقراطية وحماية المصالح الطبقية للعاملين/ت ويضع الصراع الاجتماعي في اطاره الصحيح..
إضافة إلى أهمية طرح الأسئلة بشأن النقابات العمالية والقانون والجدل حوله، فهناك خلط بين قانون النقابات المهنية وقانون النقابات العمالية، وبل خلط في الرؤية، فقوى الثورة نفسها تتباين مصالحها الاجتماعية، وهو أمر لا بد أن يكون واضحاً حتى لا يتم التعتيم عليه تحت أي شعار!..
مديحة عبدالله
______
*الميدان 3698،، الخميس 17 سبتمبر 2020.*