مقالات وآراء سياسية

طلائع النكبة

م/ التجاني محمد صالح

… من دلائل النكبة أن يحكمنا الهوي ، ويقودنا الطيش ، وتتحكم في تقديراتنا الشهوة. فتغيب عنا الحكمة في القول والرُشد في العمل وذاك هو قوام الجهل وتمام سفه العقول. فنجني علي أنفسنا لأن الجاهل عدو نفسه . وحينما نتخطى حدود ذواتنا ونتولى الشأن العام ونحن على هذا الحال نكون وبالاً علي الأمة ويكون الوطن ساحة يعبث فيها الطائشون . فيعتلي “الصغار” مواقع “الكبار” وكعادة الصغار لايميزون الحدود والفواصل بين ما هو محمود وما هو مذموم حيث لاحُرمة لوطن ولا كرامة لمواطن. فرغبة في فش” غبينتا ” ندمر ” مدينتا”. ومن أجل الظفر بنصرٕ زائف نحرق ثرواتنا . وفي سبيل بلوغ المجد نطأ على رقاب الأحياء ونتخطى فوق جماجم الأبرياء . وصدق من قال:(حينما تحل النكبة يصبح سُفهاء الناس أُمراءهم وعطاياهم عند بُخلائهم وعدلهم عند ظلمتهم). وليس السُفهاء هم اؤلئك الماجنون ، هابطوا الأخلاق ، فاسدوا السلوك كما يتبادر إلى أذهان العامة حينما يذكر السُفهاء لكن السفيه هوضعيف العقل ، ساذج التفكير ، طائش الحُكم. فيترافق الطيش في الحُكم في المجتمع المنكوب مع تنامي طائفة البُخلاء من عبدة الدرهم والدينار الذين يعيشون في الوطن ك”الدلم” على ظهر البعير . تكتمل النكبة حينما يتولى الظلمة مقاليد القضاء بين الناس فيُجرم البريء ويُبرأ المجرم ! تلك هي البوابات التي تتسلل من خلالها النكبة حيث في المجتمع المنكوب يصبح الوطن سجناً علي قاطنيه والحياة عبئ لا يطاق . الكل يسعى للهروب منه ولو تسلُلاً. في ذلك المجتمع ينسد الأفق وتتواضع الأهداف. فتري”الصغار” مشغولين بالصغائر. يهدمون وطنهم لأنهم طائشون . لا يعرفون المهام العظيمة ويهربون من الهموم الكبيرة . تجدهم دوماً يركضون في الوحل والطين . تلك هي خصائص المجتمع المنكوب . فكيف تجلت تلك الخصائص في وطننا؟ و من هم طلائع نكبتها؟ لقد كان المشهد السياسي في بلادنا مروعاً وكان الزلزال مُدمراً. لم تُنتهك سيادة الوطن فحسب ، بل هدمت الدولة وتفسخت شخصية الأمة حتى لم نعُد شيئا يذكر بين الأمم.

إذا جلسنا بين “الكبار” فهمومنا “صغار”. إذا حضرنا في المحافل لم نُعرف وإذا غبنا لم نُفتقد . إذا نطقنا في المجالس كان صوتنا نشاذا و حديثنا “أشتر”. نُدير شأننا العام ب”الهرجلة” حتى أضحت الدولة مسرحاً “للمهرجين” وعروض التراجيديا الحية . إبتذلنا القيادة والمسؤولية العامة حتى أصبحت مجرد وظيفة لكسب العيش يشغلها أُناس هم في حاجة للمناصب “لترتقي” بهم ، لا أُناسا تحتاجهم “المناصب” ليرتقوا بها . غلب علينا السفه والطيش فأصبحنا كالبقرة “الملوية”، تصارع نفسها (ترفس) للفكاك من قيدها فتزداد التواءً فتأخذ في”الجُعار” مع أنها تناطح من يدنو منها لتخليصها من كربتها ! يسعي المشفقون لإنقاذنا من شرور أنفسنا وسيئآت أعمالنا فنُمعن في العُتو والضلال ولا غرو في ذلك ولا عجب. فحين يحكم الهوى ويتحكم الطيش نُخطيء الإختيار ونضل الطريق فتُحلق بنا “الغربان” فوق الفطائس والجيف. حتى لم نعُد نرى الحق حقاً و لا الباطل باطلا . وهكذا سولت لنا أنفسنا أن الأمم المتحدة عدوُ لنا والجنائية تستهدفنا والإيقاد تناصر عدونا والإتحاد الإفريقي يتآمر علينا ودول الجوار تتربص بنا ومنبر جدة يترصدنا والجميع على باطل إلا نحن نسير علي هدى وصراط مستقيم!!! وهكذا وقف العناد والطيش حجر عثرة أمام مفاوضات جدة لتنطفيء بذلك بارقة الأمل التي انتظرها البؤساء طويلاً ليستمر التدمير بلا هوادة والقتل بلا حياء او وازع من أخلاق. حتي بلغ بنا البؤس أن نفاخر باعداد القتلى من بني جلدتنا ونباهي بفداحة التدمير !! ليس ذلك لشُح الإخلاص في نفوسنا ولا لقلة النُجباء بين صفوفنا ولا لجفاف منابع الوطنية في دمائنا . إنما لأن منابرنا ومؤسساتنا قد سطى عليها في غفلة من الزمان الطائشون . لم تكن حرباً تلك التي تجري أحداثها أمام أعيننا ، بل برنامج للتدمير الشامل الذي يدفع نحوه طرفا الصراع وبشكل مقصود ومتعمد. إندفاع مجنون فوق جماجم الأبرياء وعلى أشلاء الوطن لإشباع رغبات نفوس مريضة بحب الدنيا وشهوة السلطة لم يتبق لها من أهداف نبيلة سوى الإمعان في العزة بالإثم . بالأمس كانوا يباهون بتدمير جياد وحرق اليرموك وهاهم اليوم يفاخرون بهدم جسر شمبات!! ليحفظ التاريخ كل ذلك في سجل إنجازاتهم!!! . حينما شرعت في إعداد مسودة هذا المقال كان أحد الفُرقاء قد أقدم على هدم الجسر المذكور فكنت أتساءل في المقال افتراضاً : ماذا لو قام أحد الفُرقاء بهدم جسر الحلفاية ثم بادله الآخر بهدم جسر المنشية؟! ولم يذهب بي الخيال إلى أبعد من ذلك . الآن جاء في الأخبار هدم جسر جبل أولياء تلك الخطوة المجنونة التي لم يرتق إليها خيالي في ذلك الحين بحسبان أن خزان جبل أولياء أحد شرايين الحياة وما من أحد يجرؤ علي قطع الشريان . الآن وبعد هدم الجسر المذكور فقد إنفتح الخيال على كل الآفاق حيث لا قيود على “الطموح” عند الفُرقاء . فجاز لنا أن نسأل : ماذا لو قام الجيش بدك القصر الجمهوري علي رؤوس من فيه ثم بادله الدعم السريع بحرق السلاح الطبي على شاكلة هذه بتلك؟! ليحكي التاريخ أن هنا كانت دولة . هل في هذه الحالة سيتوج الغريمان أبطالاً ويتقاسما “كأس البطولة”؟! أي حال من الجنون هذا الذي أصابنا؟!!! و أي درك من الطيش ذاك الذي نتخبط فيه؟!!! حقاً ليس الجنون حكراً علي”نتنياهو” ولا الطيش على “بني اسرائيل”!!
أيها السادة : بالله عليكم : إن لم يكن اولئك القوم هم من طلائع النكبة فماذا يكونون؟! .

لقد كان منبر جدة قاربا للنجاة وصرخة في وادي الصمت ولكنهم قوم لا يعقلون .

لقد توقفت مفاوضات جدة في جولتها الأولي بحجة مطالبة وفد الجيش بضرورة إخلاء منازل المواطنين كشرط لمواصلة المفاوضات .
هنا دعونا نناقش هذه النقطة بهدوء . وقبل ذلك هناك حقائق لابد من التأكيد عليها بدءاً الا وهي أن احتلال منازل المواطنين واستخدامها كارتكازات عسكرية أمر ينكره القانون والعُرف والأخلاق الإنسانية . وأن إخلاء تلك المنازل ليس هو امرا للتفاوض والمساومة عليه لأنه من الحقوق الطبيعية للإنسان كحقه في الحياة . ولكن دعونا ننظر للأمر من زاوية أخري وهي أن احتلال تلك المنازل هو من إفرازات الحرب. وأن الحرب قد أفرزت ما هو أشد وأخطر من ذلك ألا  وهو قتل الأبرياء وهدم منازلهم وليس مجرد إحتلالها . ومما لاشك فيه أن قتل الأبرياء وهدم منازلهم أشد جُرماً من إحتلالها. من هذا المنظور فأيهما أكثر أولوية وأشد الحاحاً : أهو وقف الحرب لتجنب قتل الأبرياء وهدم منازلهم أم إخلاء المنازل؟ نعم إن إخلاء المنازل سوف يترتب عليه عودة المشردين والنازحين إلي منازلهم . إلا ان العودة من دون وقف الحرب تعني أن تحصدهم الحرب وتهدم منازلهم التي عادوا إليها. اذاً لماذا التركيز علي ماهو مهم وترك الأهم؟! إن التباكي على إخلاء منازل المواطنين هو كلمة حق أُريد بها باطل . إن الهدف الخبيث من وراء كل ذلك هو إرباك المفاوضات و إيقاف حركة السير بها إلى الأمام بوضع العربة أمام الحصان مما يُؤٓدي إلي إطالة أمد الحرب وإزهاق مزيد من الأرواح وهدم المزيد من المنازل . إن إحتلال منازل المواطنين هو نتيجة وليس سبب . إنه من نتائج وافرازات الحرب . فلماذا نهرب من مناقشة الأسباب ونتمسك بنتائجها؟! فمن هم أعداء الوطن والمواطن؟! إنني على يقين راسخ أن هناك قوى “شيطانية” تتخفى وراء الجيش هي التي تنفُث تلك السموم القاتلة لإطالة أمد الحرب لأنه لا مصلحة لها في السلام . ومما يجدر ذكره في هذا الخُصوص هو أننا حينما نذكر الجيش لا نعني به القوات المسلحة وإنما نعني به تلك المجموعات التي تقاتل باسم الجيش وتحت راية الجيش ولكنها ذات أهداف غير تلك التي للقوات المسلحة . إننا نعني به تلك المجموعات ذات التوجهات الحزبية الضيقة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار . إنها فئات منها من يسعى لتوظيف القوات المسلحة لمصلحته ومنها من يسعى لتمزيقها لخدمة أغراض لا علاقة لها برسالة القوات المسلحة. أن الجيش بهذه الهيئة يصبح كحصان “طروادة” حيث يختبيء بداخله المتآمرون لخدمة أغراض وأجندات متباينه . وأن الحرب التي تجري الآن هي حرب قد تم التخطيط لها خارج الاُطُر المؤسسية للقوات المسلحة لخدمة تلك الأغراض . إن الأهمية الحيوية للقوات المسلحة شأن لا يختلف فيه إثنان وأن اية محاولة لتسييسها هو عمل يُؤدي الي إضعافها وخروجها عن مهنيتها.(…)
تاسيساً علي ما ذكر فإن القوات المسلحة هي حامي حمى الوطن الحافظة لكرامته ووحدة أرضه وشعبه. أما قوى الشر وعناكب السُوء التي تنفُث السّموم عبر الجيش فهي التي نسجت خيوط الفتنة واشعلت الحريق . وهي أحد أضلاع الثالوث المشؤوم لطلائع  النكبه.

إنطلاقاً من حقيقة أن العدالة والأمانة مع النفس تقتضينا أن نؤسس أحكامنا على الآخرين بناءً علي أقوالهم وأفعالهم لا بناءً على أحكام مسبقة أو صبهم في قوالب حزبية أو جهوية ضيقة طالما كنا نبحث عن الحق والحقيقة. تاسيساً على هذا المبدأ نود في هذه الفقرة من المقال أن نسلط الضوء على شخصية شغلت الرأي العام وأضحت محور الأحداث ألا وهي شخصية السيد الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) .
إن الحديث عن السيد حميدتي في هذا الظرف العصيب المضطرب كالمشي في حقل ألغام . إلا أنه لابد للمضطر من ركوب الأسنة. سنتناول بالسرد أقوال ومواقف وأفعال السيد حميدتي من أجل حكم عادل له أو عليه. وسوف نرجيء الحديث عن شخصية السيد حميدتي والتي سوف نتناولها في مقال يُنشر لاحقاً بعنوان : الدعم السريع وخيارات المستقبل.
ورد في أقوال السيد حميدتي إعلانه مراراً وتكراراً أنه لم يبادر باشعال الحرب وأنها مفروضة عليهم بالإكراه مؤكداً إستعداده للوقف الفوري للحرب . كما أكد مراراً أنه لا يقاتل القوات المسلحة ولكنه يقاتل مجموعات تختبيء خلف القوات المسلحة . أما مواقف السيد حميدتي فهناك العديد من المواقف المعلنة والمعلومة من أهمها موقفه مما عُرف بالاتفاق الاطاري . وهو إتفاق كما يعلم الجميع تضمن دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وإبعادها عن حقل السياسة . كما تضمن عودة الديمقراطية والحكم المدني . لقد وقع عليه السيد حميدتي بينما عارضه الجيش!! عند النظر في مضمون ذلك الإتفاق  نجده في جملته إتفاقا يعبر عن أهداف الثورة الشعبية وتطلعات جماهير المواطنين وكان جديراً بتجنيب البلاد ويلات الحرب التي تعاني منها الآن.
تلك هي أقوال ومواقف السيد حميدتي أوردناها إجمالاً ولم نجد فيها ما يعيب أو يشين.

أما على صعيد الأفعال فهُنا تكمُن المُفارقة . هنا سوف لن أتحدث عن العمليات العسكرية الميدانية و لن اتطرق لمن كان الغالب ومن المغلوب ولا من المنتصر ومن المهزوم . سوف لن أتحدث عن من الرشيد منهم ومن المخبول . فهنا حرب لاغالب فيها بل المغلوب هو الوطن ولا منتصر بل المهزوم فيها الأمة السودانية . سوف أتحدث عن سلوك الدعم السريع تجاه الوطن والمواطن . فمثلما كان الجيش “مخلباً” لتمزيق جسد الوطن وهدم الدولة علي نحو ما أوضحنا سابقا فقد كان الدعم السريع هو “الناب” التي بها اُكل الوطن . بهذا الخصوص فإن ما يطال الدعم السريع من مسؤولية تجاه ماجرى و يجري للوطن ينسحب بشكل كامل ومباشر على السيد/حميدتي بوصفه القائد والمُلهم لتلك القوة . هنا سوف لن أتحدث عن مجرد أفعال وسلوكيات بل عن فظائع . لقد فعلوا بنا ما لم يفعله من قبل هولاكو والتتار والمسلمون الأوائل بكفار قريش . مع أننا مسلمون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . نصلي ونصوم و نخرج الزكاة! إنهم لم يسلبوا دُورنا وأملاكنا ومقتنياتنا فحسب ، بل سلبوا “آدميتنا” حتى أننا لم نعُد في نظرهم بشراً بل مجرد أشياء. مستقبلنا ونحن بين أيديهم كحمائم مهيضة الجناح يرسمه “صبي” غر طائش لم يبلغ الحُلُمَ. مصيرنا ونحن نجثو تحت أقدامهم رهائن نزوة “مخمور” حتي يفيق. أما املاكنا فهي مُلكُُ مشاع لمجرم مريض خارج للتو من غياهب السجون!!! .

أيها السادة : إنه ليس حديثاً يُفتري ، بل تصديق لواقع يمشي على الأرض. رأيناه حادثاً ، وعشناه واقعاً حينما كُنا نُحمٌل بأيدينا متاعنا الذي اقتنيناه من حُر مالنا في عرباتهم الفارهة المنهوبة ونحن صاغرون. فاحش القول يُمطر آذاننا والسياط تتهددنا!!! لم يكونوا بشراً مثلنا فنتجاذب معهم أطراف الحديث ، بل كأنما هم قوة “شيطانية” مسوٌمةً علينا من السماء لتذيقنا الويل والثُبور وعظائم الاُمور . هكذا أطبقت علينا شياطين الأرض مع شياطين السماء . لم يتبق لنا شيء لم تنل منه أيديهم . بلادُنا دُمرت ، دورُنا نُهبت ، اموالنا سُلبت ، أعراضُنا أُنتهكت . وهكذا كانوا وبحق رأس الرُمح وأحد أضلاع الثالوث المشؤوم لطلائع النكبة. فماذا يقول في ذلك السيد حميدتي؟؟ .

إن أهم مايميز الساحة السياسية السودانية الآن هو حالة الإفلاس السياسي الذي ضرب أحزابنا السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار . ففي أقصى اليمين يقف المؤتمر الوطني مذعوراً من هول ما جرى له وهو يتخبط كالممسوس . يقف المؤتمر الوطني كالفرخة التي لم “يُحسن” ذبحها. فتراه يندفع بقوة هنا و دهناك يصارع سكرات الموت “يفرفر” و يصر في عناد علي عدم التسليم بدنو أجله المحتوم . أما حزب الأمة فحاله كحال “الحية” المقطوع رأسها. تراه يتلوى ويلتف حول نفسه ولا يقوى على الحركة والمسير . فهو بالفعل قد قُطع رأسه برحيل السيد “الإمام” عليه رحمة الله . كم أحزننا حال “المنصورة” وريثة العرش وهي تبكي حينما تشابكت عليها الطُرُق وهي لم تعلم أن طريق السياسة مليء ب”العفاريت”. ثم تأبطت جواز سفرها لا بحثاً عن سُبُل نجاة للوطن وحلحلة “عوجاته”، بل نفاداً بجلدها وفراراً من أرض “العفاريت”!!! أما الاتحادي الديمقراطي الذي يعيش حالة صحية متدهورة وهو في حالة موت “سريري” منذ فترة ليست بالقصيرة . وحالة “اللاوعي” التي يعيشها الحزب لا تمكنه من إدراك وإستيعاب ما حاق بالوطن . أما الحزب الشيوعي ذاك الحزب المُثير للدهشة والذهول الذي أدمن حياة “الظلام”حتى أضحى “ظلامياً” في تفكيره كما في سلوكه. فنحن منذ إندلاع الثورة حتي هذه اللحظة لا ندري أهو مع الحكومة أم في معسكر المعارضة؟! وهل هو من أنصار الدمقراطية أم من دُعاة الدكتاتورية؟! هل هو مع الحرب أم مع السلام؟! وحتى تستبين الحقيقة نمسك عن الحديث عنه.

هناك مجموعة أخرى من الأحزاب “المايكروسكوبية”. تلك الكائنات “الدقيقة” كانت تستمد بقاءها على قيد الحياة بواسطة حبال”سُرية” خفية تصلها بالاحزاب الكبري أو بالسلطة القائمة . ولا شك أن موت “الأم” ينسحب على “الجنين . لذلك فهي الآن في حالة إختناق ومنها من فارق الحياة. أما الحركات المسلحة فتبدو الأحسن حالاً ، لا بسبب قُدراتها الذاتية وإنما بسبب وضع يدها على مكامن الثروة ممثلة في مصادر المال والذهب والسُلطة . إن حال الحركات المسلحة يشبه حال مريض موصول بأجهزة التنفس “الإصطناعي” و أنبوب “المعدة”. فهي بخير مادامت هي موصولة بتلك الأجهزة . إن مايُحزن من هذه الحركات التي اُٖشتُقت اسماؤها من الحرية والعدالة والتنمية والمساواة لم تحدثنا يوماً عن الحرية والعدالة أو التنمية والمساواة منذ مشاركتها في السلطة . هذا هو حال أحزابنا . نقول لهم جميعاً : من كان منكم بلا سجل أسود في حق الوطن فاليرم بحجر .
يجمع تلك الكائنات  المتهالكة الفُسيفسائية جدار هش هو أوهن من بيت العنكبوت إسمه “قحت”. إنها إحدى بوابات الشر التي انفتحت على بلادنا وهي قاعدة الثالوث المشؤوم لطلائع النكبة.

أيها السادة : إننا نقامر بالوطن حينما نولي أمره لأحزاب هي كالمباني الآيلة للسقوط فهي نصف ميت ونصف حي.
اذاً ما السبيل للخروج من هذا المأزق التاريخي الذي تمر به بلادنا؟ لقد أوردنا سابقاً مقترحاً لمبادرة وطنية تضمنت تصوراً متكاملاً للخروج من النفق المظلم يمكن إجماله فيما يلي :                                                                                  ١/ يقوم النظام الأهلي السوداني (نظار وأُمراء القبائل السودانية) بتكوين مجلس السيادة لتجاوز تلك الأحزاب المتهالكة.

2/ يقوم النظام الأهلي بتفويض مديري الجامعات السودانية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية لتجاوز حالة الإنقسام وسط القوى السياسية.

نقول و نكرر إن اللجوء إلى النظام الأهلي ليس مجرد خيار الآن بل هو ضرورة حتمية وقارب نجاة للوطن ودونه الطوفان . لهذا نادت به المبادرة الوطنية.

(ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد) .

– مرفق مقترح المبادرة الوطنية.

‫2 تعليقات

  1. والله مقال مكتوب بماء الذهب افضل ما قراءته منذ اليوم المشؤم ١٥ أبريل…….بارك الله فيك …..

  2. مشاكل السودان خلت صاحب الفكر و الخبرة تطير ليه من راسو! الباشمهندس داير يستبدل الاحزاب بالنظام الاهلي عشان ترشح مجلس سيادة و أساتذة جامعات!! يعني نرجع قرنين من الزمان إلى الوراء و نوليالامر لناس خارج التاريخ بمقاييس العصر!! انا شخصيا ما بلوم الكاتب لمحاولته إيجاد حلول لمصايب نوع بشر عجيب. و طالما الباشمهندس اقتراحاته زي النوع دة انا كمان شايف الجنجويد ديل قطران بعيرنا الجربان دة !! الناس تتحمل الحرقان دة لما تجي العافيه! إيه.اثناء الفوضى العارمة على الناس تقبل الواقع المزري و التعامل بأدواته و شخوصه. أما الرفض او المطالبة بالمنطق غالبا ما بينفع في بلد مقرن النيلين الآن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..