
من لم يشاهد أمس السيد كميل إدرس – كما يُطلق على نفسه- وهو يؤدي القسم أمام عبد الفتاح البرهان، فقد فاته مشهدٌ لا يُعوّض، إذ بدا وكأنه مقطع ساخر مقتبس من كتابه الخفيف الطريف *ملحمتي النيلية*. لقد كنا أمام روائي كذّاب يؤدي طقوس الولاء أمام جنرال محترف في الكذب، حنث بالقسم مرة ومرتين، وتفوّه بالمُغلّظ منه عشرات المرات، حتى فاق في كذبه مسيلمة التاريخ!
إن “استجلاب” الكذاب المحترف لكذّابٍ هاوٍ ومتهافت إلى مفرّه في بورتسودان لا يُعدّ حدثًا ذا بال؛ فالرجل لن يكون سوى دمية في يد البرهان. وقد صدق عضو مجلس اللوردات البريطاني، جيرمي بيرفس، حين قال: “*جاء البرهان بدمية من الخارج ليُعيّنها رئيسًا للوزراء*”.
وهذا ما شهدناه في مراسم أداء القسم: رجل بدا ناقصًا لا كاملاً، باهتًا، منكمشًا، ضئيلاً، بلا ظل، وكأنه خادم في محراب سيّده، مطأطئ الرأس، ذليلاً. بل إن البرهان لم يجد حرجًا في أن يُرسل مهرّجه الإعلامي خالد الإعيسر لاستقباله في المطار؛ ذلك الذي أدّى على أرضه سجدته الشهيرة الخرقاء!
حسنًا، لنتجاوز هذا المشهد، ولنفترض – تجاوزًا- أنها مجرد شكليات، وإن لم تكن كذلك. لكن، هل يمكننا تجاوز أول تصريحٍ أدلى به دمية البرهان السويسرية؟ فقد قال الرجل إنه سيُكرّس وقته لتحقيق “العيش الكريم” للشعب السوداني!
أهذا قولٌ يصدر عن رجلٍ عاقل؟ كيف يتحقّق العيش الكريم في ظل حرب طاحنة، ومجاعة، وأوبئة؟ وكيف يعيش كريمًا من يتهدّده الموت من كل حدب وصوب؟ أليست الحياة مقدّمة على ما سواها؟ وأليس الأجدر والأفضل والأبقى أثرًا أن يدعو لإيقاف الحرب، بدلًا من هذه الشعارات والوعود الكاذبة؟ لكنه لا يستطيع. بل إن البرهان نفسه لا يجرؤ على التفوّه علنًا بهذا المطلب. فالشرط الأول لتصبح رئيسًا أو وزيرًا أو مسؤولًا في حكومة *بل بس*، هو أن تتشدّق ليلًا ونهارًا بالدعوة إلى استمرار الحرب، واستمرار الموت، حتى تتحقّق “*كرامة*” رجوعهم إلى السلطة مرة أخرى، ولو أُريقت فيها الدماء، *كل الدماء*!
ولهذا، فإنه سيظل عاجزًا، لا فقط عن المطالبة بوقف الحرب – فذاك من المحرّمات – بل حتى عن اختيار طاقمه الوزاري؛ فدوره الوحيد، الذي استُجلب من أجله، هو أن يصبح قطعة ديكورية في مزاد شرعيةٍ إفريقيةٍ *لن تأتي*، وأن يُوهم الشعب والإعلام في الأثناء بأنه صاحب الاختيار، بينما كل ما عليه فعله هو أن يُبصم على القائمة المُعدّة سلفًا من قِبل سيّده الذي أدّى أمامه القسم، والذي بدوره يُبصم على ما يأتيه من أسياده في الداخل والخارج.
ومن علامات انحدار مقام رئيس الوزراء الجديد، ظهوره المتواضع مع المبعوث السويسري الخاص للقرن الإفريقي، السفير سيلفان أستير، الذي جاء معه كتفًا إلى كتف من جنيف. هذا السفير المُتعجرف معروفٌ بأنه من داعمي *الاستقرار*، والاستقرار هنا – لمن لا يعلم- يعني النقيض الصريح للانتقال المدني والديمقراطي. فهو لا شيء سوى أنه رجل *أبيض قديم متعجرف*، من يلتقي به سيصل من الوهلة الأولى بأنه يفضّل التعامل مع الحكومات الاستبدادية *المستقرة!*، ولا يرى في الشعوب الإفريقية أهليةً للديمقراطية التي تتمتع بها شعوب أوروبا. وفي نظره، إنّ الأفارقة لم يبلغوا بعد مراحل “النضج السياسي”، فهو يحمل في جيناته الاستعلاء ذاته، والنفس الخيانية ذاتها التي تحملها منظمة *برومديشن* سيئة الصيت.
الفشل يُحيط بهذه الدمية المستوردة من كل جانب؛ فالمهرّج الإعيسر جاثم على أنفاسه باستشاراته المضحكة إياها، وفوقه أربعة من جنرالات الحرب: البرهان، والكباشي، وياسر العطا، وإبراهيم جابر. هؤلاء لن يتخلّوا عن أدوارهم التنفيذية، حتى وإن تظاهروا بذلك، وهو – بطبعه – أليف، مستأنس، ومحدود الأفق.
ثم هناك حركات المرتزقة، وفسادها، وسرقاتها، التي لن ترضى بذهابها، وشلة المجانين من الكيزان من أمثال الناظر ترك، وشيبة ضرار، وبراؤون، وقبائل هَرج ومَرج.
في مثل هذا المناخ، لن يستطيع الرجل حتى أن يتنفّس، دعك من أن يُوفّر “العيش الكريم” للشعب السوداني.
والعيش الكريم، يا كميل، لا يُصنَع في مكاتب الجنرالات، بل تُمهَّد له بوقف الحرب، ولغاية الأسف، أنت دمية منتفخة بالفراغ، لن تُحقّق عيشًا كريمًا، ولن تُوقف موتًا.
*السيد كميل، لقد انحدرنا إلى دركٍ سحيق من العبث… وأنت أحد مزالقه المبتذلة، جدًا.*
يعطيك العافية اخى منعم سليمان، فعلآ هذا الكميل لابقدم ولا بآخر، يا أخى زول صاحبه الاعيسر والكوز الافاك عثمان ميرغني معقول يرجى منهم خير.
عثمان
مقال يوصف وفى ابداع ادبى بديع واقع مسرح المهرجين فى حكومة الكيزان . برافو مقال رائع يدرس .
شوفوا لينا (ليلى عبد اللطيف) نعرف منها كم من الزمن سيمكث (كيمو الجاهز) فى السلطه ؟.
خبثاء المدينه يقولون بقائه فى السلطه (المنحه التى ستنقلب الى محنه) لن يأخذ وقتا طويلا إذا لم يغادرها بالتى هى أحسن الموت الزؤام فى إنتظاره والكيزان لهم طرائقهم فى شغل الناس والقتل بالنسبه لهم أسهل وأفضل الطرق لرمى بلاويهم على الآخرين وسوف يلجاؤن لذلك حتى لا يحرجوا الرجل وتشمت فيه ( أبله ظاظا).
استاذ/ منعم، انعم الله عليك بالصحة والعافية، أوجزت فأصبت فاحسنت وابدعت
بئس الثقافة اذا كان يمثلها مثل هذا المسخ العنصري المشوه المستعرب المستلب المصفق للحرب والخراب ماسح جوخ الكوز الفاجر المغتصب واللاعق لبوت العسكر والكيزان، فبئس الثقافة وبئس المثقف، المثقف المقصود هنا ع ع ابراهيم وليس الدمية رغم التطابق التام بينهما، الذي يدعم الحرب ويدعو للموت والدمار بدل ابتكار الحلول المبنية علي تعظيم حق الحياة والسلام والتعايش المشترك ونبذ الحرب والعنف والخراب، ورحم الله الثائر الوطني الحكيم الشهيد د. جون قرنق، لتاكيده ان لا شئ يوحدنا غير “السودانيوية” أي ان نكون سودانيين وكفي، فهنيئا للكيزان بهذا الكوز المتحور، وصدق من قال ان اسوء الكيزان هو الشيوعي المتحورالي كوزخاصة في ارزل عمره.. وصدق من قال ” وإن سفاه الشيخ لاحلم بعده***وإن الفتى بعد السفاهة حلم