أخبار السودان

خروج قوات الحركات من المدن.. ملف شائك يراوح مكانه!

سليمان صندل: لا توجد حركات رافضة والحكومة التزمت بتوفير الدعم

خبير: ثلاثة إشكالات ظلت ملازمة لملف الترتيبات الأمنية

الصوارمي: بعض الجماعات ترفض باعتبار الخرطوم منطقة الأحداث

الخرطوم: فاطمة مبارك

ظل ملف الترتيبات الأمنية المرتبط بتقنين وضعية قوات حركات  الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في 3 أكتوبر 2020م ومناطق وجودها يواجه تحديات للسلطة القائمة منذ توقيع اتفاقية السلام بحسب المختصين في الشأن العسكري، وواقع الحال يشير الى  أن قضية هذه القوات أصبحت في تفاقم مستمر على ضوء هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية التي يشهدها السودان منذ 25 أكتوبر  2021م وخاصة العاصمة الخرطوم وبعض مدن دارفور مثل مدينة الفاشر التي تعرض فيها مقر اليوناميد لهجوم خلال الأيام الماضيات وانفلاتات عسكرية، ووجهت فيها أصابع الاتهامات لبعض قوات الحركات، وفي خضم هذه الأوضاع أعلن رئيس مجلس السيادة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان الاتفاق على اتخاذ قرار بإخلاء الخرطوم والمدن الكبرى في دارفور من قوات حركات الكفاح المسلح، وجاء هذا الإعلان عقب الاجتماع المشترك الذي عقد في مدينة الفاشر وناقش الأوضاع الأمنية بالبلاد.

وتبع ذلك الإعلان عن بدء تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الذي تتمسك به حركات الكفاح المسلح وتنتقد تأخره.

وبدوره وأوضح قائد القوات البرية الفريق ركن عصام محمد حسن كرار في لقائه بقناة الهلال أن السلطات اتخذت قرارات بإخراج قوات حركات الكفاح المسلح من المدن إلى مناطق تجمعها لإكمال الترتيبات الأمنية واستيعابها في القوات النظامية لتعود كقوات نظامية وفق زي عسكري وعلامات ورتب موحدة حسب ما نصت عليه اتفاقية جوبا، ونوه إلى أن إجراءات الترتيبات الأمنية تسير بصورة جيدة

وذكر أن آخر يوم لوجود هذه القوات في المدن هو التاسع من فبراير 2022م، وأقرّ بوجود تأخير في تصديق التمويل من الحكومة التنفيذية السابقة أدى لتأخير التمويل، كاشفاً عن اكتمال التصديق وبدء الإجراءات والترتيبات.

رغم حديث العسكريون عن حل إشكالات التمويل لكن يرى المختصون أن إكمال الترتيبات الأمنية التي ستحسم قضية وجود قوات حركات الكفاح المسلح، ما زال يواجه عقبات تتمثل في مسألة التجنيد العشوائي وعدم وجود إحصاءات رسمية أو تقديرية لعدد قوات الحركات المسلحة بالعاصمة الخرطوم، والمدن الأخرى التي توجد فيها، في ولايات البلاد الـ18 كما يعتبر إيجاد التمويل اللازم لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية من أكبر العقبات، وطالبوا بحل هذه المشاكل قبل أن تطالب الحكومة، الحركات بإخلاء قواتها من العاصمة والمدن، ووفقاً لمراقبين تحدثوا لـ(ليوم التالي) أن تكلفة عملية الترتيبات قد تصل 4 مليار دولار، وتجئ هذه التقديرات في وقت تعاني فيه خزينة الحكومة من مشاكل اقتصادية، إضافة إلى توقف الدعم الخارجي نتيجة للتعقيدات السياسية التي تشهدها البلاد منذ 25 أكتوبر.

هذه الإشكالات قد تقف حجر عثرة أمام خروج قوات الحركات من الخرطوم والمدن التي ظلت تربط أي قرار تجاهها، بالتزامات الحكومة بتنفيذ بند الترتيبات.

سليمان صندل: لا توجد حركات رافضة والحكومة التزمت بتوفير الدعم اللوجستي

لكن الرئيس المناوب للجنة العسكرية العليا المشتركة للترتيبات الأمنية فريق د. سليمان صندل أكد في لقاء عقد بوكالة السودان للأبناء “سونا” قال إن كافة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا التزمت بمغادرة المدن إلى مناطق التجمع المحددة ولا توجد حركات رافضة ومن جانبها التزمت الحكومة بتوفير الدعم اللوجستي، وأشار صندل إلى أن الحكومة خصصت مبلغاً في ميزانية العام 2022م لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية دون أن يخوض في تفاصيل هذا المبلغ، لكن رغم جزم صندل بموافقة الحركات المعنية بإخلاء حركاتها من المدن، الا أن مصدراً موثوقاً بالحركة الشعبية شمال قال لـ(ليوم التالي) إن حركته ليست لها قوات في العاصمة غير قوات حراسة قياداتها التي جاءت وفقاً لاتفاق سلام جوبا.

 

حركة تحرير السودان:  ليس لدينا وجود لقوات في المدن

ومن جانبه أوضح مسؤول الإعلام بحركة تحرير السودان نور الدائم طه لـ(ليوم التالي) عدم وجود قوات لحركتهم في العاصمة والمدن وقال: ما يقال في هذا الشأن كلام استهلاكي ليس له معنى، موضحاً أن قواتهم توجد في مناطق ارتكازاتها بدارفور.

المغالطات التي برزت من خلال التصريحات والإفادات بين الجهات المسؤولة وبعض ممثلي الحركات حول وجود وعدم وجود قوات الحركات الموقعة على سلام جوبا في العاصمة الخرطوم وبعض المدن يشير الى وجود خلافات حول هذا الملف الشائك والمتعلق بمصير تنفيذ اتفاقية السلام، كما أن انتهاء الموعد المحدد لخروج هذه القوات دون أن يكون هناك، إشارة لما تم التوصل اليه من الطرفين يعزز من التوقعات بوجود إشكالات في هذا الملف.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تبدي فيها السلطات مخاوفها بشأن وجود قوات حركات الكفاح المسلح في الخرطوم نتيجة لوقوع اشتباكات أو وجودهم في بعض الأماكن غير المخصصة لهم وتصدر قراراً بشأنهم، ففي مطلع سبتمبر الماضي من عام 2021م حدثت اشتباكات بضاحية سوبا جنوب الخرطوم بين قوات حكومية وقوات تتبع لإحدى حركات الكفاح المسلح، كما شهد شهر مارس من نفس العام اشتباكاً بين مجموعتين من حركة الجبهة الثورية الثالثة تمازج في حي بري، كذلك سبق أن استقرت قوات حركة تحرير السودان بقيادة مناوي بمباني اللجنة الأولمبية قبل أن تخليها بعد صدور قرار من السلطات وترحيلها الى معسكر السليت. وهذه المرة قد يكون قرار إخراجها من المدن والخرطوم متعلقاً بالظروف الأمنية  نتيجة للتظاهرات التي تنتظم العاصمة قرابة الأربعة أشهر وتجدد القتال في مناطق النزاعات بدارفور.

 

الصوارمي: بعض الجماعات ترفض باعتبار الخرطوم منطقة الأحداث

من ناحيته أكد الناطق الرسمي الأسبق للجيش عقيد الصوارمي خالد سعد في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، اذا تم سيكون بمثابة الحل الشامل لمعضلة وجود قوات الحركات، لأنه ينظم  دخولهم وخروجهم وأماكن تجمعهم والرتب الممنوحة لهم من خلال الدمج والاستيعاب والتسريح، وفضل الصوارمي إخراجهم الى مناطقهم معتبراً أن هذا أفضل خيارات الحلول، لكن استدرك أن بعض الجماعات ترفض ذلك باعتبار أن الخرطوم منطقة لها تأثير على مجريات الأحداث وهذه واحدة من المشاكل التي تواجه متخذي القرار، مضيفاً أن وجودهم في معسكرات خارج العاصمة قد يمثل مهدداً أمنياً، وتوقع حال موافقتهم على الخروج من المدن تصبح الكرة في ملعب الحكومة التي يجب أن توفر التمويل، ولم يستبعد الصوارمي أن تكون للحركات شروط في التمويل تتعلق بمقداره وطريقة توزيعه إذا لم يكن هناك اتفاق على تفاصيله، وأبدى مخاوف من عملية التجنيد التي أصبحت تثار في الساحة وقيل إن بعض الحركات قامت بها بعد توقيع اتفاق جوبا لزيادة إعدادها، ولفت إلى قدم هذه الظاهرة  التي تسبق دائماً أي ترتيبات لزيادة العدد، وخشي الصوارمي من أن تكون الاتفاقية تجاهلت النص على حجم القوات وإعدادها ورقياً.

 

خبير: هناك ثلاثة إشكالات ظلت ملازمة لهذا الملف

بدوره أكد الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي لواء مهندس ركن د. أمين إسماعيل أن ملف الترتيبات الأمنية الذي تمخض عن اتفاقية جوبا، كان ملفاً شائكاً حتى أثناء المفاوضات، وقال: هناك ثلاثة إشكالات ظلت ملازمة لهذا الملف، الأولى تحديد إعداد القوات التابعة للحركات المسلحة، وقد أدى عدم تحديد الأعداد إلى ما يعرف بالتحنيد العشوائي الداخلي، الإشكالية الثانية تمثلت في عدم تحديد مواقع التجميع، ورد في الاتفاق أن المواقع تكون على بعد 50 كيلو من الحدود وخارج المدن الرئيسية، وأشار إلى أن عدم التقيُّد بذلك الشرط أدى إلى إشكالية وصول القوات الى العاصمة والمدن الرئيسية في دارفور، الإشكالية الثالثة تمثلت في عدم وجود التمويل الكافي الذي قال أمين إنه سيصل إلى (4) مليار دولار لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، ولفت أمين إلى إشكالات أخرى تعلقت بالمرتبات والدعم المالي، وعدم وصول بعض الدعومات للأفراد التي أدت لتذمرهُم ومسألة تقسيم الرتب وبعض نواحٍ فنية.

ونبه الخبير الاستراتيجي لوجود ملف فرعي آخر يتمثل في هل الدمج لكل الحركات الموجودة وكل الجيوش تكون في القوات المسلحة أم هناك استثناء، مبيناً أن اتفاق جوبا نص على دمج الحركات في القوات المسلحة، الدعم السريع، الشرطة، جهاز المخابرات العامة، لكن عندما أتت الحركات هنا أصبح هناك حديثًا عن أنها لن تندمج ما لم يندمج الدعم السريع، وهذا الخلاف تم حسمه بتصريحات رسمية من قائد قوات الدعم السريع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان بأن الدعم السريع يتبع للقوات المسلحة، فتبقت بحسب أمين مسألة الأعداد الخيالية التي رفعت والتمويل، وقال إن نائب رئيس اللجنة العسكرية العليا للترتيبات تحدث عن أن السلام مسؤولية كل العالم، لكن أمين شدد على ضرورة النظر، للقضية في إطار داخلي قابل لتقديم تنازلات لإنجاز هذا الملف الذي يؤثر على السلام في السودان.

ونظر إسماعيل الى قرار إخلاء المدن من حركات الكفاح المسلح في سياق البدء في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الذي تأخر أكثر من عام  كما قال: وكانت هناك إشكالات من هذه القوات وضغط كبير على القيادة السياسية والعسكرية لبدء بند الترتيبات الأمنية، وصدرت التوجيهات وانتقلت اللجنة العليا للترتيبات الأمنية برئاسة القائد العام رئيس مجلس السيادة فريق ركن عبد الفتاح البرهان وتم عقد اجتماع مع كل الحركات لكن الاستجابة كانت ضعيفة.

 

وأشار أمين في إفاداته لـ(ليوم التالي) إلى أن ترتيبات تمت لقوات مالك عقار جنوب النيل الأزرق، لكنه قال أمرها مختلف لأنها قوات صغيرة ومسيطر عليها، الا أن هناك حركات لم يتم تضمينها حتى الآن مثل قوات تمازج التي أعلنت في بيانات رسمية احتجاجها.

 

كيف يقرأ تأخير وعدم الاستجابة للترتيبات:

أمين أشار في حديثه الى أن هناك جزيئات خاصة بحركات لم توقع على اتفاق جوبا لم يتم تضمينها في الاتفاقية والآن هي الأعلى صوتاً، وهناك حركات مسلحة داخل الجبهة الثورية أتت بأعداد مهولة وبالتالي لم تتم الاستجابة من ناحية الشروط ومناطق التجميع التي تم تحديدها بالفاشر تحديداً في منطقة جديد السيل، وعدم الاستجابة جعلتهم يحتجون على إرجاع بعض الأفراد، هناك معلومات عن أفراد كانوا يعملون في مهن أخرى، وبالتالي عدم وجودهم في الحركة لفترة طويلة واحدة من الإشكالات.

=-=-=

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..