مقالات وآراء سياسية

الصراع المحتدم بين كباشي والحركات المسلحة يعطل الحكومة الانتقالية

📝 أواب عزام البوشي

 

يشهد المشهد السياسي السوداني تعقيداً متزايداً مع استمرار تأخير إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية، وسط صراع محتدم بين المكون العسكري، بقيادة شخصيات بارزة مثل الفريق أول شمس الدين كباشي، وبين الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام. تعود جذور الأزمة إلى تباين الرؤى حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية وتقاسم السلطة بين المكوّنات السياسية والعسكرية والحركات المسلحة، ففي الوقت الذي يرى فيه الجيش ضرورة تشكيل حكومة كفاءات محدودة لتجاوز الأزمة الاقتصادية والأمنية، تصرّ الحركات المسلحة على الحصول على نصيب وافر من الحقائب الوزارية، خاصة تلك التي تتمتع بثقل سيادي أو اقتصادي مثل وزارات المالية والطاقة والخارجية.

ويأتي هذا الصراع السياسي في وقت يعيش فيه السودان أوضاعاً مأساوية بسبب استمرار الحرب التي اندلعت منذ أبريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت آلاف القتلى والمصابين وملايين النازحين داخل وخارج البلاد. لقد أضعفت الحرب مؤسسات الدولة وأرهقت الاقتصاد ودَفعت المجتمع السوداني إلى حافة الانهيار الإنساني، ما يجعل أي تأخير في تشكيل الحكومة عبئاً إضافياً على كاهل شعب يعيش أصلاً أوضاعاً غاية في السوء. وبرغم الضغوط المحلية والدولية لتشكيل حكومة جديدة، يرى كثير من المراقبين أن تكوين الحكومة، حتى لو تم قريباً، لن يكون له أثر إيجابي كبير في ظل استمرار الحرب وغياب الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد. فالحرب ما تزال مستمرة بلا أفق واضح للحسم، والمؤسسات التنفيذية تواجه شللاً تاماً، بينما تظل هناك كتل سياسية مؤثرة، مثل كتلة صمود، خارج العملية السياسية حتى الآن، وهو ما يخلق فراغاً سياسياً خطيراً ويهدد أي حكومة جديدة بالعجز قبل أن تبدأ عملها.

وفي خضم هذا المشهد، صرّح مستشار مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان، قائلاً: “نؤكد أن تأخير إعلان الحكومة الانتقالية سببه تمسك بعض الأطراف العسكرية والمدنية بتقاسم السلطة وفق معايير لا تعبر عن استحقاقات اتفاق جوبا للسلام ولا عن التضحيات التي قدمتها الحركات المسلحة من أجل إنهاء الحرب وإحلال السلام. الحركات المسلحة تطالب بحقها المشروع في المشاركة العادلة في مؤسسات الدولة، خاصة في الحقائب الوزارية ذات الطابع السيادي والخدمي، حتى تكون جزءاً من صناعة القرار الوطني ولا تظل مجرد ديكور سياسي. نرفض أي محاولات لتهميش اتفاق جوبا أو الالتفاف عليه، ونحذر من أن استمرار هذا التأخير سيزيد من حالة الاحتقان السياسي والأمني في البلاد.

في المقابل، يرفض الفريق كباشي ومن خلفه المؤسسة العسكرية ما يعتبرونه “تغوّلاً سياسياً” من الحركات المسلحة على الحكومة الانتقالية، ويؤكدون أن المرحلة تتطلب حكومة ذات مهام محددة وأولويات واضحة، بعيداً عن المحاصصات السياسية، حتى تتمكن من معالجة الأزمة الاقتصادية، وإعادة الأمن، وترتيب ملف الانتخابات المرتقبة. وقد أدى هذا الشد والجذب إلى تأخر إعلان الحكومة لشهور، ما عمّق حالة الفراغ التنفيذي في الدولة وفاقم الأوضاع المعيشية وأضعف الثقة الشعبية في العملية السياسية برمتها، كما أتاح هذا التأخير المجال لقوى أخرى لتأجيج الصراعات، سواء على الصعيد السياسي أو في الميدان العسكري، خصوصاً في إقليم دارفور وبعض مناطق النيل الأزرق وكردفان.

يرى محللون أن المخرج الوحيد للأزمة هو العودة إلى طاولة الحوار بين جميع الأطراف والالتزام الصارم باتفاق جوبا كمرجعية أساسية، مع ضرورة تقديم تنازلات متبادلة لإخراج السودان من حالة الانسداد السياسي والاقتصادي. وحتى ذلك الحين، سيظل الصراع بين قيادات الجيش والحركات المسلحة، واستمرار الحرب، وغياب قوى سياسية مهمة مثل كتلة صمود عن المشهد، أبرز العوائق أمام ميلاد حكومة قادرة على قيادة السودان نحو بر الأمان، في بلد أثقلته الحرب وأرهقته الأزمات المتلاحقة.

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. عفيت منكم يا الكيزان ولعت النيران مع المغفلين قادة الجيش و برخانهم خلوا البلد سلطة و الشعب درشوا ليك حروب و صراع و شد و جذب و قتلوا و شردوا و انتهكوا . انقلاب البرخان فتح أبواب كل الشرور و البشيل ليه قربة مقدودة تخر على ضهرو. مكملين لخ عجينكم و قدام بس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..