من نوادر المعلمين

٭ حكى الجاحظ فقال: ألفت كتاباً عن نوادر المعلمين وما يقع لهم ثم رجعت عن ذلك وعزمت على تقطيع الكتاب فدخلت يوماً مدينة فوجدت فيها معلماً في هيئة حسنة فسلمت عليه فرد على أحسن رد ورحب فجلست عنده وباحثته في القرآن فاذا هو ماهر فيه ثم باحثته في الفقه والنحو وعلم المعقول وأشعار العرب فاذا هو كامل الآداب، فقلت هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب، وكنت اختلف اليه وازوره فجئت يوماً لزيارته فاذا بالكتاب مغلق ولم اجده فسألت عنه فقيل مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء فذهبت إلى بيته وطرقت الباب فخرجت إلى جارية وقالت ما تريد؟ قلت (سيدك) فدخلت وخرجت وقالت (باسم الله) فدخلت اليه فاذا به جالس فقلت له عظم الله أجرك كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر، ثم قلت له هذا الذي توفى ولدك؟ قال لا، فقلت فاخوك؟ ، قال لا، قلت فزوجك؟ قال لا ، قلت ومن هو منك؟ قال حبيبتي، قلت سبحان الله النساء كثير وستجد غيرها، فقال اتظن اني رأيتها؟ قلت هذه منحة ثانية، ثم قلت وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: كنت جالساً في هذا المكان فرأيت رجلاً عليه يرد وهو يقول:
يا أم عمر جزاك الله مكرمة
ردي علي فؤادي أينما كانا
٭ فقلت في نفسي لولا ان ام عمرو هذه مافي الدنيا أحسن منها ما قيل فيها هذا الشعر فعشقتها فلما كان منذ يومين مر ذلك الرجل بعينه وهو يقول:
لقد ذهب الحمار بام عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
فعملت انها ماتت فحزنت عليها واغلقت المكتب وجلست في الدار، فقلت.. يا هذا اني كنت الفت كتاباً في نوادركم معشر المعلمين وكنت حين صاحبتك عزمت على تقطيعه والآن قويت عزمي على إبقائه وأول ما أبدأ بك إن شاء الله.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..