مقالات سياسية

(مافي مليشيا بتحكم دولة)

عبدالباسط الحاج/المحامي

من نافلة القول التذكير بأن كل الدول الأفريقية عانت من مشاكل سياسية داخلية متشابه الي حد بعيد و هي متمثل في تدخل الجيش في السياسة و السيطرة علي السلطة باعتبارها وقتئذ كانت أكثر المؤسسات جاهزية ، وهذا ما يجعلنا نؤكد علي خطورة تجاهل دور المؤسسة العسكرية في المسار السياسي في السودان و بالأهم التحول الديمقراطي و لكن التساؤل هنا سيكون عن حجم الدور السياسي الذي يجب أن تقوم به المؤسسة العسكرية وفق سياق الانتقال و وفقا للدستور .

هذه المؤسسة الراسخة هي معوق رئيسي لإكمال الإنتقال السياسي و الديمقراطي إذا تتبعنا مسيرتها التاريخية فإنها تشكلت كقوة لإسناد المستعمر و بعد الاستقلال تحولت الي سلطة حاكمة و آلة قمعية لبطش الأحزاب السياسية ثم تحولت هذه للمؤسسة لواجهة سياسية للاحزاب نفسها ، فأصبح جيش نُخب يحافظ علي سلطة النخب ، لاحقاً تحول هذا الجيش إلي بطانة يحمي سلطة “الفرد” القائد العام و أكبر دليل علي ذلك هو أن البرهان أستخدم هذا الجيش و نفذ به إنقلابه علي الفترة الانتقالية ليلبي رغباته و رغبة و حلم والده الذي تنبأ له بذلك .

وضع السودان الحالي يحتم علينا مواجهة حقيقة واحدة راسخة أمامنا الآن وهو أن “مافي مليشيا بتحكم دولة” لا يمكننا تصور نظام إنتقالي دون العبور بنقطة أساسية و هي أن قوات الدعم السريع هي مليشيا مسلحة “شبه عسكرية” حتي وان حاولو إيهام الشارع بأنها تأتمر بإمرة القائد العام فإن الدعم السريع لازال يتمتع بإدارة مستقلة، و قيادة مستقلة لأسرة “دقلو ” و ميزانية مستقلة و إستثمارات منفصلة ، تدُر لهم الملايين من الدولارات ، لصالح شخص حميدتي و إخوانه .

قبل أن ندفع بشعار “ثكناتك أولي ” المهم يجب أن يكون المطلب الرئيسي هو حل المليشيات المسلحة و تكوين جيش قومي موحد يلتزم بحماية الدستور و النظام و الحفاظ علي أمن و وحدة البلاد و أن يلعب دوراً إيجابياً نحو تحقيق الديمقراطية. إخراج العسكريين من العمل السياسي دون إصلاح المنظومة العسكرية الرسمية للدولة و معالجة مسألة تعدد الجيوش لن يقودنا إلا نحو إنتظار إنقلاب آخر كل مرة .

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..