تمديد إعلان حالة الطوارئ.. كابوسٌ منتظرٌ

الداخلية: “تمديد الطوارئ للاستمرار في مُحاربة الإتجار بالبشر”
سَخطٌ وحالةٌ من الرفض وسط نُوّاب برلمانيين، بسبب إيداع مَرسومين رئاسيين متعلقين بتمديد إعلان حالة الطوارئ لستة أشهر أخرى بولايتي شمال كردفان وكسلا أمس الاثنين، وانقسم الأعضاء بين مُؤيِّدٍ ورافضٍ أمر التمديد، بما في ذلك نُوّابٌ من المُؤتمر الوطني، الذين تهامسوا بالرفض مع بعضهم البعض، إلا أنّهم امتنعوا من إعلان ذلك، وآخرون يرون أن التّمديد يُساهم في تعطيل الحُريات السياسية بالولايتين، خَاصّةً أنّ القُوى السِّياسيَّة بدأت تَستعد لخَوض انتخابات 2020م، مُبرِّرين بوجود مُخالفات وتَجاوزات من قِبل سُلطات كسلا وشمال كردفان في حق المُواطنين وتُجّار وغيرهم.
الخرطوم: علي فارساب
تشكيل لجنة
شكّلت الهيئة التشريعية القومية في جلستها الطارئة الأولى أمس الاثنين، لجنة لدراسة المرسومين الجمهوريين حول الطوارئ، اللذين تم إيداعهما منضدة البرلمان عن طريق وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشيد آدم هارون، وقد تم تكوين لجنة طارئة لدراسة المرسومين برئاسة نائب رئيس المَجلس الوطني بدرية سليمان، ويوسف هباني نائباً لها، وعضوية آخرين لرفع تقريرها النهائي غداً الأربعاء.
مُبرِّرات القصر
ودفع الوزير هارون خلال حديثه أمام نُوّاب المجلس الوطني بمُبرِّرات القصر حول هذا الملف الشائك، وقال: رغم هذه الجهود إلا أنّ دواعي تمديد حالة الطوارئ في الولايتين ما زالت قائمة خاصة في ظل تطور وسائل التهريب الذي اثّر على الاقتصاد الوطني وانتشار جرائم الإتجار بالبشر والمخدرات وتجارة السلاح.
همس نُوّاب الوطني
وخرج نُوّاب البرلمان من قاعة القُبّة بعد انتهاء الجلسة، وفي حالة سخطٍ وتذمرٍ كبيرين، مُعلنين مُعارضتهم للمرسومين، بما في ذلك بعض نواب الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني)، الذين تهامسوا مع بعضهم البعض رافضين تمديد الطوارئ، إلا انهم رفضوا توضيح هذا الرأي للصحفيين، ولكنهم وعدوا بقطع الطريق أمام تمديد الطوارئ حال عرضها غداً الأربعاء داخل القبة.
لا دواعٍ للطوارئ!!
بالمقابل، وقف نُوّاب آخرون يتبعون لأحزاب مختلفة مع عدم تمرير الطوارئ مجدداً، حيث فند البرلماني حسن دكين ? الذي يمثل منبر الشرق الديمقراطي – للصحفيين، مسببات تمديد إعلان الطوارئ، وقال إن ولاية كسلا على طول الشريط الحدودي تُعد أضعف منطقة يمكن أن يحدث فيها تهريب مخدرات، وشدد على وجود قانون رادع يختص بالإتجار بالبشر، وأوضح أنه كافٍ، وقطع بعدم وجود أيِّ تَقدُّم مُنذ إعلان الطوارئ قبل ستة أشهر في عَملية جَمع ونزع السِّلاح بالولاية، وجزم بوجود قُوّات لحرس الحدود داخل الولاية لم تُدمج مع القوات النظامية ولم يُنزع سلاحها، وكشف دكين عن وجود تجاوزات من القوات المُشتركة طوال الفترة الفائنة بحدوث تفتيش حتى للمواد التموينية للأسر، إضافةً لأخذ أذونات من الحكومة للتحرك، وعدّ ذلك بمثابة إشكال كبير، وأشار إلى استخدام حكومة الولاية إعلان الطوارئ بصورة سيئة خاصة في مسألة المحاكمة العادلة، وقال: هي الآن تُجرم وتُحاكم وتودع الناس في السجون.
انعدام حيثيات!!
وفي غضون ذلك، جرت انتقادات لاذعة في مُواجهة المرسومين الجمهوريين من قِبل بعض النواب، لجهة أنّ الحيثيات والمُبرِّرات لفرض حالة الطوارئ بالولايتين – كما جاءت في المرسومين – غير كافية، وقال البرلماني القيادي بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، إن المرسومين ليست لديهما حيثيات، ونَبّه إلى أنّ الحكومة لم تتّعظ من الأخطاء في الممارسة المُتعلِّقة بالتمديد في الأشهر الستة الماضية، ولفت إلى أنّهما لم يقدِّما حيثيات تحتم تجديد حالة الطوارئ.
إجراءات قمعية!!
وأوضح عمر في تصريح صحفي محدود، أن الطوارئ من منطلق دستوري متعلقة بحالة الحرب او الخطر الداهم، إلا أن الحكومة تريد من خلال إعلان تمديد الطوارئ كبت المُواطنين، وخَاصّةً نحن مُقبلون على إجازة قانون الانتخابات وصياغة الدستور، وفي حالة تمرير المرسومين “نكون قد كَمّمنَا جميع الحُريات وبالتالي تَمّ إخراج الولايتين من زخم الحُريات الدستورية”، وأعلن القيادي بالشعبي، استعدادهم لمقاومة المرسومين لجهة انعدام مبررات للطوارئ لأن السلطة تحاول مُحاصرة شعب الولايتين بإجراءات وصفها بـ(القمعية).
ضرورة الطوارئ
وبالرغم من همس بعض نواب المؤتمر الوطني بمعارضة المرسومين، إلا أن هناك آخرين من ممثلي الحزب بالبرلمان يرون بضرورة تمديد الطوارئ ويدافعون عنه، حَيث طَالَبَ البَرلماني نَائب الدّائرة (6) شمال كردفان فتح الرحمن عباس خلال حديثه للصحفيين أمس بضرورة تمديد الطَوارئ نظراً لأن شمال كردفان تُعد منطقة عبور لتجارة السِّلاح والمُخدّرات والنازحين والفارين من مناطق الحروب بجنوب كردفان ودارفور، ونبه إلى ان عملية اعلان الطوارئ في الأشهر الستة الماضية نجحت في جعل الولاية أكثر أمناً، لتمكُّنها من ضبط حركة تجارة السلاح والمخدّرات التي تجد أسواقاً رائجة بشمال كردفان، وأضاف: “مُحتاجين ان يمدد لنا فترة الطوارئ لإكمال ما بدأناه في محاربة المخدرات والسلاح”، وتابع: “الفترة الماضية انعدمت التفلتات الأمنية تماماً، واستطعنا ان نحصر النازحين ونلبي احتياجاتهم من خدمات”.
وللداخلية حَديثٌ!!
تمكّنت وزارة الداخلية من حضور الجلسة الطارئة عبر ممثلها وزير الدولة بابكر دقنة، الذي قال في تصريحات محدودة، إن ولاية كسلا كانت تُعاني بصورة كبيرة من ظاهرة تهريب البشر، إلا أنّ إعلان الطوارئ في الأشهر الستة الماضية سَاعَدَ في مُكافحتها، لذلك نُطالب من البرلمان أن يقوم بتمديد الطوارئ لستة أشهر اخرى لحسم جرائم الإتجار بالبشر وغيرها من المُهدِّدات.
موقف حذر!!
ويقف رئيس حزب منبر السلام العادل، رئيس لجنة الإعلام وتكنولوجيا المعلومات بالبرلمان الطيب مصطفى، بجانب المجموعة التي تُطالب بتمديد إعلان حالة الطوارئ مجدداً بولايتي شمال كردفان وكسلا، وقال: “لا نستطيع الوقوف في مواجهة تحقيق الأمن والاستقرار وجمع السلاح، لذلك إعلان الطوارئ لا بأس به”، غير أنّ البرلماني تخوف من تأثير الطوارئ على الحُريات السياسية وخَاصّةّ أننا مقبلون على انتخابات 2020 وفي الأخير اشترط اعلان الطوارئ، وقال: “نوافق مع تمديد الطوارئ ولكن بتحفظ أن لا يُؤثِّر على الحُريات السياسية للأحزاب”.
التيار