مقالات سياسية

زول نشم..

قادني شوقي في زيارة إلى سلطنة عمان الحبيبه.فقد كنت  قضيت بها إثنان وأربعين عاماً بالتمام.كانت أجمل سنيِّ عمري.

دعاني إخوة كرام إلى النادي الاجتماعي الثقافي السوداني لجلسة خميسية راتبه.يغلب عليها اجترار الذكريات..والحديث عن ما يجري في الوطن الجريح.عند تلك المحطة يهيمن الحزن على المجلس..ويعم الوجوم على الحضور..

كما بدا لي في محاولة لإشاعة شيء من سعادة ، إنبرى أحد الإخوة يتكلم عن إنجازات سفارتنا في مسقط..عم الحماس بين الحضور في توافق تام على أن ما تقوم به السفارة في خدمة الجالية منذ أن حل بها سعادة السفير الشاب السيد (صلاح الدين الحاج الكندو) هو جهد لم يعتادوه من قبل.راحوا يعددون خدمات الرجل لأهله أعضاء الجالية ويكيلون الشكر والدعاء له في ظهر الغيب.

ذلك أمر كان جديداً عليَّ وكان مدهشاً.

فطيلة وجودي السابق في مسقط.والذي امتد لما يقارب نصف قرن من السنين.لم أعرف عند ذكر السفارة مثل ذلك الإجماع الكامل على المدح والشكر والعرفان بالجميل.

تأثرت غاية التأثر بما دار من حديث..أسررت في خاطري أن الرجلَ رجلٌ إستثنائي..قررت أن أسعد بالجلوس إليه .وأتعرف على سعادته.وأتعرف عن قرب على تلك الجهود التى جعلته يمتلك عقول وقلوب تلك الفيئة المميزة المستنيرة، التي عبرت عن شكرها وحبها له في تلك الجلسة الخميسية وثلاث جلسات أعقبتها.

شغل صاحبنا منصب القنصل في سفارتنا بمسقط..في الفترة من عام 2000م وحتى 2004م..تحت قيادة سعادة السفير عبد الرحمن بخيت.الذي أحدث تحولا إيجابياً كبيراً في علاقة السفارة بالجاليه.ثم هاهو يرجع الينا سفيراً..ليكمل ما قام به سعادة عبد الرحمن من الصلات المتينة بين أفراد الجالية وسفارتهم.وحسب علمي فإن سعادة صلاح الدين الحاج الكندو هو أول دبلوماسي يعمل فترتين متعاقبتين

في ذات البلد مقر السفاره.ويبدو أن ذلك ساعده كثيراً في تكوين علاقات متينة بصناع القرار في مسقط . ..ومن ثم تطويعها لخدمة الجالية بالسلطنه.ولقد نجح الرجل في ذلك إلى حد بعيد.

طلبت من السيده سكرتيرة سعادته تحديد موعد لمقابلته ، والاستماع اليه حول تلك الانجازات التي جعلته قريباً جداً من قلوب أفراد الجاليه.

وفي الموعد المحدد دلفت إلى مبنى السفاره.أول ما لفت نظري إكتظاظ الصالة بالسودانيين من الجنسين ومن مختلف الأعمار.ثم لاحظت إنكباب موظفي السفارة على ما أمامهم من أوراق ومهام.تبدت لي السفارة  كخلية نحل !!

جلست في مكتب السكرتيرة.قالت أن سعادته خرج وفي يده أوراق لأحد المكاتب.قالت هو لا يجلس على كرسيه كثيراً..وكثيراً ما يتابع بنفسه تخليص المهام مع الموظف المختص…

حضر سعادته بعد بعض الوقت..يحمل أوراقاً في يده.بعد التحية التفت إلى بعض المنتظرين يسألهم عن خدمات يبدو أنهم طلبوها من قبل…(أها موضوعك خلص؟)…….

دخلت معه مكتبه.

قلت هذا الزحام..والنشاط والحركة ما عهدته طوال إثنين وأربعين عاما مكثتها بمسقط…راح سعادته يحدثني…وسأحاول أن أوجز ما قاله..وإلا فإنني سأملأ صفحات عديده.

الظرف الاستثنائي الذي يعيشه السودان الآن من إفرازاته تعثر المسافرين إلى المملكة العربية السعوديه من حاملي عقود العمل..أو الإلتحاق بالعائلة أو الذين ينوون زيارة المملكه.

وأول عقبة في وجه أولئك المواطنين هي مسألة الدخول بتأشيرة إلى سلطنة عمان.وقبل أن يقوم سعادة السفير بتنظيم الإجراءات وضبطها.ضاعت جهود وأموال طالبي التأشيرة .حيث أن بعض المكاتب الوسيطة كانت تستغلهم بتحصيل رسوم عالية جداً..بل إن بعضهم ضاعت مبالغهم سدىً بواسطة مكاتب وهمية..الأمر الذي حدى بسعادته أن يتواصل مع شرطة عمان السلطانية ومكاتب وسيطة تم اعتمادها لاستكمال استخراج تأشيرة الدخول.وهكذا توفرت الحماية الكاملة للمواطنين من أي استغلال وغش.

وبعد دخول المواطنين تقوم السفارة بالتنسيق مع مكاتب معتمدة من سفارة المملكة بالسلطنه لاكمال استصدار تأشيرات الدخول للملكة العربية السعوديه.وهي عملية طويلة ودقيقةومتشعبه.

لم يكتف سعادة صلاح الدين الحاج الكندو بهذا الجانب.بل نالت الجالية المقيمة بالسلطنة نذراً كبيراً من اهتمامه.فقد تواصل مع بعض المراكز الطبية بغرض تخفيض تكلفات العلاج..واستجابت بتخفيض 50% من التكلفه…وأثناء جلوسي  وردت إليه عدة مكالمات هاتفية.سمعت إحداها بوضوح تام .كان في الطرف الآخر سودانياً يطلب منه المساعدة في تكاليف غسيل الكلى لقريب له .وعده سعادة السفير خيراً.

ثم علمت أنه تواصل مع الجامعات هنا لتأمين المنح الدراسية للطلبة السودانيين ووجد طلبه استجابة كريمة منها.

بل أن شهامة الرجل وجهوده الشخصية إمتدت لبعض المساجين المفرج عنهم وبالطبع هم بالضرورة مبعدون ..إلا أنهم لا يملكون قيمة تذاكر سفرهم.قام سعادة السفير بالاتصال بشركة تاركو للطيران لتأمين إرجاعهم للسودان مجاناً.

ومسك ختام هذا الرجل ، أنه يسجل حضوراً تاماً في إجتماعيات الجالية..عند زيارة المرضى..ومشاركة الجالية في جميع أفراحها وأتراحها…

هنيئاً لوزارة الخارجية بواحد من كوادرها  يعكس وجهاً مشرقاً للوزارة…

وهنيئاً للجالية السودانية في مسقط بسفير…نشم..شهم..يذلل لها الصعاب ..في صبر مدهش..ودون ملل..أو كلل.وهنيئاً لك سعادة السفير صلاح الدين الحاج الكندو بنعمة الله عليك في مد يد العون..ومساعدة مواطنيك بتفانيٍ ونكران ذات.

وفقك الله وكثر من أمثالك..

‫2 تعليقات

  1. نعيش في السودان هذه الأيام خيرات فصل الشتاء البارد، يلطف علينا بعض الشيء سخونة “الحرب العبثيه” و قطوعات الكهرباء “المحريه” … و بالتالي لا نحتاج لمزيد من “كسير التلج”، و إلآ شنو؟.
    في الزمن السيء هذا، نحتاج فقط “لوطنيين شرفاء” و مناضلين اوفياء: كتاب و ادباء و شعراء و فنانين و غيرهم من المبدعين، كل في مجاله، دعما لشعار “لا للحرب”، و “نعم لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر الباسله، المتمثله في الحريه و السلام و العداله”.
    و كل من يقوم بأداء اعباء الوظيفه المناط بها، و المدفوعة الاجر (بالدولار او الجنيه السوداني) ، بتجرد و تفان وصدق، يكافأ على ذلك من خلال” قوانين الخدمه المدنيه” الساريه في البلاد، و ليس من خلال” وسائل الاعلام”. اي بدون ترويج و تسويق و تطبيل…فهذا امر غير مقبول في حالة حدوثه، ايا كان مصدره. و هو أيضا امر غير وارد إطلاقا، في اي دوله تحترم نفسها، إلآ في الدول ذات الانظمه السياسيه الإستبداديه الفاسده. في مثل هذه الدول “الفاسده/ألفاشله”، يكون الترويج و التطبيل و التمجيد للموظف العام، أو ما يطلق عليه الشعب السوداني تهكما، تعبير “كسير التلج”، يمثل هذا السلوك غير المقبول في حد ذاته، نوعا من انواع الفساد، أو مدعاة للتملق، أو رجاءا لفائدة/مردود ما من ورائه.
    لا للحرب..و نعم للحريه و السلام و العداله و الديمقراطيه.
    و الله من وراء القصد؛؛؛

    1. الأستاذ أو الأستاذه كاتب أو كاتبة التعقيب….السلام عليكم…..
      يبدو من الاسم الذي اخترته rebel..بما له من دلالة أنك ثائر على أي شيء تلقاه…من المؤسف أن الواحد كل ما كتب مدحاً لإنسان يستحق المدح.أصبح تكسير ثلج…تلك كلمة سوقية دميمه..
      أنت تقول أن المذكور يؤدي عمله ويأخذ أجراً عليه.كأنك لا علم لك بالفساد الذي أغرق الخدمة المدنية حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت… أليس حرياً أن نقول شكراً لمن يؤدي عمله كاملاً بأمانة.وبالمناسبه الجالية التي ألهمتني أن أكتب هذا المقال كانت تمتدح سعادة السفير…فهل جميعهم مكسرو ثلج؟
      قصدت من كتابتي عن الرجل أن أقول له شكراً نيابة عن الجالية السودانية في سلطنة عمان.وذلك شكر يستحقه.هذا زمان أنت تعلمه..من يؤدي فيه عمله بأمانة يستحق الشكر…لأنه زمان فيه الفساد هو الأصل والأمانة استثناء تحتم الوقوف عندها…..ويا أيها الثوري أسألك…لو أن أحدا أفسح لك في مجلس لتجلس..أليس ذلك واجب عليه (افسحوا في المجالس)…أتلام إن قلت له (شكراً)….أذلك (تكسير ثلج)؟!
      مالك كيف تحكم ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..