مقالات سياسية
حدث في مثل هذا اليوم

أعتبر نفسي أنتمي إلى جيل محظوظ، قد شهد هذه النهضة الكبيرة في التكنلوجيا وكنا حضورا عندما تحول العالم إلى قرية صغيرة بفضل العولمة،
أهنئ مارك على هذه الفكرة العبقرية للتوثيق عبر الفيسبوك، واستعادة الأحداث في نفس التاريخ، وصراحة من خلال تجربتي الشخصية، أكثر ما شد انتباهي هي التغيرات التي تطرأ على الإنسان بمرور الوقت، ابتداء من الشكل والمظهر بالتأكيد، ومن اللطيف أن تطالع صورك القديمة وتبتسم تارة للتغيرات التي طرأت على شكلك، وتعبس تارة وأنت ترى عجلة الزمن التي لا ترحم وهي تحفر بصماتها على ملامحك، وتقدم العمر قد ملأ وجهك بالأخاديد، الشئ الآخر الذي استرعى انتباهي هو أنني ومن خلال استعادة منشوراتي القديمة، وجدت أني قد تغيرت في كثير من النواحي، اختلفت كيفية رؤيتي للأشياء وتعاملي معها، حتى آرائي في الكثير من شؤون الحياة قد اختلفت، قناعاتي أيضا اهتزت في الكثير من المواضيع الجوهرية، نهى سنة ٢٠١٠ تختلف تماما عن نهى٢٠٢٤، فالاهتمامات تغيرت بشكل شبه كامل، أحيانا أطالع ما كتبته في الماضي وأنا مندهشة، هل هذا فعلا كتبته بيدي، فاضرب كفا بكف وأقول سبحان مغير الأحوال من حال إلى حال، وتأتيك ذكرى صداقتك مع فلان وعلان، وتفاجأ بأن الأمور قد اختللت تماما فأصدقاء الأمس لم يعودوا أصدقاء اليوم، وربما قد أصبحوا في عداد الأعداء، فقد نسفوا رصيدهم عندنا بالخذلان وقد تستغرب كيف أضعت زمنك مع مثل هؤلاء، ولكن تجد الجانب المشرق أيضا فهناك صداقات إسفيرية صمدت على مر السنين، وأناس لم نراهم ولكنهم اكتسبوا محبتنا واحترامنا واستمروا على ذلك ولم يخذلونا ولا لمرة واحدة، وفي خلال هذه المسيرة الإسفيرية، تمر بنا الكثير من الأحداث، هي التي تعيد ترتيب أولوياتنا وترتيب البشر نفسهم في حياتنا، بعض الأحداث تكون روتينية وعادية وبعضها يكون محكيا، يعمل غربلة كاملة لقناعاتنا وعلاقاتتا الاسفيرية، ولعل حرب رمضان هي الحدث الأضخم الذي شهدناه في حياتنا، بما جلبته من الدمار والتشرد والفوضى، فهي بدون شك قد قلبت حياتنا، مفاهيمنا وقناعاتنا رأسا على عقب، وعلى النطاق الإسفيري كشفت الأقنعة وأزالت الغشاوة عن أعيننا، فكم من أناس ارتضينا لهم مكانا عليا انكشفت حقيقتهم الشائهة لينزلوا بأنفسهم إلى الحضيض، جلبت المنشورات الإسفيرية كما من البشاعة والقبح أسفر عن نفوس وضيعة، أناس بلا مبادئ، مساومات مقززة في أمور كنا نعتبرها أساسية لا تقبل الرهان، وبالرغم من قباحة ما حدث إلا أن له الفضل في كشف الأقنعة وإعادة بصيرتنا المفقودة لنرى الأشياء والبشر كما هم حقيقة بدون رتوش وتجميل، وأعود لما قلت في بداية مقالي أهنى مارك على الفكرة العبقرية في استعادة ذكريات نفس التاريخ،،، نهى محمد الأمين أحمد