(لا تكن كصاحب الحوت)

بسم الله الرحمن الرحيم
في كتابه ( البوصلة القرآنية) قدم الدكتور أحمد خيري العمري تفسيراً لهذا الأمر القرآني للرسول صلى الله عليه وسلم ..يعتمد على تشابه الواقع الماثل أمامهما عليهما السلام..فيونس عليه السلام واجه المجتمع الآشوري بطبقاته العليا التي تحافظ على تميزها بظلمها ومراباتها باتخاذ آلهة لها وظائف محددة ..مجتمع مراب حد امتلاك من استدان ..وأغلبية مسحوقة تخضع للظلم المحروس بهذه الآلهة ..وتخضع فيه لرمي القرعة والخضوع لها حتى في القرابين..وهو ما واجه الرسول صلى العليه وسلم في مجتمع مكة..وجاء النهي وفقاً للعمري لأن يونس بن متى هرب من مواجهة الواقع وحيداً إلى السفينة ..لكن هروبه أوقعه في نفس ظلم مجتمعه..حيث هيجان البحر يعني أن أحد الآلهة لا يرغب في وجود أحد الركاب..فخضع إلى رمي الأسهم (فساهم فكان من المدحضين)..فرمي في البحر بآلية مجحفة لنفس المجتمع الذي هرب من مواجهته. وهروب يونس من المواجهة هو الذي نهى عنه الله رسوله صلى الله عليه وسلم .
ها نحن في بلادنا وقد انطوى عهد الرسل نواجه واقعاً يكاد يتطابق مع واقعهم.. طبقة تصعد باسم الدين وتفسد في الأرض ..وتسخره للسيطرة على رقاب الناس وتغتني به وتتخذ الشواهق من المباني وفواره السيارات وتصادر الدولة لصالحها.. يساندها فقهاء سلطان وتوصل بلادنا إلى درك سحيق..ويصبح المواطن فيه من فرط خضوعه واستسلامه لهذا الواقع ..كفقراء مكة ورقيقها..ظاناً أن في حرب هذه الفئة والثورة عليها تضييعاً لدين أتى في الواقع ليحارب هذه المظالم.. بل وتزداد درجة الخضوع باختلاق مخاوف من حروب وكأنها لا توجد..
لكن الذي يجب أن نعيه ..هو أن عدم مواجهة هذا الواقع سيظل يوقعنا تحت رحمة آليات هذه البنية..وليسأل كل منا نفسه..هل اختياره المسير بقرب الحائط قد عصمه من مفاسد النظام..هل رحمه من تفلت قوات أو أزاح عنه غول أسعار لا تفتأ تتصاعد كل يوم حتى راجت فينا طرفة تقول ..هل علينا ألا ننام ؟ هل من كان عاملاً بالدولة ..سلم من تخطي منسوبي النظام له في الترقي والجلوس في مقاعد إدارة لا يستحقها ؟ هل من هادن في أيام الجامعة وجد وظيفة بعد تخرجه ؟ ألم ير كيف تم توظيف المنسوبين وكيف امتطوا ما لم يحلم به أهلوهم ؟ لكن قطاعاً عريضاً من الشعب قد وصل إلى تلك القناعة..ومع ذلك ما زال هناك مترددون ..بل والكل متوجس ويسأل عن الوسيلة..ويرى خبث النظام ذكاء..وبطش أدواته قوة ..وينتظر أن تمطر السماء ثورة..بل ونذهب في تغبيش الوعي باعتبار سكون الشعب إدراكاً منه لسوء البديل..وكأنه يعيش في فردوس يخشى من فقدانه..إن التوجيه القرآني وإن خص به الرسول صلى الله عليه وسلم لمواجهة واقعه ذاك..يجب أن يعطينا المثال الذي نعتبر به ?وإلا نكون من الظالمين. فتيقن بضرورة الثورة ولا تكن من الظالمين
[email][email protected][/email]
مقالك حقيقة لا مراء فيها ، المشكلة أن كلا الطرفين متوجسين من بعضهما ، الشعب يخشي بطش النظام فيزداد خنوعاً ، و النظام يخشى ثورة الشعب فيزيد في بطشه ، و لكن هذه المعادلة غير الموزونة ستختل و الكفة لصالح العدالة فهي لا محالة آتيه ، بهذه الأجيال الحاضرة ام بأجيال آتيه ، أفضل ما في هذا الوضع هو ان التغيير لن يكون كسالف التغييرات التي حدثت ستكون أدهى و أمر و ستقتلع الباطل إقتلاعاً ..