مقالات سياسية

من هو العدو؟

إسماعيل عبد الله

ألوزير المعني بشئون الصحة في السودان كفؤ ومؤهل, ترك وظيفته المرموقة في منظمة الصحة العالمية
التي كانت تدر في جيبه آلآف الدولارات, وجاء لكي يخدم وطنه الحبيب إلى قلبه كعادة كل المهاجرين السودانيين, و قد صادف مجيئه حلول كارثة صحية عالمية أخضعت رقاب قادة عظام الدول لسطوتها, فمن الغريب أن يتعرض هذا الوزير إلى حملات شعواء مغرضة, لا هدف لها سوى كراهية النجاح وبغض الناجحين, رجلٌ كرّس حياته وجهده وعلمه للتنوير والتحذير والعمل من أجل صحة الإنسان العالمي, ثم المواطن السوداني الذي تاجرت بدمائه الفرقة المهووسة الباغية والبائدة, تجارة بائرة من وراء هذه الشحنات السالبة المستقصدة والمستهدفة لهذا الوزير المسئول الأول عن صحة وسلامة المواطن السوداني.

رئيس الوزراء الدكتور عبد الله آدم حمدوك, تخلى عن موقعه المرموق بمنظمة الأمم المتحدة بعد أن تدارس قراره المصيري هذا, بينه وبين أسرته الصغيرة ومجتمعه الكبير ورفقاء دربه في الفكر و السياسة والأدب, فعقد العزم على التضحية بوضعه المهني والوظيفي العالمي, لكي يأتي إلى بلاده العزيزة ليقدم لها ما يراه واجب و دين واقع على عاتقه يستحقه الوطن, لكن وللأسف فقد تعرض هذا الإبن البار بوطنه لعملية إرهابية تهدف إلى مسحه من الوجود, أيُ شعب هذا؟, عندما تعرض حمدوك لتلك الفعلة الخسيسة التي قصدت تيتيم أبنائه, قلت في نفسي لحظة غضبةٍ فائرة ثائرة لو كنت في مكانته الكبيرة تلك لما قدمت للسودان (ربّاً), ناهيك عن أن أكون وزيراً أو رئيساً لحكومته, لأنني حينها استشعرت غريزة الأبوة و مدى احتياج الأبناء لوالدهم في كل مراحل العمر.

ألقائد الأكبر للترسانة العسكرية السريعة و الداعمة في حكومة الدكتاتور خالف التعليمات, ورهن سلاحه وجيشه لأوامر المجتمع الثائر, لكنه مقابل ذلك العمل الوطني المشهود وجهت إلى صدره السهام المسمومة التي قصدت تجريده من الانتماء للوطن, ودشنت بحقه حملات إسفيرية رعناء تنضح بالكراهية العرقية والجهوية المقيتة والبغضاء والدعوات الصارخات, لإخراجه من عاصمة الوطن الذي فداه بالروح والدم والولد, رجلٌ وضعته الأقدار الإلهية على قمة هرم السلطة الثورية, و أبدى تعاوناً واضحاً و بذل جهداً وطنياً خالصاً للعبور بالبلاد إلى مستقبل أفضل, لكن ما تزال اللعنات غير المبررة تتابعه والطعنات المتتالية على الظهر تتفاقم وتلاحقه.

من هو عدو الشعب السوداني؟, هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟, أم أن التدجين الاستعبادي الذي زرعه المنحرفون في الوجدان الجمعي للشعوب السودانية ما زال باقياً؟, هل السودانيون في الأساس هم شعوب وقبائل جبلت على طاعة المستبد والخضوع للمغتصب؟, وهل هي مجتمعات بطبعها كارهة وباغضة لكل من يريد تحرير رقابها من سطوة الطغاة الهولاكيين,إذا كانت الإجابة بلا, لماذا حاربوا محررهم الأول (محمد أحمد المهدي)؟؟, ولماذا يتداول الناس هذه الأيام صورة جعفر نميري؟ ولماذا حتى يومنا هذا يمجدون هذا النميري؟ على الرغم من أنه هو أول رئيس سوداني أعدم المخالفين له في الرأي (الشيوعيين والجمهوريين)؟, ولماذا هو دون غيره من مهد الطريق للجماعة الإسلاموية المارقة لأن تسيطر على مفاتيح المال والسلطة في البلاد؟, ولماذا قبل لنفسه أن يكون أول قائد سوداني يرهن مصير البلاد لأجندة المحور العربي؟.

من عجائب هذا الشعب المسكين أن ذاكرته سمكية لا تحتفظ بالمعلومة التاريخية لمدة وحدة واحدة من وحدات قياس الزمن (الثانية), لذلك تم استغلاله ومايزال, من قبل المهووسين والموتورين والصفويين النخبويين الحاقدين أصحاب المصالح الشخصية والأجندات الذاتية, فالمهووسون استفزوا في هذا الشعب عاطفة الدين الجياشة ومن ثم سرقوا ثرواته وثوراته الوطنية, أما الموتورون فحرموه من معرفة ذاته و لعبوا دوراً فاعلاً كمغفلين نافعين تنفيذاً لأجندات رموز الهوس الديني, فجعلوا من آيات الله التامات تجارة رابحة بين أوساط مجتمعات وتجمعات صوفية تؤمن بالكرامات والخرافات والخوارق, أما الحاقدون فسوف نفرد لهم فقرة كاملة.

ألحاقدون في المجتمع السوداني ليس لهم ديدن ولا دين, ولاحزب سياسي ولا جغرافيا مناطقية ولا عرق أفريقي أو نسب عربي عباسي يجمعهم بالرسول الكريم, إنّهم أُس الداء وأساس البلاء وتجدهم مع كل طاغية يهيمون و تحت إمرة كل باغٍ يستجيبون, ينظفون بألسنتهم بلاط كل متجبر سلطان (البشير), ويحنون ظهورهم لركوب كل رئيس إنسان (حمدوك), لا يكترثون للأخلاق والأديان ولا للمباديء والإيمان, و يميلون كل الميل مع رياح من بيده الصولجان, إنهم آفة الكل الأماكن والأزمان, فاحذرهم يا حمدوك و يا حمدان ويا البرهان, ويا ابن الأكرمين أكرم السودان.

يقال أن الراحل الدكتور منصورخالد قال مقولة مهمة بعد رحيل الدكتور جون قرنق, وصفها المراقبون و المتابعون لمسيرة الخالد المنصور بأنها رسالةً يائسةً ومحبطةً حد الاستياء والأكتئاب, وهي: (السودان وطن منحوس), و العهدة على الراوي, السؤال:- لماذا نطق الرجل المنصور إبن الرجل الخالد بهذه المفردة الحزينة والقاسية على القلوب؟, وهو هذا المفكر والسياسي المرموق الذي عمل مع النميري وقرنق والبشير, الوحيد الذي أتيحت له فرصة أن يكون قريباً ومقرباً من أكثر ثلاثة شخصيات أثّرت في تاريخ السودان الحديث والمعاصر, وهو الأوحد من أبناء جيله الذي كان مقرباً للثلاثي المثير للجدل (نميري – قرنق – البشير).

إسماعيل عبد الله
[email protected]

‫5 تعليقات

  1. إسماعيل عبدالله ،
    إسمك فى أول القائمة السوداء ،
    قائمة المنافقين الذين يُطَبِّلونَ للمجرم حميتى ،
    وعنصريتك المقيته ،
    لن تمحوها إبتسامتك البلهاء ،
    حشرك الله مع حميتى فى الدرك الأسفل من النار .

  2. كما انتم تطبلون للبرهان
    لماذا حلال عليكم وحرام على إسماعيل..

    عنصريتكم المقيتة التي قصمتمم بها ظهر السودان
    سير وعين الله ترعاك يا بن عبدالله..

  3. مافي زول مكيفني في كتاب الراكوبة غير هذا السماعيين
    كلامه بره دبر عنر

  4. كاتب المقال اشاد باكرم ثم حمدوك
    واخيرا ذكر حميدتي..

    اشتم من رد المتداخل الأول ريحة الدولة العميقة

  5. اقتباس ( و تحت إمرة كل باغٍ يستجيبون, ينظفون بألسنتهم بلاط كل متجبر سلطان (البشير) ) أليس حميدتي الذي تشكره الآن الم يكن جزمة تحت البشير وهو الذي صنعه لحمايته ثم انقلت عليه لمصالحه الخاصة والخاصة فقط وطمعه بحكم السودان ، ولكن بينه وبين حكم السودان بعد المشرقين والمغربين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..