أخبار السودان

البشير وأسرته خط أحمر

أحمد يوسف التاي

كانت ولاتزال لدي قناعة راسخة أن الرئيس المخلوع عمرالبشير هو أكبر فاسد ومفسد، وكنتُ اعتبره رئيس عصابة أو زعيم مافيا وليس رئيس دولة كما كان يبدو في عباءة الرؤساء والملوك والأمراء، لذلك لم أندهش عندما تنامى إلى علمي أن نيابة أمن الدولة دونت في مواجهته بلاغين بتهمة غسل الأموال، وحيازة عملات أجنبية بطريقة غير مشروعة وذلك بعد أن ضبطت السلطات ملايين الدولارات واليورو بمنزليه، بالتأكيد سيسمع الناس عن ممارساته وفساده لم يكن يتصورونه أبداً في “أسد أفريقيا” ، و”هبة السماء”، و”راعي الإسلام والشريعة”…

ولم أندهش كذلك عندما سمعت رواية الأستاذ عثمان ميرغني التي نقلها عن بعض أعضاء المجلس العسكري حرفياً والتي تشير إلى تحريضه للجيش والأمن بقتل (ثلث) الشعب السوداني وفض الإعتصام بالسلاح ،ليبقى هو في سلطة سرقها في عتمة الليل وأهلها نائمون وتربع عليها ثلاثين عاماً ولم يشبع ولم يستغنى بعد، بل كان يريدها سلطة مدى الحياة كما أوحى إليه بعض شياطين الإنس من أعضاء المؤتمر الوطني من إخوانه الفاسدين الذين ما تمسكوا بهذا الفاسد إلا لثقتهم العالية في أنه هو الشخص المناسب الذي سيوفر لهم البيئة الملائمة لتفريخ الفساد وحمايته بالسلطة.

عندما أعلن الرئيس المخلوع الحرب على الفساد في الفترة الأخيرة، كنا ندرك أنها حرباً إنتقائية وتسويات و”دغمسة” وتصفية حسابات اقتضتها حالة رفض داخل حزبه لإعادة ترشيحه لانتخابات 2020 وليست هناك نية لحرب الفساد بشكل جاد، لذلك كان طبيعياً أن يتم استدعاؤنا بصورة متكررة إلى مكاتب جهاز الأمن وتحذيرنا وإيقافنا من الكتابة لمرات عديدة كلما اقتربنا من قلاع البشير المحصنة وذلك خوفاً من دخولنا إلى عُش الدبابير الذي يحرسه الرئيس المخلوع بنفسه ومن خلال بعض ضباطه الذين ما فتئوا يحذروننا ويهددوننا : (ابتعد عن الرئيس واسرته ونوابه،لا تصريحاً ولا تلميحاً ولاهمزاً ولالمزاً..!!!) بما يوحي أن البشير وأسرته ونوابه خط أحمر لايمكن الإقتراب منه حتى ولو امتلكت مستندات فسادهم، ومن عجب أن يُنصّب نفسه محارباً للفساد..

كنا ندرك أن القصة ما قصة محاربة فساد، لكنها صراع الأجنحة داخلية بين الفاسدين وما الحرب على الفساد إلا أحد أدواتها، إذ لا يُعقل أن يحارب نفسه وحاشيته،وفصيلته السياسية التي تأويه، وليس منطقياً أن يحاكم فاسد فاسداً…

ليس هذا فحسب ، فقد كان البشير يضيّق على دعاة الإصلاح أينما وُجدوا ويقرب الفاسدين ، ويحميهم ، ويُصعد الفاشلين ويمعن في ترقياتهم، ويحارب الأقلام الشريفة الحرة التي تحارب الفساد بأمانة وشرف ومسؤولية وتهدم قلاعه وتجرده من الثياب ليراه الناس على حقيقته، وكان قرار مصادرة الصحف، ومنع الصحافيين الأحرار من الكتابة يصدر منه شخصياً..

سبحان الله.. بالأمس يخاطبنا على أنه القيِّم على أمر دولتنا والمسؤول عن أمننا وتأمين عيشنا ومستقبلنا وكل من خالفه عميل وخائن ومندس ، واليوم متهم بغسل الأموال وحيازة العملات الأجنبية والمحلية بطرق غير مشروعة، وماخُفي أعظم بكل تأكيد ، وهو الذي سفك دماء الأبرياء من أمثال “مجدي” و”جرجس” بتهمة الإتجار بالعملات الأجنبية… اللهم هذا قسمي فيما أملك

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الانتباهة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..