سيناريو احتلال «أبياي»!ا

معاوية يس

سيناريو احتلال «أبياي»!

ماذا بقي من جسد السودان ليواصل المحفل الذي يحكمه اللعب بالنار في أوقات حرجة من تاريخ السودان الحديث؟ لقد تهاوت دعاوى تلك المجموعة الصغيرة المتحالفة من مدنيين وعسكريين الواحدة تلو الأخرى، عبر عقدين من الزمان، منذ ادعوا أنهم انقلبوا على حكومة الصادق المهدي المنتخبة ديموقراطياً لئلا يستفحل انهيار العملة الوطنية في مقابل الدولار الأميركي، حتى مقولة صنع السلام ووقف الحرب الأهلية، عبر اتفاق نيفاشا الذي رفعت طوال سني التفاوض عليه كل الرايات البيضاء، فتنازلت عن الشطر الجنوبي، وهي تبكي على أحجية «الوحدة الجاذبة»، وتخلت عن المناطق التي اعترفت بأنها «مهمّشة»، حتى اتضح بعد سنوات أن كلاً من المناطق الثلاث حصلت في اتفاق الاستسلام الموقَّع في كينيا، العام 2005، على حق الذهاب إلى تقرير المصير من خلال آلية ليس للعالم بها عهد، تسمى «المشورة الشعبية».

وظلت هذه المجموعة تقدم الذرائع والتبريرات لكل مشكلة تدهم البلاد بسبب سوء تدبيرها وتبديدها أموال الشعب، وكلما تلقت ضربة من خصومها صاحت أن أعداء الشريعة الإسلامية يستهدفون أمن البلاد، حتى لم يعد أحد داخل البلاد وخارجها يصدق أنهم يمكن أن يقنعوا أحداً بأن الدين المتمكِّن في نفوس السودانيين منذ قرون عدة في خطر.

وفيما تغلي بلدان المنطقة المحيطة بالسودان بالثورات والاضطرابات، ولم يبقَ سوى شهر ونيّف على إعلان استقلال الشطر الجنوبي من السودان، حسبت الحكومة أن الاستمرار في عاداتها القديمة إنما هو دهاء، فهاهي تغزو منطقة أبياي التي اعترفت بتوقيع أقطاب محفلها، أمام ممثلي الدول الكبرى التي تتربَّص بها، بأنها منطقة مهمشة، وبأن من حق أهلها أن يتم استفتاؤهم على حق تقرير مصيرهم، متذرعة هذه المرة بورقتها القديمة في اللعب على حبال العرقيات، فزعة من ذهاب المنطقة الصغيرة الغنية بالنفط إلى الدولة الجنوبية، متجاهلة أن احتلال أبياي هو الفخ والذريعة اللتان تبحث عنهما القوى الغربية الكبرى التي «هندست» اتفاق استسلام محفلهم في كينيا، لتخوض ضده معركة فاصلة تريح العالم من هذه المجموعة التي تحركها المصالح والحزبية المتطرفة.

ولأن المحفل الذي يحكم الدولة الشمالية السودانية يرتجل سياساته وخطواته من دون درس ولا تخطيط، فقد استفاق بعد احتلاله منطقة أبياي على مشهد الرئيس الجنوبي الفريق سلفا كير ميارديت وهو ينعت من سماه ساخراً «رئيسيMy President» بالكذب، وهو مشهد تناقلته شبكات التلفزة الفضائية في بلدان العالم كلها.

فجاء قرار التراجع، كبقيــة قرارات الاستسلام، كأنما وقف العمليــات العسكرية هناك سيغيِّر في أحقــاد القوى الغربية الضامنة للاستسلام شيئاً، وكأنه سيزيل شحناء السودانيين على الحكــومـة.

حتى لو نزع الاستسلام لقرار وقف العمليات العسكرية في منطقة أبياي العزيزة على قلوب السودانيين شمالاً وجنوباً، فإنه لن يغيِّر في مشهد الغليان والاحتقان في السودان الشمالي شيئاً.

إذاً، سيناريو احتلال أبياي لن يغيِّر مقدار حبّة خردل. الاحتقان باقٍ باقٍ. الغضب يعتمل في النفوس من جراء صعوبات المعيشة والغلاء والضرائب الباهظة وتعسُّف الإداريين. والشعوب في كل مكان تعرف الآن أن نظام التطرف والشريعة المسيَّسة يلجأ إلى عرقياته وقومياته ليضمن استمرار إمساكه بالسلطة والثروة، وأن هدفه الحقيقي هو البقاء والثروة، وليس علينا – نحن معشر السودانيين – أن نعتذر من العالم والعرب والمسلمين عن شيء، إذ إننا نصطلي مثلهم بالنظام الذي اختطف إرادة السودانيين الحقيقيين المحبين للسلام والتقدم والتنمية والبناء، فقد كتب الله علينا ذلك القدر. اللهم إنا لا نسألك رد قضائك، بل اللطف علينا، إنك سميع مجيب، تجيب دعوة من دعاك من عبادك المؤمنين.

كاتب وصحافي من أسرة «الحياة».

[email protected]

تعليق واحد

  1. اخى معاوية لك منى كل التقدير نحن نعيش فى بلد كانت ازمات الخبز والبنزين مستفحله لكن ماكان فى واحد نام جعان ولا ماوصل الى عمله باى حال من الاحوال كانت مشاكلنا فىخبز وبنزين واشياء ثانوية بالنسبة لانفصال وطن . انفصال الوطن دى المشكلة الكبرى وجريمه يعاقب التايخ والاجيال القادمة واتنمى لوكانت مشاكلنا ذى ماكانت فى عهد الديمقراطية كنا لقينا ليها حل لانها مشاكل بسيطه خالص

  2. شكرا استاذ معاوية
    لقد اصبت كبد الحقيقة ، فالنظام اعتقد ان
    الشعب _ يريد _ ساحات الفداء !!

  3. يا معاوية لم تكن هناك صفوف في عهد الديقراطية فقد كان السكر والمواد التموينية متوفرة
    بل كان جماعة المحفل كما تسميه يشترون المواد ويكدسونها ويلقون بعضها في البحر لكي يخلقوا الازمات !!!!! ارأيت كم كانوا خنازير ؟
    حكاية الصفوف كانت في عهد النميري وهم كانوا شركاء اساسيين فيه
    يا معاوية لا تؤسس حديثك على اكاذيبهم التي درجوا على ترديدها
    قبح الله وجوههم

  4. كل ما ورد اعلاه صحيح
    بل اضيف الية ان هذا النظام ذاهب بالبلد الى مايريد الاخرون من اعداء
    بل الماسونية تسيطر علية سيطرة كاملة ولايخطو خطوة والا صحيفة الماسونية الكبرى (الانتباهه) تبارك تلك الخطوة .

  5. اولا مافي داعي لصورة ….ده
    ثانيا نخبركم بان مخازي الانقاذ لا تعد
    ومناوراتهم هي جهد المقل العاجز الوجل
    والتخبط يجلس مع رساميهم ليشكل خريطة الوطن
    كثيرة التغيير وابطمئنان علي عدم المحاسبه
    الفاتحه علي وطن فيه هذا الجيل الذي تتفتح ازهار
    الربيع حوله وهو يبايع الشيطان لقهر الوطن
    وللاجيال الجايه رساله من الانقاذ مفادها انكم سوف
    تكونون جبناء الكره الارضيه لجينات الرعب الحايديكم ليها
    الجيل الحالي

  6. اي عمليات عسكرية في الدنيا لديها بداية ونهاية لذالك اعلان انتهاء او وقف العمليات العسكرية لا يعني الخوف او الهزيمة ولكن يعني غير ذالك تماما يعني ان النصر قد تم والحمدلله ولا حوجة لها وتبدا بعد ذالك حسب الموقف الماثل فيا اذيال الحركة الشعبية من امثال عرمان والحلو وعقار ليس لديكم حق الان لا في الجنوب ولا في الشمال اذهبوا من حيث اتتيتم من تاالفنادق والبارات الاوربية فان الشمال قد خنتوهوا ولن يغفر لكم خيانته والجنوب قد اخذ مايريده منكم وليس له اي حوجة فيكم

  7. كيف سيكون شكل نافع عند القبض عليه
    ماهو تعليقه عندما يقبض علي بشبش
    كم ستستمر مظاهرات طلبة الابتدائيه
    المارقنهم غصبا عنهم
    استنكارا للقبض علي بشبش وهارون
    كم ستتوقف المحليات واقسام البوليس
    وادارات الخدمه المدنيه المليانه كيزان واختلاسات
    اما الشعب فسيزعل زعل شديد خلاص لحدي ما
    يعلنوا صيام جماعي بفرض من جمعية القران الكريم
    وبامر من وزراء الدوله ال934 يقف كل الكيزان بكل
    سواد قلوبهم في الساحه الخضراء يدعون للانتقام
    من اوكامبو والدول الساعدتو للقبض علي بشبشهم
    سيدعو كل واحد منهم بان يكون القبض حقيقه لانه سيخلفه
    وانني انا الاحق بعده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..